شلة منتفعي «دعم مصر»

شلة منتفعي «دعم مصر»

شلة منتفعي «دعم مصر»

 لبنان اليوم -

شلة منتفعي «دعم مصر»

عمار علي حسن

أيام المخلوع حسنى مبارك، اعتدت على وصف الحزب الوطنى الحاكم وقتها فى مقالات عديدة بأنه «شلة منتفعين تتحلق حول الرئيس ونجله»، إذ لم تكن له فكرة جامعة، ولا روابط سياسية حقيقية تساعده على التماسك، ولا بنية داخلية وتصرفات إدارية اعتادت عليها الأحزاب راسخة الأقدام فى الحياة السياسية، رغم أن الساحة كان يتم تفريغها أمامه، ليرمح ويمرح فيها وحيداً.

هذه الصورة البائسة عادت فى أيامنا لتلاحق من سموا أنفسهم «جبهة دعم مصر» بعد أن كانوا «جبهة دعم الدولة»، النابتة من قائمة انتخابية، حملت اسم «فى حب مصر»، تم تفريغ الساحة أمامها أيضاً من خلال تزييف مقدمات الانتخابات بقوانين وإجراءات وأحكام وتصرفات وتفاهمات وتواطؤات عديدة، جعلت من فيها، على اختلافهم، يظنون أنهم «تحالف»، أو «جبهة» وطيدة الأركان، وليس مجرد رقم سياسى صُنع على عجل فى معامل أجهزة الأمن، كما اعترف بعض من كانوا فيه على هيئته الأولى، وتم استبعادهم من القائمة الأخيرة، فى مداخلات لهم ببعض برامج التليفزيون الشهيرة.

كان مجرد تنسيق انتخابى، هكذا قال بعض الحصفاء فيه، ونبهوا إلى أنه تجميع بين أحزاب ومستقلين، ليست بينهم روابط متينة، لكن القائمين عليه يصرون على أن يدخلوا الجمل من سم الخياط، وسيدفعون ثمن ما لا أصل له ولا قبول لدى كل ذى بصيرة نافذة، وعقل فهيم.

إن هذه الجبهة تفتقد لأى أسس لاستمرارها، فمن يقودونها ليسوا أصحاب تاريخ سياسى معروف، ولا خبرة مشهودة على هذا الدرب، وأدوارهم فى تكوينها وإدارتها كانت هامشية، وعرفنا من مصادر كثيرة أنهم كانوا يتلقون مظاريف مغلقة بما يجب عليهم أن يقرروه. كما أن الراغبين فى الدخول فيها موزعون على اتجاهات سياسية عدة، وبعضهم بلا اتجاه سياسى أصلاً.

علاوة على هذا، فإن الصورة التى رسمت لهم فى مخيلة الناس من البداية أنهم ملتصقون بالرئيس، حتى فيما لا يحتاجهم فيه، وأنهم لو تكتلوا وساندوه، فسيطلبون ثمن تلك المساندة، ومن سيدفع ليس الرئيس إنما مصر، وتحديداً الشعب المصرى، الذى عرك من يلهثون خلف السلطة، وليس فى أيديهم سوى مطالبهم الذاتية، ومصالحهم الشخصية، وقد يدوسون فى زحفهم نحو نيل ما يطلبونه على أعناق من انتخبوهم.

لهذا بدت هذه الجبهة ميتة قبل ولادتها، ولو سُمح لها أن تبقى على قيد الحياة، فستعيش كسيحة. ويبدو أن السلطة السياسية أو بمعنى أدق السلطة التنفيذية أدركت أنها ستمثل عبئاً عليها، فبعض من فيها كفيل بإسقاط نظام، إن تفوه وأمعن فى أخطائه، أو تعرى بعض مستوره، أو سعى فى اتجاه خائب كعادته، والرئيس سيحمل كل هذه الأوزار، شاء أم أبى، لأنهم يقولون جهاراً نهاراً لكل من ينصت إليهم أو حتى يصم عنهم أذنيه: نحن رجال السيسى. وأعتقد أن من يبدأ دوره السياسى بالتخلى عن صلاحياته التى منحها له الدستور، ويجعل من البرلمان مجرد حامل أختام لقرارات السلطة وإجراءاتها، لا يمكن الوثوق فيه.

ربما هذا ما فهمته السلطة، وربما أيقنت أن هؤلاء إن تكتلوا من أجلها، فقد يحولون تكتلها ضدها إن تعارضت المصالح فى بعض المحطات. ربما كل هذا، وربما يكون عيباً ذاتياً فيها يمنع عنها التضامن حتى لو أراد لها صانعوها هذا.

إن مصر لا يمكن أن تتقدم بأولئك الذين يصرون على استنساخ الماضى التعيس البائس، وليست لديهم أى قدرة على التجديد والإبداع والمغامرة والانحياز إلى صالح الناس. فيا «جبهة دعم مصر» انفكى، قبل أن تحطى رحالك ولو للحظة واحدة، فالمصريون لا يريدون «حزب وطنى».

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شلة منتفعي «دعم مصر» شلة منتفعي «دعم مصر»



GMT 17:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ميلاد مجيد محاصر بالتطرف

GMT 17:16 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكومة العالم

GMT 17:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

هل انتهى السلام وحان عصر الحرب؟!

GMT 17:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟

GMT 17:13 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مقتل الديموغرافيا

GMT 17:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مبدأ أثير لدى ساكن البيت الأبيض

GMT 17:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماذا تبقى من ذكرى الاستقلال في ليبيا؟

GMT 17:10 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظاهرة الأصولية وحالة «التأقلم الماكر»

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon