من تونس إلى الدوحة

من تونس إلى الدوحة

من تونس إلى الدوحة

 لبنان اليوم -

من تونس إلى الدوحة

بقلم:بكر عويضة

سبعة وثلاثون عاماً تفصل، زمنياً، بين عمليتي اغتيال إسرائيليتين نفذتهما تل أبيب على بعد آلاف الأميال من شواطئها، قالت عبرهما إن ذراع جهاز «الموساد» يستطيع الوصول حيثما شاء، وإن ساسة إسرائيل غير معنيين بتجاوز كل الأعراف والقوانين الدولية. في أولى العمليتين جرى اغتيال أحد القادة المؤسسين لحركة «فتح»، وهو القيادي البارز خليل الوزير (أبو جهاد)، المُسمى «أبو الانتفاضة» فور اندلاعها شتاء سنة 1987، ثم حامل لقب «أمير الشهداء»، بعدما تَمَكّن «الموساد» منه يوم الثامن عشر من أبريل (نيسان) عام 1988، على مرأى ومسمع من زوجته السيدة انتصار، وأفراد أسرته، في منزله بتونس.

ثانية العمليتين كانت الغارة على الدوحة الأسبوع الماضي. واضح للجميع أن إسرائيل في الحالتين ارتكبت العدوان السافر ضد تونس وقطر بذريعة أن هدفها كان قادة حركة «فتح» في الأولى، وقيادات حركة «حماس» في الثانية. بيد أن الرد العربي - الإسلامي الوارد في البيان الختامي لقمة الدوحة، أصاب حين شدد على رفض هذا الزعم، ونبَّه إلى خطورة غياب تصدٍّ دولي فعال لاستمرار عربدة حكومة بنيامين نتنياهو في المنطقة ككل، خصوصاً إزاء وحشية أفعال الإبادة الجماعية على أرض قطاع غزة طوال ما يقرب من عامين.

الإقرار بحقيقة تَفوّق أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وفي مقدمها «الموساد»، ليس مجرد «انبهار» بقدرات إسرائيل، كما يروق للبعض وصفه، بل المُفترض أن يمهد الطريق أمام تعامل أكثر وعياً، وأفضل تطوراً، مع هذا الخطر. أما بات واضحاً بعد كل عمليات إسرائيل الخارجية ضد قيادات الفصائل الفلسطينية، حيثما أقامت، منذ اغتيال محمد يوسف النجار، وكمال ناصر، وكمال عدوان، في لبنان عام 1973 خلال «عملية فردان»، أن هذا الخطر سوف يظل قائماً، ما دام الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي ظل مستمراً بلا حل؟

بلى. المُفترض أن قيادات الفصائل الفلسطينية بمختلف تياراتها تدرك هذا الواقع جيداً. إنما، في الآن ذاته، حان أيضاً أوان إدراك ضرورات جديدة بدأت تفرض وقائع مختلفة على الأرض. ربما، من منطلق التذكير، يمكن استحضار مثال يوضح كيف تعاملَ الزعيم الراحل ياسر عرفات مع ما استجد من ظروف بعد غزو عراق صدام حسين للكويت (1990)، وانعقاد مؤتمر مدريد في العام الموالي. لقد وضع جانباً أبو عمار حقيقة أن إيهود باراك قاد بنفسه «عملية فردان»، وهو أيضاً الذي أشرف على عملية حمام الشط في تونس، التي قضى فيها أبو جهاد. كان بوسع عرفات أن يضع شرط عدم التفاوض مع باراك تحديداً، لكنه لم يفعل.

يبقى القول إن قمة الدوحة أدت غرض تأكيد التضامن عربياً وإسلامياً مع قطر، ومع فلسطين؛ القضية والشعب. الآن بات مطلوباً من قادة «حماس»، وغيرهم في التيار الفلسطيني المعارض للحلول المرحلية، إدراك الحقائق الجديدة التي بدأت تفرض نفسها على أرض الواقع، بعد هجوم «طوفان الأقصى»، ومِن ثم بدء تعامل سياسي مختلف عما سبق. من دون هذا التبدل، لن يتغير شيء، وسوف تطول وتزداد آلام ومعاناة المسحوقين في قطاع غزة، وكل المتحملين مآسي تبعات ذلك الهجوم، داخل فلسطين وخارجها.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من تونس إلى الدوحة من تونس إلى الدوحة



GMT 19:59 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

عودوا إلى دياركم

GMT 19:58 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

عفونة العقل حسب إيلون ماسك

GMT 19:57 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

المفتاح الأساسي لإنهاء حرب السودان

GMT 19:56 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

أميركا تناشد ‏الهند وباكستان تجنب «الانفجار المفاجئ»

GMT 19:55 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجيير الهزيمة

GMT 19:53 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا والخطر على الهوية الوطنية والسياسية

GMT 19:52 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

أميركا... «أطلس» يُحجّم ومونرو يُقدّم

GMT 19:51 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

الهجرة إلى التاريخ في زمن الهزائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 15:48 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف

GMT 09:49 2022 الجمعة ,11 آذار/ مارس

عطور تُناسب عروس موسم ربيع وصيف 2022

GMT 16:41 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لتناول غذاء صحي ومتوازن في أماكن العمل

GMT 03:47 2012 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

تأجيل الاتفاق على الرقابة المصرفية لمنطقة اليورو

GMT 05:56 2012 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية الأردني: سنعالج ملف العمالة الوافدة كلها

GMT 08:55 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد الفحم للشعر وطريقة عمل قناع منه

GMT 00:39 2019 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

نتائج مثيرة لما بحث عنه مستخدمو الإنترنت على "غوغل" في 2019

GMT 10:01 2022 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

أفكار في الديكور للجلسات الخارجّية الشتويّة

GMT 15:28 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

برج الحصان..ذكي وشعبي ويملك شخصية بعيدة تماما عن الصبر

GMT 18:44 2019 الخميس ,18 تموز / يوليو

إتيكيت وضع المكياج في الأماكن العامة

GMT 19:26 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

المصائب تتوالى على سان جيرمان أمام ليل
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon