أردوجان ليس خالداً

أردوجان ليس خالداً

أردوجان ليس خالداً

 لبنان اليوم -

أردوجان ليس خالداً

عمرو الشوبكي

أصابت أردوجان، رئيس الجمهورية التركية، لوثة السلطة وغوايتها، وتسببت فى خسارة حزبه أكثر من 10% من أصوات الناخبين وفقدانه الأغلبية المطلقة التى كان يتمتع بها فى البرلمان السابق، ودفعته إلى محاولة الذهاب إلى انتخابات برلمانية مبكرة، لأنه لم يعتد أن يقتسم السلطة مع أحد، وتحول الرئيس المنوط به السعى نحو بناء توافقات مع القوى السياسية إلى مصدر رئيسى للأزمة التركية.

ولعل الهجوم الفج الذى أطلقه أردوجان، أمس الأول، فى حفل إفطار جمعية أهلية تركية ضد رئيس الجمهورية الأسبق ورفيق دربه عبدالله جول ردٌّ على ما قاله الأخير برقة شديدة حول ضرورة حوار الحكومة مع جميع التيارات، والعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وتغيير سياسة تركيا الخارجية تجاه مصر وسوريا وعودة بلاده كنموذج للوسطية والاعتدال.

وجاء هجوم أردوجان الكاسح على جول بلغة شبيهة بلغة كثير من منتقديه فى مصر، أى بترك الموضوع الأصلى والدخول فى الهوامش، وأحيانا الشتائم، فقال: «لقد تركنا الخونة والمترددين الذين يبحثون عن مصالحهم الشخصية، ولن نغير مبادئنا ومواقفنا»، فى إشارة لصديقه السابق جول الذى اتخذ خطا أكثر تعقلا وانفتاحا من أردوجان.

صحيح أن رحلة رجب طيب أردوجان وحزبه (العدالة التنمية) هى رحلة نجاح، فقد أوصل بلاده فى أقل من 10 سنوات إلى واحد من بين أقوى 20 اقتصادا على مستوى العالم، وحققت درجة نمو اقتصادى مرتفعة ومستوى دخل تضاعف فى سنوات قليلة، وإصلاحات اقتصادية وسياسية مهمة، إلى أن أصابته غواية السلطة، فأصبح الهدف ليس الحفاظ على نمو وتقدم بلاده، إنما أن يستمر حاكما وسلطانا حتى النهاية، بعد أن أصاب الرجل تسلط البقاء الطويل فى السلطة (ما يقرب من 14 عاما).

تحدى تشكيل الحكومة والحفاظ على الاستقرار السياسى والاقتصادى، فى ظل نتائج الانتخابات، تحدٍّ كبير يواجه الأتراك، فى ظل ألاعيب أردوجان وتهديداته، بعد أن أصبح غير قادر على مغادرة السلطة، ولكن التحدى، أو بالأحرى، الخطر الأكبر الذى أسقطه الشعب التركى فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة كان إفشال مخطط أردوجان فى حصول حزبه على نفس النسبة التى حصل عليها فى الانتخابات السابقة وتشكيله منفردا الحكومة وتغيير الدستور.

والحقيقة أن الشعب التركى نجح بالديمقراطية فى أن يسقط الرجل الذى أراد أن يبقى 22 عاما فى السلطة بصلاحيات مطلقة أى «شبيه مبارك وبن على» فى المنطقة، وليس راعى الديمقراطية وثورات الربيع العربى كما يدعى، رغم القيود التى فرضها على حرية الرأى والتعبير ومحاولاته الدائمة لتوظيف الدولة لصالح حزبه الحاكم، مثل ما يفعل جيرانه العرب الذين طالما عايرهم بنظمهم غير الديمقراطية وبحكامهم الذى بقوا لعقود طويلة فى السلطة.

أردوجان ليس خالدا، وما يحاول القيام به من مؤامرات صغيرة لدفع البلاد إلى إجراء انتخابات مبكرة حتى لو كان ذلك على حساب المصلحة العليا لبلاده سيدفع ثمنه قريبا جدا، فلو أوصل الأمور إلى انتخابات قبل تشكيل حكومة ائتلافية، فسيكون هو أول من سيدفع ثمن هذه الخطوة.

على الجميع أن يعى أن أردوجان ليس خالدا، ولن يبقى إلى الأبد فى السلطة، وأن خروجه من السلطة بات قريبا، لأن معاركه انتقلت من معارك مع الخصوم إلى معارك مع الحلفاء، وتلك فى الحقيقة بداية النهاية لأى حاكم مهما كان.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أردوجان ليس خالداً أردوجان ليس خالداً



GMT 06:53 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

مفكرة السنة الفارطة

GMT 06:50 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

هل هناك صندوق أسود للتاريخ؟

GMT 06:48 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو أمامَ محكمة الرُّبع الأول

GMT 06:45 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

قراءة في لحظة جنوب اليمن

GMT 06:43 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إصرار الحزب والتربص الصهيوني

GMT 06:39 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

«بيت من الديناميت» ووهم الأمن الأميركي

GMT 06:36 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

عام آخر جديد 2026

GMT 06:32 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

قصر موسى

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

بيروت ـ لبنان اليوم

GMT 11:27 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تركز انشغالك هذا اليوم على الشؤون المالية

GMT 22:52 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 16:07 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

ضربة إيرانية تغلق جميع منشآت التكرير في حيفا

GMT 23:14 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

يوسف عنبر مدربًا للمنتخب السعودي

GMT 15:00 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

إتحاد الفروسية يختتم بطولة لبنان لموسم ٢٠٢١

GMT 13:22 2022 الأحد ,13 شباط / فبراير

مكياج خفيف وناعم للمناسبات في المنزل

GMT 23:36 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

جنبلاط بحث مع شينكر في المستجدات
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon