جدوى استجواب الإرهابيين

جدوى استجواب الإرهابيين

جدوى استجواب الإرهابيين

 لبنان اليوم -

جدوى استجواب الإرهابيين

عمار علي حسن

تتعدد مصادر الحصول على المعلومات الخاصة بالتنظيمات والشبكات والقيادات الإرهابية، وتتفاوت فى مصداقيتها وثباتها وغزارتها ودرجة الاعتماد عليها، وإن كانت جميعها مهمة فى الحرب على الإرهاب.

وأحد هذه المصادر هو استجواب من يتم القبض عليهم من الإرهابيين ويخضعون للتحقيق لدى الشرطة والقضاء. وتلك وسيلة مهمة من دون شك، لأنها تجلب المعلومة من مصادرها الأصلية. لكنها، مع هذا، تبدو قاصرة فى مساعدتنا على تخيل السيناريوهات المستقبلية للإرهابيين، أو الطريقة التى سينفذون بها عملياتهم المقبلة، وذلك لثلاثة أسباب هى:

1- قد ينكر الإرهابى بعض الوقائع، ويخفى معلومات عن مستجوبيه، إما من منطلق ولائه للتنظيم الإرهابى وأفكاره، خاصة إن كان مدرباً على التمويه والخداع، أو بغية تبرئة النفس، لأن معلومات حقيقية إن قيلت ستؤدى إلى إدانة الإرهابى المقبوض عليه، وتمهد لسجنه أو إعدامه.

2- حتى لو اعترف الإرهابى بكل شىء عن التنظيم، من حيث قياداته وأفراده ومصادر تمويله وما يحوزه من إمكانيات فى التسليح والتدريب، فإن هذه معلومات عن الماضى أو الأيام الفائتة التى كان فيها الإرهابى شاهداً على هذه المعلومات أو مشاركاً فى صناعتها، وليست عن اللحظة الراهنة، أو المستقبل. ومن ثم لا يجب التعامل مع ما يدلى به الإرهابى من اعترافات باعتباره وسيلة سهلة لتحديد الآتى فى التعامل مع الإرهابيين دون بذل أدنى جهد، سواء بتحليل المعلومات المتوفرة من تلك الاعترافات وتوظيفها فى تخيل سيناريوهات المستقبل، أو بتعزيز عملية التخيل تلك بمعلومات من مصادر أخرى.

3- لا يجب أن نتصور أن الإرهابيين أناس سذج ومن ثم سينفذون الخطط نفسها، دون أى تعديل، بعد عملية القبض على عناصر منهم اطلعت على هذه الخطط أو شاركت فى صناعتها. ففى الواقع لا يعطى التنظيم الإرهابى أسراره لكل أعضائه، بل يضعها فى يد حلقة ضيقة، ولا يمنح العناصر العادية أو الهامشية إلا معلومات فى حدود المهام الجزئية المكلفة بها. كما أن بعض التنظيمات تأخذ الشكل العنقودى، فتتوزع إلى مجموعات صغيرة، همزة الوصل بين كل منها والأخرى لا تتعدى شخصاً واحداً، وقد تتحرك همزات الوصل تلك بأسماء حركية مستعارة.

وحال القبض على بعض عناصر التنظيم فإن قادته يراجعون على الفور كل ما كان بحوزة المقبوض عليهم من خطط وتدابير ومعلومات، ويقومون على الفور بإلغائها أو تعديلها، ومعاودة الانتشار والاختباء فى أماكن أخرى، وتجهيز خطط جديدة. وبالتالى تتحول المعلومات التى تم الحصول عليها من الإرهابيين المقبوض عليهم إلى مصدر للتضليل أو التمويه على الأجهزة المعنية بمحاربة الإرهاب، خاصة إن تعاملت معها بلا تدقيق ولا خيال.

لكل هذا لا تغنى المعلومات المباشرة، مهما كانت درجة صدقها، عن ضرورة استعمال الخيال فى تحليل ما يتوافر من بيانات ومعلومات، فبه فقط يمكن أن نحقق هدفين فى وقت واحد، الأول هو الاقتراب من تحديد ما أخفاه المعترفون من معلومات، والثانى هو تحويل ما تم الحصول عليه من اعترافات من سبيل إلى تضليل الأجهزة المنوط بها تعقب الإرهابيين إلى وسيلة للإيقاع بالإرهابيين الطلقاء، أو إحباط مخططاتهم، حال تخيل السيناريوهات الأخرى التى سيضعها قادة التنظيم الإرهابى بديلاً عن تلك التى تم كشفها بعد القبض على بعض العناصر.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جدوى استجواب الإرهابيين جدوى استجواب الإرهابيين



GMT 18:40 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أسقط الركن الثالث

GMT 18:39 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

بين القوانين والإعلانات والأخلاق

GMT 18:38 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

عام «سَوْقَنَة» القضايا

GMT 18:37 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتية الإيرانية في انتظار الاختبار الصعب

GMT 18:18 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

2026... عام التوضيحات؟

GMT 18:14 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

العراق ما بين تاريخين

GMT 18:13 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

يحمل اسم زويل

GMT 18:12 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

هند رستم.. الأنوثة قبل الإغراء دائمًا!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:24 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح
 لبنان اليوم - الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon