الإرهاب الأسود

الإرهاب الأسود

الإرهاب الأسود

 لبنان اليوم -

الإرهاب الأسود

عمرو الشوبكي

سقط 30 جندياً مصرياً ضحية الإرهاب الأسود، وانضمت لقافلة الشهداء أسماء جديدة، حموا بدمائهم كرامة المصريين وسلامتهم، ودفعوا أرواحهم ثمنا لحماية وطن وشعب مازال صامدا رغم كل المحن والأزمات.

الإرهاب الأسود ورم أصاب المجتمعات الإسلامية فى العقود الأخيرة وصدّرناه للعالم، ودفعنا جميعا ثمنه لأن هؤلاء حُسبوا اسماً على الإسلام والمسلمين وهم أكثر خطراً عليه من أعدائه.

فى مصر يسقط شهداء من الجيش والشرطة برصاص الإرهاب الأسود الذى استهدف 500 رجل شرطة وجيش منذ ثورة 25 يناير، وتجاهل البعض نعيهم ولم يتألم لموتهم إنما عبر عن شماتة رددها بعض المأجورين، وتجاهل من قبل بعض المغيبين، فى مقابل تضامن مؤكد من قبل ضمير هذا الشعب ونبضه الحى الذى عرف معنى وقيمة أن تكون شهيدا فى هذا الوطن.

ورغم أن الإرهاب بكل أشكاله مدان ولا يمكن تبريره تحت أى ظرف إلا أن وسائل مواجهته هى التى تختلف فيها الأولويات، فلا أحد فى العالم كله يختلف على أن إحدى أبرز وسائل مواجهة الإرهاب تتمثل فى المواجهات الأمنية، التى لا تكتفى فقط بنشر الجنود ودك أوكار الإرهاب إنما فى متابعة ما يجرى على الأرض بشكل يومى ودقيق، ومعرفة أوجه القصور التى قد تصيب القوى الأمنية فى معركتها مع قوى الشر والإرهاب والعمل على تصحيحها.

والسؤال الذى يجب أن يُطرح بعد كل اعتداء إرهابى على كمائننا الثابتة: هل نحن بحاجة إلى تعريف جديد لمعنى الكمين الثابت؟ الإجابة على الأرجح بـ«نعم»، وهذا لا يعنى اختفاء هذه الكمائن إنما تقليلها وتأمينها بوسائل حديثة، ووضع صيغ للتدخل الأمنى السريع فى مواجهة أى حادثة إرهابية، لأننا لم نر مواجهة واحدة مع الإرهابيين حضرت فيها التعزيزات الأمنية فى وقت مناسب، وفى بعض الحالات غير الحالة الأخيرة (التى كانت تفجيراً بسيارة مفخخة) استمرت الاشتباكات لعشرات الدقائق وأحيانا لساعة ولا نرى أى قدرة على التحرك السريع من قبل أجهزة الأمن فى مواجهه الإرهابيين، أو حتى مطاردتهم فى الوقت المناسب وإلقاء القبض عليهم، إنما هناك فى كل مرة سيناريو متكرر: اعتداء إرهابى وهروب الإرهابيين.

معضلة ملف الإرهاب فى مصر مثل كل الملفات، أنه تُرك لتصور واحد هو التصور الأمنى، وهو حتماً الأهم فى مواجهة الإرهاب، ولكن من الصعب القول إنه الطريق الوحيد وليس الرئيسى لمواجهة الإرهاب.

لماذا سيناء، ولماذا الإرهاب هناك أكثر من باقى المدن المصرية؟ وهنا علينا أن نسأل السؤال الصعب: هل هناك بيئة حاضنة للإرهاب فى سيناء أكثر من غيرها نتيجة التهميش والمواجهات الأمنية التى تمتد منذ اعتداء طابا فى 2004؟ وهل هناك هوية ثقافية خاصة (فى إطار الوطنية والثقافة المصرية الجامعة) لأهل سيناء تجاهلها المركز فى القاهرة، فشعر بعض أهلها بالغبن فأغمض البعض أعينه عن جماعات الإرهاب؟ هل هناك قبائل فى سيناء تحمى أبناءها حتى لو كانوا جزءاً من شبكات دعم الإرهابيين نتيجة المنطق القبلى؟ وهل فى النهاية أصبحت سيناء بيئة حاضنة للإرهاب؟ وإذا كانت الإجابة بـ«نعم»، فكيف يمكن التعامل مع هذه البيئة الحاضنة بوسائل سياسية واجتماعية حتى يمكن فصلها عن الجماعات الإرهابية، وبالتالى يمكن هزيمتها بسهولة لأنها ستنتقل من حالة لها ظهير مجتمعى محدود (ولو بغض الطرف) إلى ظاهرة إجرامية، مهما كانت قوتها فإنها ستخسر حتماً معركتها ضد الدولة والشعب، لأنها ستفقد البيئة الحاضنة لها، وهذه هى بداية النهاية لأى ظاهرة إرهابية.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإرهاب الأسود الإرهاب الأسود



GMT 21:26 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

شفافية في المعلومات والأرقام يا حكومة

GMT 21:25 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

معلقات اليمن

GMT 21:24 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

العصا الرقمية... والهشّ على الغنم

GMT 21:23 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في عشق السلاح...

GMT 21:22 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا المتحدة... وليبيا المُنقسِمة

GMT 21:21 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في ذكرى استقلال ليبيا... ماذا أبقيتم للأجيال المقبلة؟

GMT 21:20 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

قوات الاستقرار في غزة

GMT 21:19 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم... أفراح القلوب المكسورة

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:23 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا سبورتاج 2026 تحصد لقب "أفضل اختيار للسلامة بلاس" لعام 2025

GMT 00:03 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 18:04 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

اتيكيت مقابلة أهل العريس

GMT 19:07 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

عبير صبري تؤكد إلى أحمد مالك الأخلاق مش بتنفصل عن الفن

GMT 05:24 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

الجماعات الإسلامية" تشن حملة لتشوية الإعلام"

GMT 12:06 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

فيلم «شماريخ» يتصدر شباك التذاكر بـ14 مليوناً و521 ألف جنيه
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon