شباب وعواجيز

شباب وعواجيز

شباب وعواجيز

 لبنان اليوم -

شباب وعواجيز

عمرو الشوبكي

احتج الشباب على براءة مبارك فاجتمع الرئيس مع شباب الإعلاميين، وتردد أن هناك اجتماعاً مرتقباً مع شباب القوى السياسية، ورغم أن هذا النوع من اللقاءات أمر طبيعى وربما مطلوب إلا أن صاحبته ردود أفعال صاخبة اعتدنا عليها فى مصر، محورها لماذا تمت دعوة «س» وغياب «ص»، ولماذا دعى هؤلاء وليس آخرين.

أما الغريب وربما الصادم هو ما صاحب الحديث عن لقاء آخر بين الرئيس وشباب القوى السياسية، فقد كرر البعض نفس خطاب الفشل الذى سمعناه على مدار ما يقرب من 4 سنوات، وطالب بعضهم أو قلة منهم بضرورة القضاء على «دولة العواجيز» التى قامت الثورة ضدها وإحلال الشباب أو تمكينهم بدلا منها، ولم نسمع حرفا واحدا عن برامج لتأهيل الشباب وإعدادهم للبرلمان والمحليات، إنما وظائف حكومية يتم اقتسامها وتوزيعها بمنطق الغنائم.

والحقيقة أن الشباب ليس مهنة أو وظيفة، وأن التحدى الذى يواجه مصر ليس فى تمكين الشباب، إنما فى تأهيلهم قبل تمكينهم، وأن تصوير الأمر على أنه صراع بين عواجيز وشباب لا علاقة له بجوهر المشكلة، فلو افترضنا أننا سنتخلص من كل من بلغ من العمر 60 أو 70 عاما ومنعنا كل من تجاوز الخمسين من الترشح فى كل مناصب الدولة، وقصرنا الأمر على الشباب من سن 25 عاما حتى 40 عاما، فهل بذلك نكون «حلينا» مشكلة الشباب؟

الإجابة قطعا لا، لأننا بعد أن نقصى كل العواجيز ما هى المعايير التى سنميز فيها بين الشباب؟ وعلى أى أساس سنمكنهم؟ هل سنختار شابا لأنه ثورى وصوته عال؟ أم سنختار آخر لأنه مطيع وينام مبكرا ويصحو مبكرا؟ والحقيقة أن خضوع الدولة لنظرية الإقصاء الجيلى سيقضى على فرص الشباب الجاد الذى ستكون معايير اختياره وتصعيده قائمة على المزج بين مهاراته المهنية والسياسية، وأننا لابد أن نعلم أن الشعر الأبيض وجيل «العواجيز» كثيراً ما كان حلاً لخلافات الشباب مع بعضهم البعض.

إن تجارب الدنيا كلها لا تجد فيها أحدا يتحدث بهذه الروح الإقصائية إلا عندنا، فالكبار يجب أن يختفوا من الحياة، ليس لأنهم غير أكفاء، إنما لأنهم كبروا فى السن، والشباب هم شوية عيال ومراهقون ضيعوا البلد، وهى حالة مرضية لا تبنى طوبة واحدة ولا ترسى قيمة إيجابية واحدة، لأن العالم حولنا يدار بمنطق الشراكة بين الأجيال، وتجد الأحزاب والمؤسسات والفرق الرئاسية عبارة عن خليط يفرح بين الأجيال المختلفة تتعاون فيما بينها، ومعيار اختيارها هو الكفاءة وليس السن.

إن الانتماء للشباب ليس عملاً أو مهنة فى ذاتها، فهناك شباب يتعلم كل يوم وقادر على النقد والبناء فى نفس الوقت، وهناك شباب يناضل كل يوم على الفيس بوك، وهناك من لم يعرف إلا خطاب يسقط كل نظام وأى رئيس، وإذا طلبت منه إدارة كشك سجائر خلف بيتهم فلن يفلح.

الجميع مطالب بأن يدخل فى منافسة مع كل الأجيال، ومهمة الدولة وضع منظومة عادلة تضمن أن تكون مخرجات هذا التنافس لصالح الأفضل والأكفأ من أى جيل، أما التعامل مع الأمر على أن هناك كعكة يجب اقتسامها، وأن هناك من يرغب فى أخذ نصيبه منها على أساس معيار وحيد هو أنه شاب، فتلك بداية جديدة للفشل، لأنها نفس المعيار الذى جعل معدومى الكفاءة والخيال يبقون فى كراسيهم سنوات طويلة بحجة أنهم كبار وأهل خبرة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شباب وعواجيز شباب وعواجيز



GMT 21:13 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 21:12 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 21:07 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 21:06 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 21:05 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

حين قرأ كسينجر لحسن البنا

GMT 21:04 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 04:11 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

البرج الطالع وتأثيره على الشخصية والحياة

GMT 16:08 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الأمير فيصل بن فرحان يترأس وفد السعودية في قمة "بريكس بلس"

GMT 07:38 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل 10 عطور رقيقة للعروس

GMT 19:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الأردني محمد الدميري يتفوق على السوري عمر السومة

GMT 19:02 2022 الجمعة ,07 كانون الثاني / يناير

ساؤول يتطلع إلى استعادة أفضل مستوياته مع تشيلسي

GMT 20:30 2021 الإثنين ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أثيوبيا تنفي شنّ هجوم على السودان وتحمل متمرّدين المسؤولية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon