«الخروج إلى النهار» 1  2

«الخروج إلى النهار» (1 - 2)

«الخروج إلى النهار» (1 - 2)

 لبنان اليوم -

«الخروج إلى النهار» 1  2

عمار علي حسن

بعد سنوات قليلة من إصرار عالم المصريات محسن لطفى السيد، على أن يعيد طباعة «كتاب الموتى»، وهو واحد من أهم الآداب الفرعونية، تحت عنوان جديد سماه «الخروج إلى النهار» تأتى الكاتبة «نجلاء علام» لتستعيره كى يكون عنوان رواية لها، استفادت فيها من عطاء «الجيبتانا»، وهى سفر التكوين عند قدماء المصريين، فيما حاولت الكاتبة أن تعيد وضع حال الإنسان الحالى، ذكراً وأنثى، فى صورة نشأته الأولى من رحم «الألم واللذة»، ثم تأخذ خط الحياة على امتداده، لتطوى تاريخ البشر كله، أو هكذا تتصور.

لهذا لم يكن مستغرباً أن يكون مفتتح الرواية، الصادرة عن دار الأدهم فى 105 صفحات، مقتبساً من السطر الثامن والعشرين من كتاب الموتى: «بسلام إلى حقول الجنة من أجل أن يعرف»، وأن يكون مشهدها الأول عن الطريقة التى خلق بها العالم، وتبنت فيها مزجاً بين نظرية انفجار الكون فى زمن سحيق وبين ما أمدتنا به الكتب السماوية، لا سيما التوراة والقرآن، عن خلق الإنسان: «كرة مثقلة بالغازات.. انفجار هائل يجعل كل جزء يجرى إلى مدار، كون استقر بعد عراك، وبدأ يرى نفسه نجوماً وكواكب وأجراماً، أقماراً وشهباً ونيازك تجمعها مجرات.. والآن بعد الانفجار نشأت جاذبية جعلت كلاً منها، يدور فى فلكه دون أن يلتصق بأخيه أو يفلت إلى أعماق سحيقة.. وجاء الإنسان».

وبذا تفتح الرواية باباً فلسفياً لفهم مسار البشر فى تاريخهم الطويل، بطريقة مختلفة عن تلك السائدة والمألوفة والتى حفلت بها كتب الأنثربولوجيا والآثار والتاريخ والاجتماع، بما يبرهن فى خاتمة المطاف على أن الإنسان فى حاجة ماسة إلى مراجعة كل ما يعرفه عن نفسه باعتباره «حيواناً له تاريخ»، حتى يكون بوسعه أن يرى مستقبله بعين بصيرة، شريطة الإيمان بأن المحبة والتسامح هما القيمتان اللتان نفتقدهما وسط الظلم والكراهية والقهر.

وتنتقل بنا الرواية من عالم بسيط رائق مع بداية الخلق، حيث تقول على لسان «آدم» أبى البشر: «بين جدول صغير وعدة شجيرات أجلس، أرى أولادى يلعبون، وامرأتى تجلس أمام النار تنتظر نضوج الطعام» إلى عالم بشع، يفتقد إلى التعاطف الإنسانى، تأسس منذ الجريمة الأولى حين قتل «قابيل» أخاه «هابيل»، فأصبح نسلهما «أولاد غصب لا رضا» و«أولاد سفاح»، حسب نص الرواية، وهو ما يعبر عنه القاتل وهو يحكى عن أول مرة جامع فيها زوجته التى كانت من حق أخيه المقتول: «لم تمكننى من نفسها أبداً، إلا بعد عراك طويل يدمى جسدى وجسدها، وأستوحش لأخذها، وتلين بعد جهد، فيكون اللقاء، تهذى حينها: لماذا رهنت متعتى بالألم؟ أقوم من عليها وأنا أرتجف وأصرخ: أأكون قد كتبت على ذريتى التعاسة؟ وتنتفض الكلمة ناراً تحرقنى (لِمَ؟) فيعلو صوتى، وينفتح جرحى، وأبنائى من حولى يكبرون ويتكاثرون، يقبلون ويدبرون، يتغيرون وتختلف ألسنتهم وسحنهم، ولا أحد فيهم يواسى شيخاً عجوزاً، يقف وحده يعاتب مقتوله».

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الخروج إلى النهار» 1  2 «الخروج إلى النهار» 1  2



GMT 17:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ميلاد مجيد محاصر بالتطرف

GMT 17:16 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكومة العالم

GMT 17:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

هل انتهى السلام وحان عصر الحرب؟!

GMT 17:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟

GMT 17:13 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مقتل الديموغرافيا

GMT 17:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مبدأ أثير لدى ساكن البيت الأبيض

GMT 17:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماذا تبقى من ذكرى الاستقلال في ليبيا؟

GMT 17:10 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظاهرة الأصولية وحالة «التأقلم الماكر»

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon