بين الأدب والسياسة

بين الأدب والسياسة

بين الأدب والسياسة

 لبنان اليوم -

بين الأدب والسياسة

عمار علي حسن

قبل سنوات وجّه أحد الصحفيين سؤالاً لى: كيف تحافظ على التأليف فى الأدب والسياسة على حد سواء؟ وهل ترى أن المجالين منسجمان أم متنافران؟

ويبدو أن الإجابات التى تضمّنها كتابى «النص والسلطة والمجتمع: القيم السياسية فى الرواية العربية» والذى هو فى الأصل أطروحتى للدكتوراه لم يشف غليل السائل ولا من يفكر مثله، ويحذو حذوه، وينتظر إجابات أوضح، رغم أن الكتاب، المشار إليه، طرح فى معناه ومبناه سؤالاً عن إمكانية تأسيس «علم سياسة الأدب» على غرار «علم اجتماع الأدب» و«علم اجتماع الرواية». ويبدو كذلك أن رواياتى التى تدور فى عالم بعيد عن السياسة وتنتمى إلى العجائبية والغرائبية مثل «شجرة العابد» و«جبل الطير» لم تصل إلى سائلى.

وعموماً فقد انتبهت إلى تصورات ترى أن بعض الأدب هو نوع من «الخيال السياسى»، دون أن يهمل هذا التصور ضرورة ألا يتحول الأدب إلى أيديولوجيا أو «عقيدة سياسية» ووعظ وبيان أو منشور سياسى، فمثل هذا يُفقد النصوص الأدبية، شعراً ونثراً، كثيراً من جماليتها وعفويتها وبُعدها الوجدانى العميق.

لهذا ينتابنى أحياناً شعور بأننى فى حاجة ماسّة إلى تأليف كتاب عن «الخيال السياسى» بما يلبى نداء داخلى، لكن الحقيقة تتعدى هذا إلى اقتناع يترسخ لدىّ، ولدى آخرين، بمرور الوقت، فى أن فقر الخيال السياسى فى الحياة العربية العامة من العناصر الخفية التى ساهمت فى تردى الأحوال على هذا النحو، وأن الفجوة التى تتسع بيننا وبين الغرب لا تقتصر على التقنية والحداثة فقط إنما الخيال السياسى أيضاً.

وإذا كنا قد التفتنا إلى الأولى والثانية فإن الأمر الثالث غائب لدينا مع أنه يلعب أحياناً دور القاطرة التى تجر الاثنتين. فخيال العالم الذى يفكر فى التقنية، والفيلسوف والمفكر والمثقف الذين يفكرون فى الحداثة يحتاج فى أغلب الحالات إلى سلطة سياسة ذات خيال حتى تحمل ما تصوره كل هؤلاء أو تحميه أو تمده بأسباب القوة التى تمكّنه من أن ينتقل من الرؤوس والأفئدة إلى أرض الواقع.

ورغم أننى من الذين يعتقدون فى قدرة المجتمعات فى حد ذاتها على أن تمد الخيال التقنى والفكرى زخماً يساعدهما على العيش والتمدد والانتقال من عالم الأحلام إلى عالم الحقائق، فإن النظرة الواقعية فى تجارب الأمم الأخرى، تبرهن على أن السلطات التى أنتجها العقد الاجتماعى فى الغرب، والتى تسعى طيلة الوقت لحيازة رضا الشعوب، مارست دوراً مهماً، بامتلاكها خيالاً سياسياً، فى تطوير المجتمعات عبر الاهتمام بالعلم والمعرفة والنظر الدائم إلى المستقبل.

لا يعنى هذا أننى سأعمل فقط حين أعكف على تأليف كتاب فى «الخيال السياسى» على المساهمة فى تشييد جسر آخر بين الأدب والسياسة، فهذه ليست المسألة الأساسية، لأن الأدب، فى الرواية السياسية، يقدم هنا كينبوع واحد من ينابيع الخيال السياسى، علاوة على أن الكتاب يتوخى فى تبويبه وتساؤلاته وإشكاليته الرئيسية والنتائج والخلاصات والتوصيات التى ينتهى إليها المنهج العلمى، الذى يعلو فيه البرهان على البيان والعرفان.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين الأدب والسياسة بين الأدب والسياسة



GMT 17:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ميلاد مجيد محاصر بالتطرف

GMT 17:16 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكومة العالم

GMT 17:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

هل انتهى السلام وحان عصر الحرب؟!

GMT 17:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟

GMT 17:13 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مقتل الديموغرافيا

GMT 17:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مبدأ أثير لدى ساكن البيت الأبيض

GMT 17:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماذا تبقى من ذكرى الاستقلال في ليبيا؟

GMT 17:10 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظاهرة الأصولية وحالة «التأقلم الماكر»

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon