تجديد علوم الدين 2  4

تجديد علوم الدين (2 - 4)

تجديد علوم الدين (2 - 4)

 لبنان اليوم -

تجديد علوم الدين 2  4

بقلم : عمار علي حسن

ويمكن طرح الحقول المعرفية التى يجب تجديد مساقاتها أو إدخالها للدراسة فى الكليات التى تُعنى بعلوم الدين، على النحو التالى:

أ- الأديان المقارنة: فدراسة المشتركات والمختلفات بين الأديان، فى العقائد والشرائع والتعاليم والقصص والمرويات، ذات أهمية كبرى فى فهم جوهر كل دين على حدة، ثم جوهر الأديان كلها. فالجهل بأديان الآخرين، لا سيما إن كانوا يعيشون معنا، يذكى الانفصال الشعورى فى المجتمع، ويزيد من احتمال الفتن، لأن القائمين على الوعظ والدعوة والإرشاد يعمقون من هذا الانفصال، ويزيدون من تلك الفتن، عبر خطاب نرجسى أو شوفينى يحمل الازدراء أو الاستهانة بدين الآخر.

كما أن الأديان المقارنة يجب ألا تقتصر على الأديان الإبراهيمية الثلاثة (الإسلام والمسيحية واليهودية) بل الأديان الأخرى، وكذلك المعتقدات والمذاهب التى انبثقت عن الدين الأصلى، واقتنع بها جمهور من الناس، ورسخت فى التربة الاجتماعية ردحاً من الزمن.

وهذا المبحث أهمل طويلاً على أهميته، وهنا يقول الرومانى ميرتشا إليادة وهو واحد من أشهر دارسى تاريخ الأديان: «لنعترف صراحة بالأمر. إن تاريخ الأديان، أو الأديان المقارنة، لا يقوم إلا بدور متواضع فى الثقافة الحديثة.. ليس لأن مؤرخى الأديان اليوم هم أقل شأناً من أسلافهم المشاهير، بل لأنهم، ببساطة، أكثر تواضعاً منهم، بل أشد انعزالاً وأكثر خفراً».

وإذا كان هذا فى الغرب الذى قطع شوطاً بالغاً فى تطبيق نظريات العلم وإجراءاته على الأديان، محاولاً تفسيرها وتقريبها وإصلاحها فضلاً عن سبر أغوارها أو الوصول إلى أصولها وجذورها، فما بالنا بالحال لدينا فى الشرق، حيث لا يزال هناك من يقاوم استخدام العلم فى التعامل مع الدين، وكذلك من لا يريد للمسلمين أن يقفوا على ما لدى غيرهم من معتقدات وأديان.

ب- علم الاجتماع الدينى: وهذا سيبين بجلاء أثر التطور الاجتماعى على فهم الدين وتأويل نصه، سواء هذا التطور الذى يوجب الاجتهاد والتجديد، أو ذلك الذى يؤدى إلى اختلاق نصوص أو أقوال منسوبة إلى الأقدمين لاستعارتها واستعمالها فى تبرير مسلك أو الدفاع عن مصلحة أو منفعة.

وكانت دراسة الدين من الموضوعات التى نالت اهتمام علماء الاجتماع منذ وقت مبكر، لا سيما مع وجود رؤية اجتماعية فلسفية تنظر إلى الدين بوصفه المنبع الرئيسى لكل العمليات فى المجتمع الإنسانى، فـ«ماكس فيبر» تعامل مع الدين كمفتاح للتمييز بين المجتمعات الغربية والشرقية، و«دور كايم» درس دور الدين فى تحقيق التماسك الاجتماعى. ومع دخول أوروبا عصر التصنيع بدأ التساؤل عن علاقة الدين بعمليات التحضر والتحديث. وبمرور الوقت ظهر علم اجتماع الدين الذى يتركز على الوظيفة العامة للدين فى المجتمعات البشرية، وكيف أنه يشكل جانباً من سلوك وأنشطة الجماعة، ويلعب دوراً فى تعزيز واستمرار أو إعاقة هذه المجتمعات.

وعلم اجتماع الدين ينطلق من رفض وجهة النظر التى تقول بأن الدين تجربة إنسانية منتظمة ومستقلة بنفسها، وأنه نشاط لا يخضع للتأثيرات الاجتماعية، ويذهب لفحص ودرس هذه التأثيرات المتبادلة بين الدين والمجتمع.

(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى)

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجديد علوم الدين 2  4 تجديد علوم الدين 2  4



GMT 09:11 2022 السبت ,02 تموز / يوليو

«باريس» فى الأدب العربى الحديث

GMT 00:05 2018 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

آفة أن يُحارَب الفساد باليسار ويُعان باليمين

GMT 06:32 2018 الجمعة ,11 أيار / مايو

الكتابة تحت حد السيف

GMT 05:12 2017 الجمعة ,15 أيلول / سبتمبر

سيادة «القومندان» عارف أبوالعُرِّيف

GMT 13:33 2017 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

التعليم والتطرف والإرهاب العرض والمرض والعلاج

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:23 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا سبورتاج 2026 تحصد لقب "أفضل اختيار للسلامة بلاس" لعام 2025

GMT 00:03 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 18:04 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

اتيكيت مقابلة أهل العريس

GMT 19:07 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

عبير صبري تؤكد إلى أحمد مالك الأخلاق مش بتنفصل عن الفن

GMT 05:24 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

الجماعات الإسلامية" تشن حملة لتشوية الإعلام"

GMT 12:06 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

فيلم «شماريخ» يتصدر شباك التذاكر بـ14 مليوناً و521 ألف جنيه
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon