احتجاجات باللبنانى

احتجاجات باللبنانى

احتجاجات باللبنانى

 لبنان اليوم -

احتجاجات باللبنانى

عمرو الشوبكي

بدأت الاحتجاجات التى شهدتها لبنان مؤخرا فى مواجهة عجز الحكومة عن حل مشكلة النفايات فى بيروت وعدد من المناطق اللبنانية، ولكنها سرعان ما امتدت لتشمل رفض الطبقة السياسية برمتها، ورفعت شعارات قاسية فى وجه النظام الطائفى وفساد أهل الحكم والسياسة.
وبعيدا عن بعض التعليقات التافهة لقلة من الشباب المصرى عن متظاهرات لبنان «الحسناوات» التى أغضبت البعض هناك، فإن مقارنة هذه الاحتجاجات بنظيرتها فى العالم العربى لن تكون من زاوية ملابس اللبنانيات (سخر كاتب لبنانى وقال لا تنخدعوا بالشكل فهذا بفضل المكياج) إنما بمضمون ومستقبل هذا النوع من الاحتجاجات.

ورغم خصوصية السياق اللبنانى بالمعنى المجتمعى والثقافى والسياسى، وليس بمعنى العزلة والتفرد عن المسار الإنسانى ككل، إلا أنه يمكن مقارنته بالانتفاضة العراقية الحالية أكثر مما جرى فى مصر وتونس إبان ثورتهما، حيث إن فى الحالة اللبنانية هناك إدانة للطبقة السياسية ككل حتى التى تدعى أنها معارضة وحتى لو حاولت كثير من فصائلها أن تخترق «وجع الناس» (مانشيت جريدة الحياة اللبنانية تعليقا على مظاهرات أمس الأول فى بيروت)، وهذا على عكس ما جرى فى مصر وتونس حين تبنت الجماهير خطاب المعارضة (حتى لو رفضت أحزابها ورموزها) فى مواجهة السلطة الحاكمة، ممثلة فى رئيس الجمهورية، وسعت لإسقاط رئيس قوى له صلاحيات مطلقة، فى حين أن فى الحالة اللبنانية لا يوجد من الأصل رئيس لإسقاطه ولا نظام مستبد بالمعنى الذى تشهده بلاد عربية كثيرة.

فى لبنان نحن أمام منظومة طائفية ضاربة فى جذور المجتمع، وفشلت الحروب الأهلية والمظاهرات السلمية فى تغييرها على مدار عقود طويلة، وهو أمر ترسخ حديثا فى العراق بعد الغزو الأمريكى وصارت الاحتجاجات فى كلا البلدين (رغم التباين السياسى والمجتمعى) ضد منظومة طائفية سائدة وفاسدة.

الاحتجاج اللبنانى لا يواجهه نظام استبدادى ولا رئيس وتقريبا لا دولة، ويواجهه حقيقة منظومة طائفية تتحكم فى الطبقة السياسية اللبنانية وتوزع على أساسها المغانم والحصص التى يصل فتاتها إلى «شعب» كل طائفة، وهى عابرة لهذه المنظومة وفى مواجهتها أيضا وهو ما يصعب من مهمتها.

ولعل مجىء هذه القوى الاحتجاجية من المجتمع المدنى والمبادرات الأهلية المستقلة، وليس من داخل ثنائية 14 آذار و8 مارس (حرقوا اللبنانى كما جاء فى أحد الشعارات المرفوعة) التى تقسم طائفيا وسياسيا المجتمع، جعلها بلا سقف وخارج أى حسابات وقامت بمهاجمة كل الطبقة السياسية فى البلاد واتهمتهم جميعا بالفساد بمن فيهم حسن نصر الله، الذى لم يتم استثناؤه، واعتبر الكثيرون أنه على الأقل متحالف مع فاسدين، رغم محاولات فريقه اختراق المظاهرات وتحويلها لفرصة لتصفية الحسابات مع الحكومة وخصومه السياسيين.

السقف المرتفع والإدانة الكاملة لكل الطبقة السياسية من قبل محتجى بيروت لن يسقط النظام لأنه تقريبا غير موجود، كما أنها لن تستطيع أن تسقط النظام الطائفى لأنه واقع اجتماعى وثقافى أقوى فى تأثيره وحضوره وشبكات مصالحه من القوى المدنية المحتجة، ولكنها تستطيع، أى هذه القوى، أن تخلخله، وأن تضعف من قدراته على الهيمنة والاحتكار، وتفتح أفقا فى يوم ما قد يكون قريبا لبداية تفكيك المنظومة الطائفية الحاكمة والمسيطرة على مقدرات هذا البلد الصغير شديد الثراء والتنوع: لبنان.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احتجاجات باللبنانى احتجاجات باللبنانى



GMT 21:13 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 21:12 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 21:07 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 21:06 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 21:05 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

حين قرأ كسينجر لحسن البنا

GMT 21:04 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 04:11 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

البرج الطالع وتأثيره على الشخصية والحياة

GMT 16:08 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الأمير فيصل بن فرحان يترأس وفد السعودية في قمة "بريكس بلس"

GMT 07:38 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل 10 عطور رقيقة للعروس

GMT 19:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الأردني محمد الدميري يتفوق على السوري عمر السومة

GMT 19:02 2022 الجمعة ,07 كانون الثاني / يناير

ساؤول يتطلع إلى استعادة أفضل مستوياته مع تشيلسي

GMT 20:30 2021 الإثنين ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أثيوبيا تنفي شنّ هجوم على السودان وتحمل متمرّدين المسؤولية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon