احذروا المواجهات الأهلية فى سيناء

احذروا المواجهات الأهلية فى سيناء

احذروا المواجهات الأهلية فى سيناء

 لبنان اليوم -

احذروا المواجهات الأهلية فى سيناء

بقلم : عمرو الشوبكي

إذا حاول البعض أن يفسر عملية يوم الجمعة الأسود وفق التفسيرات الفقهية المنحرفة، التى بنى على أساسها التكفيريون حربهم ضد النظام الحاكم ورجال الشرطة والجيش، سنجد أنها ستعجز عن تفسير استهداف مسجد يؤمه مصلون ويسقط فيه 305 شهداء، بينهم 27 طفلا، و160 رجلا تجاوزت أعمارهم الستين عاما، فبأى ذنب قُتلوا!.

يقيناً هدف مَن قاموا بتلك العملية- (لم يتبنها داعش حتى اليوم، رغم أنها تحمل بصمته)- لم يكن الانتقام من الدولة باستهداف رجالها من الجيش والشرطة كما جرت العادة طوال السنوات الماضية، إنما باستهداف المصلين العزّل، فى تحوّل نوعى خطير يعبر عن حالة استغناء عن الحاضنة الشعبية، التى طالما حرص الدواعش على نَيْل تعاطفها.

والحقيقة أن التحول الذى أحدثه داعش فى تاريخ صناعة التطرف فى مصر والمنطقة العربية تمثّل فى اعتماده بالأساس على نمط تجنيد شعبى، (وليس عقائديا مغلقا مثل تنظيمى الجهاد والجماعة الإسلامية فى سبعينيات القرن الماضى)، تنقّل بين العراق وسوريا وسيناء، وأصبح هناك نمط جديد من التجنيد يستهدف دوائر شعبية واسعة لا تمتلك تكوينا عقائديا عميقا، وتتبنى رواية انتقام سياسى ضد النظم القائمة، يروجها التنظيم وسط الناس العادية، مثلما جرى فى العراق حين استثمر داعش شعور كثيرين من السُّنة بالاضطهاد والتمييز الطائفى، فشكّل بعضهم بيئة حاضنة له.

أما فى مصر فقد اعتمد الدواعش على بيئة حاضنة شُحنت بخطاب انتقام وثأر سياسى فى مواجهة الدولة، نتيجة ممارسات تجرى على الأرض، تعلقت بضحايا مدنيين سقطوا ولم يُعوَّضوا، أو منازل هُدمت، أو مصالح اقتصادية تضررت، بالإضافة إلى صور لا حصر لها من معاناة إنسانية يومية يعانى منها أهل سيناء، وأشار إليها عشرات الكتاب والمراقبين المؤيدين للدولة والنظام الحاكم، ولم يلتفت إليها أحد، حتى تفاقمت.

لقد حرص تنظيم ولاية سيناء على عدم خسارة البيئة المجتمعية الحاضنة له طوال السنوات الماضية، حتى جاءت العملية الأخيرة، وقضت على كل حججه فى أنه صوت الثأر من الدولة، بعد أن تحول إلى ثأر من الشعب وقتل الأبرياء.

والسؤال: لماذا استغنى داعش عن بيئته الحاضنة، التى تواطأت معه لسنوات طويلة وحمته؟، من الواضح أن عناصر داعش، أو بالأحرى مَن نفذوا العملية الإجرامية فى مسجد الروضة، يهدفون لإشعال الصراع القبلى والاقتتال الأهلى فى سيناء، فيقتلون 305 رجال، معظمهم من قبيلة السواركة، فيخرج بيان من اتحاد قبائل سيناء يدعو إلى الثأر منهم خارج المحاكم، وينقسم أهل القبائل ما بين مؤيدين للدولة فى غالبيتهم ومعارضين يُعتَدّ بهم.

التصعيد الجارى فى سيناء، والذى تغذيه بعض الأطراف داخل الدولة والإعلام، والمطالبة بتسليح القبائل، هو سيناريو كارثى يروج له البعض دون أن يعى تبعاته، وكأن المطلوب هو حرب أهلية فى سيناء وفق خطة مَن نفذوا عملية الجمعة السوداء.

استحضار تجربة الصحوات التى لم تنجح فى العراق كارثة، لأن مَن حرر المدن العراقية ليس حتى الحشد الشعبى، إنما الجيش العراقى والقوات الخاصة، ومعركتنا مع الإرهاب فى سيناء مُركبة، فبُعدها الاجتماعى والسياسى والتنموى أساسى مثل بُعدها الأمنى، وحان وقت تقديم سياسة بديلة تصحح الثغرات الكبرى فى كل الأبعاد.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احذروا المواجهات الأهلية فى سيناء احذروا المواجهات الأهلية فى سيناء



GMT 07:40 2024 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

الموقف الإيراني

GMT 21:20 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

حديث المصالحة مع «الإخوان»

GMT 20:02 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

التطرف الإسرائيلي

GMT 19:42 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

القضاء على حماس

GMT 08:45 2022 الإثنين ,25 تموز / يوليو

٧٠ عامًا على «يوليو»

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:24 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح
 لبنان اليوم - الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon