إرهاب ونقطة

إرهاب ونقطة

إرهاب ونقطة

 لبنان اليوم -

إرهاب ونقطة

عمرو الشوبكي

الاعتداء الإرهابى الذى تعرضت له صحيفة «شارلى إبدو» الفرنسية صادم، ومهين أن يحدث باسم الإسلام، وأن يصاحبه هتاف الله أكبر، والادعاء بأنه انتقام لرسول الله، وأن أى تبرير لهذا العمل الإرهابى بحجة أن خط الجريدة معاد لمشاعر المسلمين وتعمد الإساءة للإسلام غير مقبول، لأن الإرهاب لا يجب تحت أى ظرف أن تصحبه كلمة «لكن» إنما هو أمر مدان، ونقطة ومن أول السطر.

هناك فارق هائل بين تبرير الإرهاب وبين بحث أسبابه ودوافعه، ومواجهته بأساليب مختلفة فكرية وسياسية وأمنية، وهذا على عكس ما فعله كثير من الدوائر الغربية فى تعاملها مع الحوادث الإرهابية التى جرت فى بلادنا حين ربطتها بقضايا سياسية خاصة عقب سقوط حكم الإخوان.

نظرية أدين الإرهاب ولكن هى جزء من معايير الغرب المزدوجة، وهى أحيانا جزء من معايير العرب المزدوجة أيضا، فبعضنا الذى لعب هذه اللعبة دفع ثمنها باهظاً، فحين تقول لا بأس من قتل 3 آلاف أمريكى برىء فى 11 سبتمبر لأن هناك عربا ومسلمين يسقطون بسبب السياسة الأمريكية هو خطيئة مكتملة الأركان، لأنك فتحت الباب أمام نفس المعايير فى طبعتها الأمريكية أن تقول لك نعم ندين الإرهاب فى سيناء ولكن سببه هو سياسات الدولة المصرية وعليها أن توقف انتهاكاتها فى مجال حقوق الإنسان وأن يبتعد الجيش عن التدخل فى السياسة.

هذا التبرير للإرهاب، أو بالأحرى هذا التواطؤ الضمنى معه وهذا التوظيف السياسى لجرائمه، أمر كارثى أضر بالعالم العربى وبالغرب على السواء، فمحاولات كثير من الدول الغربية الفجة لتوظيف العمليات الإرهابية فى مصر لصالح حساباتها السياسية هى تواطؤ مكتمل الأركان مع جرائم الإرهاب.

هل كل الإرهاب فى مصر نتيجة أخطاء السياسة، أم أن هناك إرهابا تكفيريا مرتبطا بانحراف عقائدى ستجده موجودا فى الدول الديمقراطية وغير الديمقراطية وفى الغرب والشرق؟ هل مثلا الجيش التونسى تدخل فى السياسة حتى يتعرض لضربات فاقت ما تعرض له الجيش المصرى، إذا أخذنا فى الاعتبار الفارق فى عدد السكان وحجم الجيشين؟ هل أوروبا ديمقراطية أم ديكتاتورية؟ الإجابة هى الأولى، ومع ذلك صدّرت مقاتلين دواعش إلى كل البلاد الإسلامية وبعضهم اعتنق الإسلام حديثاً.

المؤكد أن هناك بيئة حاضنة تساعد على انتشار الإرهاب، ونظماً، مثل النظام السورى والعراقى، ساعدت على انتشار «الدواعش» فى أراضيها، إلا أن هذا لا يعنى أن الإرهاب اختفى من دول ديمقراطية عريقة مثلما جرى فى فرنسا، صحيح أن خطره وحجمه فى الدول الفاشلة والاستبدادية والطائفية أكبر بكثير، وبما لا يقارن مع ما يجرى فى بلد مثل فرنسا الآن، رغم خطورته، وهو ما يعنى أن الديمقراطية لم تقض على كل أخطاره.

والحقيقة أن محاولة بعض الدول الغربية ابتزاز مصر طوال الفترة الماضية وربط دعمها فى حربها ضد الإرهاب بمصالحة مع الإخوان، أو إجراء إصلاحات سياسية، أمر غير مستقيم لأنه لا يجب أن تصحب مواجهة الإرهاب «كلمة لكن»، فحين يسقط شهيد مثل النقيب ضياء فتوح، الأسبوع الماضى، ضحية قنابل القتلة والإرهابيين، وحين يستشهد 30 رجلاً من أبناء القوات المسلحة فى شهر أكتوبر الماضى فى سيناء ويقول البعض بكل تنطع إن هذا بسبب سياسات الدولة الإقصائية، فهذا نوع من التواطؤ الفج مع الإرهاب تماماً مثلما يقول البعض إن جريمة «شارلى إبدو» مبررة لأنها صحيفة أساءت للمسلمين.

من يرفع السلاح فى وجه الأبرياء وفى وجه الدولة أمر لا يجب تبريره تحت أى ظرف، أما كل من يناضل بالطرق السلمية من أجل بناء نظام ديمقراطى وعادل دون أن يبتز الناس بسلاح العنف والإرهاب فهو الذى يستحق أن يتضامن معه الجميع.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إرهاب ونقطة إرهاب ونقطة



GMT 21:13 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 21:12 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 21:07 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 21:06 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 21:05 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

حين قرأ كسينجر لحسن البنا

GMT 21:04 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 11:59 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

يتحدث هذا اليوم عن مغازلة في محيط عملك

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 14:39 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:04 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 04:58 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon