احتجاجات تونس

احتجاجات تونس

احتجاجات تونس

 لبنان اليوم -

احتجاجات تونس

عمرو الشوبكي
بقلم - عمرو الشوبكي

أسفرت المواجهات بين المتظاهرين وقوى الأمن فى تونس عن مقتل شخص واحد وإصابة العشرات عقب اندلاع احتجاجات واسعة فى مختلف المدن التونسية، احتجاجا على قانون المالية للعام الجديد، والذى وافق عليه البرلمان، بعد أن نال دعم التكتلين الرئيسيين نداء تونس الحاكم، وحركة النهضة، الشريك الجزئى فى بعض مفاصل الحكم، فى حين عارضته الأحزاب اليسارية والقومية، وعلى رأسها حزب الجبهة الشعبية اليسارى.

ودعت الأخيرة إلى تظاهرات سلمية فى العاصمة وفى مدن كبرى سرعان ما تحول بعضها إلى عمليات تخريب واعتداء على المنشآت الشرطية والخاصة، وهو ما أدانته كل القوى السياسية بما فيها الرافضة للقانون الجديد.

احتجاجات تونس، رغم حدتها، لم ولن تسقط النظام، فرغم أنها اتهمت الحكومة بمحاباة الأغنياء (حقيقى ولو جزئيا) والدفاع عن الفاسدين، ولكنها لم تدع لإسقاطها عبر الشارع وأن مشاهد العنف، على قسوتها، لم تختلف كثيرا عن معظم حوادث العنف التى تشهدها مدن أوروبية ديمقراطية حين ينزل الناس رفضا لقانون يخص أرزاقهم، خاصة ما عرف بقوانين العمل فى فرنسا وغيرها.

فى معظم البلاد العربية وفى انتفاضات خبز مشابه (مثل تلك التى عرفتها تونس فى عهد بن على، ومصر فى عهد السادات وغيرهما) كانت الحصيلة فى بعض الأحيان مئات القتلى وكانت المظاهرات مجرد تكأة للعمل على إسقاط النظام فى حين أنها فى تونس كانت محاولة لإسقاط القانون وليس النظام وسقط فيها بكل أسف قتيل واحد.

الإيجابى فى المسار التونسى، رغم الصعوبات الكثيرة التى تواجهه، هو مشهد الحوار بين السلطة والمحتجين متمثلين فى القوى المعارضة والنقابات، وعدم تخوينهم أو اعتبارهم متآمرين يوقفون عجلة الإنتاج.

اعتبرت الحكومة التونسية، على خلاف حكومات عربية كثيرة، موقفها من الميزانية أو القانون المالى الجديد وفق التعبير التونسى انعكاسا لانحيازاتها الاجتماعية ورؤيتها السياسية ولم تعتبره من الثوابت والبديهيات التى تطلب إجماعا وطنيا مثل مواجهة الإرهاب مثلا، وهو ما يعنى أن من حق المجتمع بطبقاته وقواه السياسية المختلفة أن يحمل رؤى أخرى مخالفة لها فى ظل نظام يحاول أن يبنى ديمقراطية أو على الأقل يحترم مواطنيه ويعطيهم حق التعبير عن الرأى.

رئيس الوزراء التونسى تمسك بالقانون ولكنه أكد، فى اجتماع مؤخر مع رئيس الجمهورية، ضرورة تقديم حزمه جديدة من السياسات لدعم الطبقات الفقيرة والشرائح الاجتماعية المتضررة من الإجراءات الجديدة وغلاء الأسعار، ونحى جانبا من نصائح البنك الدولى.

أحد أهم تحديات التجربة التونسية وتفردها أيضا فى العالم العربى أنه لا توجد فيها «سلطة فيتو» تضع الخطوط الحمراء فى لحظات الخلاف والاحتقان الداخلى مثل الملك فى المغرب أو المؤسسة العسكرية فى مصر، فالشعب، بأحزابه ونقابته ومجتمعه المدنى ورجال أعماله، هم من يصنعون التجربة وبالحوار يصلون لتوافقات فى بلد يعانى من أزمات اقتصادية وسياسية كثيرة ومحيط إقليمى غير سعيد بتجربة نجاح وحيدة فى تجارب الثورات العربية.

ستعبر تونس أزمة احتجاجاتها بالحوار بين القوى السياسية والمجتمعية والنقابية المختلفة لا بالإقصاء والصوت الواحد، فالحوار هو الذى جعلها قادرة على مراجعة الأخطاء والعمل على تصحيحها رغم الصعوبات الكثيرة، طالما هناك شعب سعيد بحريته ومتمسك بها ومستمر فى محاسبة السلطة على تقصيرها وأخطائها بكل الطرق السلمية الممكنة.

نقلًا عن جريدة المصري اليوم

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احتجاجات تونس احتجاجات تونس



GMT 07:40 2024 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

الموقف الإيراني

GMT 21:20 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

حديث المصالحة مع «الإخوان»

GMT 20:02 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

التطرف الإسرائيلي

GMT 19:42 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

القضاء على حماس

GMT 08:45 2022 الإثنين ,25 تموز / يوليو

٧٠ عامًا على «يوليو»

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:24 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح
 لبنان اليوم - الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية

GMT 13:08 2019 الإثنين ,04 شباط / فبراير

أمير منطقة الرياض يرأس جلسة مجلس المنطقة

GMT 02:47 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طريقة إعداد وتحضير حلى التوفي البارد

GMT 11:29 2012 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

ضرائب متراكمة على النجمة باميلا أندرسون

GMT 13:54 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

المحرق ينظم مهرجانه الخامس عشر بمناسبة الأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon