التبرير الفكري للاحتلال

التبرير الفكري للاحتلال

التبرير الفكري للاحتلال

 لبنان اليوم -

التبرير الفكري للاحتلال

بقلم : عمرو الشوبكي

ممارسات دولة الاحتلال فى غزة تقول إنه سواء قبلت إسرائيل بحق الشعب الفلسطينى فى دولته المستقلة أو لا، فإن موقف فصائل المقاومة المسلحة وحاضنتها الشعبية سيظل كما هو فى معاداة إسرائيل ومواجهتها بالقوة المسلحة وبالعمليات الانتحارية بسبب بنية هذه الفصائل العقائدية، بما يعنى أن السياق السياسى والاجتماعى المحيط لن يغير فى النصوص الفكرية والعقائدية لهذه التيارات لأسباب هيكلية وأحيانا «جينية».

والحقيقة أن الجدل الذى دار حول التعامل مع الجماعات الراديكالية بمختلف تنوعاتها سواء كانت فصائل المقاومة الإسلامية المسلحة أو التنظيمات الثورية فى أوروبا وأمريكا الجنوبية ممتد فى الأوساط الأكاديمية والسياسية منذ عقود، والنقاش الذى دار منذ تسعينيات القرن الماضى فى الأوساط البحثية الفرنسية حول ظاهرة «الإسلام السياسى» تركز فى جانب مهم منها عن أيهما له «الغلبة» وسيعيد بناء أو تفكيك أيديولوجيات التيارات الإسلامية المتشددة بمختلف تنوعاتها: هل السياق (Contexte) أم النص ( Texte) بمعنى أنه لكى تراجع هذه التيارات توجهاتها وأفكارها هل سيكون ذلك بفضل السياق الاجتماعى والسياسى المحيط بها عبر اتخاذ إجراءات وسياسات تدفعها نحو الاعتدال أو التطرف؟ أم سيكون بفضل مراجعة تفسيرات النص الدينى بصورة معتدلة ترشد الخطاب الدينى وتجدده، وهناك أخيرًا من دمج بين المفهومين واعتبر أن السياق يمثل عاملًا رئيسيًا فى تشكيل تفسيرات النص دون أن يلغى ذلك أن بنية الأخير وطبيعته تحدد مساحة الاستجابة للسياق المحيط.

وقد ظلت الأوساط اليمينية والمحافظة وبقايا المدارس الاستشراقية القديمة ومعها معظم النخب الإسرائيلية الحالية تعتبر أن النص العقائدى للتيارات الإسلامية هو بمفرده الذى يفسر ممارساتها وخياراتها السلمية أو العنيفة بصرف النظر عن السياق المحيط.

والحقيقة أن معظم الكتابات العلمية فندت النظريات التى فصلت بين النص والسياق، كما أن الواقع العملى أثبت أيضا أن السياق السياسى والاجتماعى والإقليمى يمكن أن يعيد تأسيس وبناء هذه الأيديولوجيات فى كثير من التجارب، وإنه لا يمكن القول إن واقع الاحتلال والإبادة الجماعية والخطاب العنصرى والتحريضى الذى تمارسه منظومة الحكم فى إسرائيل سينتج خطابًا فلسطينيًا مدنيًا ومسالمًا إنما بلا شك سيجعل من اعتماد الوسائل العنيفة والعودة لتفسيرات دينية تبرر العنف و«الجهاد ضد المحتلين» غالبًا.

إن الترويج الإسرائيلى لمسألة أن العنف مسألة أصيلة لدى ثقافة الفلسطينيين ويجب عقاب الجميع نساء وأطفالا ومدنيين لأن المشكلة ليست فى السياق أى الاحتلال إنما فى قيمهم ودينهم وثقافتهم، وفيما تسميه «بالعنف الإسلامى» والقيم الثقافية التى تحرض ضد دولة إسرائيل وتنسى أو تتناسى أن الجانب الرئيسى الذى يقف وراء وجود أيديولوجيا المقاومة العنيفة هو ليس ضد دولة طبيعية ولا ضد ديانة إنما ضد دولة احتلال ترتكب جرائم إبادة جماعية وتجويعا وقتلا للمدنيين لم يشهدها العالم منذ قرون.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التبرير الفكري للاحتلال التبرير الفكري للاحتلال



GMT 14:58 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

عقليّة الغلبة دمّرت لبنان

GMT 14:32 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

محارق

GMT 14:31 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

صورة المسلم بين عائلتين

GMT 14:30 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

حزب البعث اللبناني: أهمية ما ليس مهماً

GMT 14:29 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

جوع وصقيع وفزع

GMT 14:29 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

أبواب دمشق

GMT 14:28 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

«كايسيد»... الحوار هو الخيار

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا والحوار المهيكل

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 06:50 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال نيوزيلندا العنيف يتسبب في تحريك جزر رئيسية

GMT 22:25 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

3مستحضرات فقط تخفي علامات تعب وجهك نهائيا

GMT 18:35 2019 الخميس ,18 تموز / يوليو

5 أسرار لتطبيق المكياج من أجمل نساء بريطانيا

GMT 16:57 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"موريشيوس" ملاذ رومانسي ساحر لقضاء شهر العسل

GMT 13:05 2012 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

إضراب في مطار شرم الشيخ يتسبب في إغلاق جزئي أمام السياح

GMT 04:44 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

لاكوتريبيس يعلن اكتشاف حقل غاز على سواحل قبرص

GMT 18:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إتيكيت دفع فاتورة حساب المطعم

GMT 10:31 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 07:27 2014 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جائزة لـ«فقه العمران»

GMT 21:14 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

تعرف علي توقعات أحوال الطقس في لبنان الاربعاء

GMT 18:27 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

انفجار في مدينة بنش في ريف إدلب السورية

GMT 00:31 2021 السبت ,13 آذار/ مارس

تخفيض سعر تعرفة فحص الـPCR الى 100 الف ل.ل!
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon