«مؤامرة» كتالونيا

«مؤامرة» كتالونيا

«مؤامرة» كتالونيا

 لبنان اليوم -

«مؤامرة» كتالونيا

بقلم : عمرو الشوبكي

قد تكون مصادفة لا تخلو من دلالة أن يتواكب استفتاء إقليم كتالونيا المجهض مع استفتاء أكراد العراق، لنرى الفارق بين الحالتين، فقد تعثر استفتاء الأولى نتيجة قوة الحكومة الإسبانية المركزية وتدخلها لوقفه، معتمدة على مبررات دستورية وقانونية، وعلى تاريخ الإقليم الذى لم ينفصل عن إسبانيا، ونجاحها فى ربط حوالى نصف الشعب الكتالونى بها ورفضهم فى أكثر من استطلاع رأى الانفصال عن إسبانيا، فى حين نجح استفتاء الأكراد لضعف الدولة العراقية، وتأييد الغالبية الساحقة من الأكراد الانفصال عن العراق، وهو ما يسقطه الكثيرون من حساباتهم تحت صريخ «حديث المؤامرة».

إن الانفصال عن الدولة الأم تكرر فى الغرب والشرق، وشهدنا انفصال باكستان عن الهند، وانفصال التشيك والسلوفاك، والأكراد عن العراق، ومحاولات إقليم الباسك الانفصال عن إسبانيا بالعنف ثم فشل، وهناك محاولات جزيرة «كورسيكا» الفرنسية للانفصال ثم فشلت، وهناك الحرب التى استمرت لسنوات طويلة بين أيرلندا الشمالية وبريطانيا، فى محاولة للانفصال عن التاج البريطانى واستخدمت فيها كل الوسائل السلمية وغير السلمية، وانتهت بمصالحة وتخلى الجيش الجمهورى الأيرلندى عن العنف فى 1998 فيما عرف باتفاق «الجمعة العظيم»، فى حين تمسكت أيرلندا الجنوبية بالبقاء داخل بريطانيا أكثر من توحدها مع أيرلندا الشمالية.

تجارب التاريخ تقول لنا إن الانفصال حقٌ طالبت به قوميات كثيرة، فى حين أن الواقع يقول ليس كل هذه القوميات نجحت فى الانفصال، بل إن بعضها تخلى عن مطلبه لأنه ذاب أو استوعب داخل الثقافة القومية التى يعيش فى ظلها، والبعض الآخر تخلى عن مطلبه لعجزه عن ترتيب حسابات سياسية داخلية وخارجية تساعده على الاستقلال، وأن ما يسميه البعض فى بلادنا عجزا أو جهلا بنظرية المؤامرة هو فى الحقيقة أوراق ضغط امتلكتها بعض القوميات فحققت الاستقلال، وغابت فى حالات أخرى ففشلت فى تحقيقه.

والمؤكد أن انفصال الأكراد عن العراق أسعد الإسرائيليين ولا يزعج الأمريكان والغرب، ولكن اختزال مشكلة القومية الكردية فى تآمر العالم على الأمة العربية كارثة مكتملة الأركان.

أما إقليم كتالونيا، فالتناقضات القومية بينه وبين إسبانيا أقل بكثير من تلك التى بين القوميتين الكردية والعربية، بمعنى آخر أن هناك أقاليم مثل كتالونيا فى أوروبا انصهرت بشكل كامل فى داخل الدولة الوطنية التى تعيش فيها دون أن تحتاج حتى لحكم ذاتى، وأن كثيرا من الطموحات السياسية التى عمقها الثراء الاقتصادى (أغنى أقاليم إسبانيا) كانت السبب الرئيسى وراء مطالبة البعض بانفصال كتالونيا أكثر من الأسباب اللغوية والقومية.

يقيناً المواجهات التى جرت يوم الأحد الماضى بين الشرطة الإسبانية والراغبين فى الاستقلال يمكن أن تتحول إلى كرة ثلج وتدفع ببعض مواطنى الإقليم إلى المطالبة بالانفصال عن إسبانيا كنوع من رد الفعل على عنف الشرطة والطريقة الحادة فى وقف عمليات الاقتراع بصورة أدت لارتفاع أعداد المصابين.

بحسابات التاريخ والفروقات الثقافية واللغوية والقومية لا توجد تناقضات عميقة ولا حروب بين إقليم كتالونيا وإسبانيا، وإن الحكم الذاتى سيبقى مناسبا فى تحديد العلاقة السياسية بين الجانبين، إلا لو تأكد أن غالبية واضحة من الشعب الكتالونى مع الاستقلال وليس فقط أقلية الصوت العالى.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«مؤامرة» كتالونيا «مؤامرة» كتالونيا



GMT 07:40 2024 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

الموقف الإيراني

GMT 21:20 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

حديث المصالحة مع «الإخوان»

GMT 20:02 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

التطرف الإسرائيلي

GMT 19:42 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

القضاء على حماس

GMT 08:45 2022 الإثنين ,25 تموز / يوليو

٧٠ عامًا على «يوليو»

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:24 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح
 لبنان اليوم - الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon