ناقد مغربي يناقش تمثلات الجسد الأنثوي في الكتابة النسائية
آخر تحديث GMT21:44:21
 لبنان اليوم -

ناقد مغربي يناقش تمثلات الجسد الأنثوي في الكتابة النسائية

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - ناقد مغربي يناقش تمثلات الجسد الأنثوي في الكتابة النسائية

الرباط ـ وكالات
إن الاهتمام بالكتابة النسائية يتطلب التسلح المعرفي بالقضايا "الجندرية"، بما هو الشكل الأولي للعلاقات الدالة على السلطة، خاصة أخذ الحيطة والحذر مما تنتجه اللغة من معاني تحجرت في المعجم الذكوري وفي سياقاته، فانعكست تلك الهيمنة على قراءة النص النسائي، فتمثلت المرأة هامشا في اللغة والخطاب. والنقد الأدبي النسائي وهو يوظف مقاربة النوع الاجتماعي ينطلق من كون "الجندر" مفهوم يهيكل الإدراك والتنظيم الرمزي لسائر الحياة الاجتماعية، من خلال: الرموز والطقوس الثقافية، والمفاهيم الناتجة عن الدلالات والمعاني الرمزية الواردة في مختلف المذاهب الدينية والعلمية والتعليمية التي ترسم خريطة مختلف التمثلات من جهة، وتحدد بشكل يقيني وموحد معنى كل من الرجل والمرأة والمذكر والمؤنث، من جهة ثانية. يحقق النقد الأدبي النسائي انسجامه مع النقد الثقافي، بما هو نقد يستطيع تحويل الرؤية المعرفية للمرأة إلى علاقات نصيّة، نقد يرصد الأنثوي الذي يشكل وجوده المُفكر فيه خلخلة لثقافة النسق المهيمنة، وهو الأنثوي الذي يشغل الهامش الكامن في فجوات هذه الثقافة، إنه نقد يستمع ويقرأ النص الأدبي للمرأة بمرجعية نقدية منفتحة على كل الإطارات النقدية السابقة، فهو يصغي إلى الشفرات المؤنثة المبثوثة في النصوص، ويدرك إيحاءاتها التي تعلن عنها مجمل الفروق الجنسية، لا فيما يتعلق ببنائها المادي الفيزيولوجي أو ببنائها الثقافي والاجتماعي، وخاصة رصد الموقف "الجندري" للأدب المتضمن في لاشعور النص، الشيء الذي يسمح لنا بالدخول إلى المكون الأدبي عبر عدة تساؤلات منها: هل هناك حقا كتابة للمرأة؟ هل هناك تقاليد أنثوية للكتابة النسائية؟ هل من الممكن تحديد الآليات التي تخضع لها هذه الكتابة؟ لا شك أن الأسئلة الجديدة التي أثارها ويثيرها هذا التِّزْواج بين الأدب والنوع الاجتماعي الذي ينخرط هذا الكتاب في بناء إرهاصاته، لمن شأنه أن يُغني الخطاب الأدبي وينعكس بالإيجاب على الحقل المنهجي. لقد اعتمد النقد الأدبي النسائي على ما يثيره النص لدى القارئ من تساؤلات تهم السياق المرجعي الرمزي واللغوي والتاريخي والسياسي والثقافي والاجتماعي، في سبيل تمكين القارئ من فهم الإشكال الأساسي الذي يثيره الطرح المؤنث داخل النص وخارجه، وخاصة الكيفية التي ينفلت بها الإبداع الأنثوي من الرقابة الذكورية بخلق نص مختلف، نص تحتي لا ينكشف إلا لقارئ جديد، بإمكانه تتبع نقد السيطرة الذكورية. حيث لا يوجد في النص النسائي جوهر مركزي، بل تشظي وعدم انتظام، على خلاف ما صرحت به البنيوية التكوينية، من أن النص يملك بنية ذات مركز يحتلها الذكر مهيمنا. إن مفهوم "الجندر" بالرغم من كونه مفهوما إشكاليا، يسهٍّل على الدارس عملية فك رموز المعاني والدلالات التي تمنحها الثقافات للفوارق الجنسية حيث يمكن استعماله أداة تحليلية، فبالإضافة لانتقاده للتصورات السائدة والمؤسسات والقيم الاجتماعية والثقافية، بإمكانه أيضا بناء معارف وتصورات جديدة في الأدب والفن والفلسفة والقانون. ويلامس كتاب "النقد الجندري: تمثلات الجسد الأنثوي في الكتابة النسائية" للدكتور عبد النور إدريس، المنحى النقدي لقضية الخصوصية والاختلاف في كتابة المرأة، ويعتبر مقاربـة النوع الاجتماعي (الجندر) مدخلا لفهم تعقـيدات التواصل ما بين أشكال مختلفة من التفاعل الإنساني، لما له من تأثيرات وتمظهرات في فعل التواصل الرمزي الكتابي، فمفهوم النوع الاجتماعي قادر على تأويل الاختلافات بين الرجل والمرأة على أساس أنها نتاج للسيرورات التاريخية وتقسيماتها ترجع إلى رموز اجتماعية تحدد كل جنس (ذكر وأنثى) داخل ثقافة معينة. إن الحدود والفواصل التي يقيمها المجتمع بينهما حدود هشة، واهية غير ثابتة أمام زحزحتها، ويلعب مفهوم النوع هنا دورا رائدا في كشف ثغرات الدراسات الأدبية السابقة التي اعتبرت الكثير من السمات خاصيات أنثوية طبيعية، وأقامت عليها فرضياتها النظرية، وهي ليست سوى صفات اكتسبتها النساء وتقمصنها عبر سيرورة بالغة التعقيد، يتداخل فيها ما هو فردي بما هو جماعي داخل كل ثقافة معينة، حيث: "اتخذ المفهوم وظيفة نقدية، كاشفة عن الثغرات في الدراسات الأدبية والاجتماعية والسياسية والعملية". هذا دون أن نغفل أن مفهوم النوع الاجتماعي (الجندر) لا يلغي ولا يهمش الفوارق البيولوجية القائمة بين الرجل والمرأة، على اعتبار أن هذه الفوارق مبرمجة في طبيعتنا كبشر. وتعتمد ممارستنا النقدية المعتمدة على هذه المقاربة على تفكيك الخطاب الذكوري، بالعمل على خلخلة المفاهيم التي تجعل المرأة صوتا مخنوقا وسط دوائر متعددة من الحجب والمنع، وسط العديد من الأشكال المجتمعية المشمولة بالثبات: الرموز والطقوس والتقاليد والعادات والثقافة الأبوية المكتسبة، التي تحول دون انبثاق الصوت الخاص للمرأة. إن النقد الأدبي النسائي الذي سننحت له اسما تركيبيا يجمع بين النقد الأدبي النسائي ومقاربة النوع الاجتماعي مع توظيف كلمة جندر، التي تم شرحها سابقا، إحالة عليه وهو: النقد الجندري الذي يتخذ إبداعية المؤنث موضوعا له، ويبحث في النص المؤنث عن الوعي الذي يفيض في حناياه، وهو ينوب عن المرأة في التعبير عن صمتها، مستجليا فكرة تمثيل المرأة الكاتبة لذاتها ولبنات جنسها. إن المرأة مُحاطة بالعديد من الإنشاءات الثقافية والسياقات التقليدية الضاغطة التي تجعلها غير قادرة على تمثيل نفسها فبالأحرى باقي النساء، وذلك بسبب تعدد الحُجُب وسمك الستائر الأيديولوجية التي تقف حائلا أمام الكاتبة لزعزعة بعض قناعات المجتمع الذكوري، قناعات غذت مسلمات وبديهيات مع مرور الوقت، وبذلك فقد وضعت المرأة الكاتبة بسبب إصرارها في فعل الكتابة، يدها على موضع جرح النساء. فكيف تعبر المرأة عن الفرح والحمل والمعيش والزمن ومدة عادة النساء الشهرية؟ إن اللغة تعمل على نقل وبلورة الأفكار والممارسات المتعلقة بالنوع الاجتماعي، فاللغة المتداولة والمكتوبة والمبثوثة في حركات الجسد، لا تزال تحمل علامات الذكر الذي رسّخ فيها معطيات مذكرة، مع إقصاء عالم المرأة على المستوى اللسني، وتكمن إحدى إشكالات اللغة في أنها توجد ضمن أعمدة ثقافة المذكر من حيث أنه يعتبرها طريقته الفضلى للتموضع في بؤرة كل نقاش نظري أو فكري، كما تعتبر أحد أهم أدوات هذه الثقافة للاستمرار وإعادة إنتاج ذاتها، وهذا الإحساس بذكورة اللغة مستنتج من الإحساس بذكورة الثقافة التي تعتبر مجالا حيويا وطبيعيا لهيمنة النظام الأبوي، ولهذا لم تستطع المرأة إلا أن تبادل اللغة بالجسد، فحتى وإن شاركت مع الرجل في التعبير العادي، فهي تتفوق عليه في تعبيرات الجسد، فاللغة المباشرة للجسد تعتبر إحدى أسلحة المرأة للدفاع عن وجودها المباشر أمام سلطة المؤسسة اللغوية السائدة، وضد الذوبان والانصهار المعلن والخفي في صف الذكورة. فيقابل احتفاء المرأة بجسدها ولغاته، احتفالية الرجل بفحولته التي يعبر من خلالها عن كينونته وتفوقه في مدارج السلطة المعرفية والثقافية، ولهذا من حق المرأة أن تنظر لقضية الاختلاف بمفهوم التمايز لا بمفهوم المساواة ويأمل النقد الجندري الذي نتبناه أن يحدث خطوطا جديدة في هندسة النقد الأدبي الذي ظل يستعمل مفاهيم الموضوعية في التحليل والمقاربة في تعاطيه مع كتابة النساء، من حيث أن الخطاب النقدي العربي مُورس في غالبيته من طرف الرجال الذين عبّروا عن أيديولوجية ذكورية مركزية، حاولت مناقشة الكتابة النسائية من معيار المساواة، على حساب الخصوصية والاختلاف والتمايز. هذا الخطاب إذ بجهله مسألة الاختلاف الجنسي، إنما يؤكد ضعف خطابه ورؤيته ومحدودية تصوره لأدب المرأة، مما يعكس بعض عوائقه المعرفية والتاريخية. إن النقد الجندري في سياق طرحه لإشكالية الأدب النسائي يجعل من مشروعية الاختلاف الجنسي وأثره في فعل الكتابة مبحثا مستقلا، وهو بذلك يسعى إلى إحداث منافذ جديدة في الدراسات والسرديات النسائية، نظرا لما يحمله النص النسائي من موقف فكري اتجاه المؤسسة الرسمية وسلطة المجتمع وهيمنته. وتبعا لذلك فقد تم توزيع محتويات الكتاب الصادر حديثا عن دار فضاءات للنشر والتوزيع بعمَّان في 232 صفحة من القطع الكبير إلى فصول وعناصر فرعية، وقد أوردنا ماهو نظري لعلاقته بما هو تطبيقي.
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ناقد مغربي يناقش تمثلات الجسد الأنثوي في الكتابة النسائية ناقد مغربي يناقش تمثلات الجسد الأنثوي في الكتابة النسائية



الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 14:07 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

فستان الكاب لإطلالة تمنح حضوراً آسراً في السهرات
 لبنان اليوم - فستان الكاب لإطلالة تمنح حضوراً آسراً في السهرات

GMT 14:33 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

رحلة إلى عالم الألوان اكتشف روعة الشفق القطبي في النرويج
 لبنان اليوم - رحلة إلى عالم الألوان اكتشف روعة الشفق القطبي في النرويج

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 18:36 2025 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات النجمات تخطف الأضواء في حفل Fashion Trust Arabia 2025
 لبنان اليوم - إطلالات النجمات تخطف الأضواء في حفل Fashion Trust Arabia 2025

GMT 18:00 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر
 لبنان اليوم - وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 18:34 2025 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

دليل عملي لغسل الستائر في المنزل بسهولة وفعالية
 لبنان اليوم - دليل عملي لغسل الستائر في المنزل بسهولة وفعالية

GMT 04:11 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

البرج الطالع وتأثيره على الشخصية والحياة

GMT 16:08 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الأمير فيصل بن فرحان يترأس وفد السعودية في قمة "بريكس بلس"

GMT 07:38 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل 10 عطور رقيقة للعروس

GMT 19:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الأردني محمد الدميري يتفوق على السوري عمر السومة

GMT 19:02 2022 الجمعة ,07 كانون الثاني / يناير

ساؤول يتطلع إلى استعادة أفضل مستوياته مع تشيلسي

GMT 20:30 2021 الإثنين ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أثيوبيا تنفي شنّ هجوم على السودان وتحمل متمرّدين المسؤولية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon