الطبقة الوسطى

الطبقة الوسطى

الطبقة الوسطى

 لبنان اليوم -

الطبقة الوسطى

بقلم - عمرو الشوبكي

تلقيت رسالة من الدكتور أحمد الهوبى عن أزمة الطبقة الوسطى وعلاقتها بالتحول الديمقراطى، جاء فيها:

تعليقا على مقالكم الدسم بعنوان (الشعوب والحكام)، الذى يطرح إشكالية الطرف المسؤول عن عدم تحول مصر إلى دولة ديمقراطية، وأعتقد أن الأمور متداخلة، وكل طرف يحمل نصيبه من المسؤولية، وإن كانت النخبة بشقيها معارضة وحكام هى المسؤولة عن إعاقة التطور الديمقراطى للمجتمع، وأن المسؤولية الأكبر تقع على الحكام لأنهم هم المسؤولون عن إدارة النظام العام للمجتمع من موارد وقيم وأفكار ومصالح وثقافات وأجيال.

ومع ذلك أعتقد أن التطور الديمقراطى فى أى بلد مرتبط ضمنيا بتطور الطبقة الوسطى، فهى رمانةه الميزان بالمجتمع وقوته الحية، فقيمها خاضعة لثنائية الخوف والأمل، فخوفها من السقوط للطبقة الدنيا وأملها فى الصعود للطبقة العليا يجعلها تقبل بنسبية الأفكار والتفاوض وتقديم التنازلات وخوض المعارك بالنقاط بعيدا عن الاحتكار والشمولية والإقصاء. وتعرضت الطبقة الوسطى المصرية لتشوه كامل، بدءا من عملية صعود اجتماعى سريع جدا فى عهد عبدالناصر حدثت هزة قيمية هائلة فى المجتمع.

فطبقا لعلوم الاجتماع، يلزم لتكوين طبقة وسطى حقيقية ومتزنة على الأقل ما يقرب من خمسين سنة وليس بضع سنوات، وهذا الصعود الاجتماعى السريع نتيجة التأميم والتعيين بالقطاع العام وقوانين الإصلاح الزراعى نتج عنه هجرة عشوائية من الريف للمدن، مع عدم قدرة الدولة على توفير السكن والتعليم والخدمات العامة، فظهرت أحزمة الفقر والعشوائية والجهل على حواف المدن الكبرى فيما يعرف باسم «ترييف المدن» وليس فقط العشوائيات، فهو ترييف ثقافى يتبنى فيه قطاعات مجتمعية كبرى قيم المجتمع الزراعى الريفى فى مجتمع المدينة الخدمى التجارى الصناعى، مما يتسبب فى انقسام هائل للطبقة الوسطى واغتراب متبادل بين ترييف زاحف وبقايا تمدين.

وما زاد الطين بلة الانفتاح غير المدروس فى عهد السادات، والذى تسبب فى انسحاب الدولة طبقا للمنهج الليبرالى فى الاقتصاد من توفير الخدمات العامة، مما أعطى المجال لانتشار التيارات الإسلامية فى أحزمة الفقر والعشوائية على أطراف الحواضر المصرية، فزاد تشويه الطبقة المصرية بأفكار الإسلام السياسى التى تميل للإقصاء والتكفير، ناهيك عن مناخ دولى فى أواخر السبعينيات مدعوم من صعود الدول النفطية والثورة الإيرانية، ساعد على صعود أكبر للإسلام السياسى.

واستمر مبارك على نهج السادات السياسى. وفى آخر عشر سنوات، حصل حراك مجتمعى كبير بفضل الانفتاح الاقتصادى ودخول شركات عالمية للاستثمار فى مصر، فظهرت طبقة وسطى مصرية متعولمة، رفض نظام مبارك استيعابها سياسيا، فحدث انفجار 25 يناير، وبعد الثورة حدثت إدارة كارثية لعملية التحول السياسى بدءا من منهج الإقصاء والتخوين وعدم طمأنة الأقباط وغياب الإدارة السياسية للعدالة الانتقالية وعدم استيعاب التيار الإصلاحى داخل الحزب الوطنى والإغفال التام أن أى حزب أو تيار سياسى يعبر عن ضرورة موضوعية وشبكة مصالح بغض النظر عن فساده السياسى، وأن تصفية هذا التيار مرتبطة بتفكيك الظروف الموضوعية الداعمة له، لا تجاهلها وإقصائها.

وكانت إدارة المشهد السياسى عقب ثورة يناير من المجلس العسكرى والإسلاميين والليبراليين واليساريين والقوى الثورية عبارة عن تجميع لكل الخطايا لنصل للحيرة الحالية.

فلنبحث فى تاريخ الطبقة الوسطى المصرية، سنجد الإجابة عن سؤال التعثر الديمقراطى.

جريدة : المصري اليوم

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطبقة الوسطى الطبقة الوسطى



GMT 07:40 2024 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

الموقف الإيراني

GMT 21:20 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

حديث المصالحة مع «الإخوان»

GMT 20:02 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

التطرف الإسرائيلي

GMT 19:42 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

القضاء على حماس

GMT 08:45 2022 الإثنين ,25 تموز / يوليو

٧٠ عامًا على «يوليو»

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 11:59 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

يتحدث هذا اليوم عن مغازلة في محيط عملك

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 14:39 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:04 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 04:58 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك

GMT 19:02 2021 الثلاثاء ,21 كانون الأول / ديسمبر

النجمة يخرج العهد من كأس لبنان

GMT 18:52 2021 الأربعاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

الجامعة اللبنانية وزعت نبذة عن رئيسها الجديد بسام بدران

GMT 15:33 2021 الإثنين ,05 تموز / يوليو

46 حالة جديدة من متحوّر “دلتا” في لبنان

GMT 18:30 2021 الثلاثاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مالك مكتبي يعود بموسم جديد من "أحمر بالخط العريض"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon