الجمهور الثاني

الجمهور الثاني

الجمهور الثاني

 لبنان اليوم -

الجمهور الثاني

عمرو الشوبكي

هناك من السياسيين والنشطاء من يتصور أن العالم يقف عند حدود من يعرفهم، وأن جمهوره هو حصرياً المعبّر عن كل المصريين، واعتاد كل مرة أن يكتشف دون أن يتعظ أن هناك جمهورا ثانيا لا علاقة له بالنخب السياسية، حاضرا ومؤثرا فى كل مكان.

وربما دهشة البعض من حجم الجمهور الذى أقبل على شراء شهادات قناة السويس دلت على عزلته عما يجرى فى الشارع المصرى، وأيضا على وجود هذا «الجمهور الثانى» الذى مازال حاضرا فى الحياة العامة وتحركه مشاعر وطنية بسيطة.

ورغم أن مصر من البلاد النادرة التى فيها الأرقام وجهات نظر، بما يعنى ضرورة أخذ الأرقام المعلنة عن عدد من اشتروا وحجم الودائع بقدر من الحذر إلا أنه المؤكد أن هناك أعداداً هائلة من المصريين أقبلت على شراء هذه الشهادات حتى قُدرت قيمتها بـ6 مليارات جنيه فى يوم واحد.

الجمهور الثانى ليس منخرطا فى أحزاب، وهو يمثل ظهيرا شعبيا مازال كبيرا لرئيس الجمهورية، ولأى مشروع أو خطاب وطنى قادم من الدولة، وهو تربة خصبة لثقافة سياسية تمحورت منذ ثورة يوليو حول الدولة وزعمائها وتنظيماتها حتى أصبحت ومازالت الرقم الأكبر فى الحياة السياسية المصرية.

فهؤلاء هم الذين أعطوا للسيسى دعماً حين رفع الدعم عن أسعار الطاقة، وتقبلوا ولو على مضض هذا القرار فى حين أنهم رفضوا رفعا أقل من الرئيس السادات واحتجوا عليه، ومن يومها لم يحرك مبارك الدعم عن سلعة واحدة حرصا على الكرسى وليس المصلحة العامة.

ثقة الجزء الأكبر من الجمهور الثانى فى الرئيس ليست شيكاً على بياض، قد تتغير، ولكن دلالتها الأساسية فى وجود هذا الجمهور وفى نوعية المنتمين له من خارج السياسة ومن خارج الأحزاب، وولاؤهم التلقائى للوطنية المصرية، وهو جمهور سيظل حاضرا طالما ظلت لديه ثقة فى وطنية وإخلاص من يحكمونه.

مشكلة الجمهور الثانى أن أغلبة «غير مسيّس» ولا يتعاطف مع الأحزاب، وسيختفى وربما يتراجع فى حال ظهور وسيط حزبى للرئيس يضمن وجوده، شبيه بذلك الذى كان موجودا فى الحزب الوطنى.

صحيح أن هذا الجمهور ظل وفياً لعبدالناصر فى حياته وبعد مماته، إلا أن الرجل قاد نظاماً غير تعددى، وكان هدف تنظيمه الوحيد، أى الاتحاد الاشتراكى، تنظيم الأمة كلها، وفى قلبها «الجمهور الثانى»، وليس طبقة أو فئة أو تجمع مصالح، ويقوده الزعيم عبدالناصر.

الجمهور الثانى كان هو الظهير الشعبى للضباط الأحرار حين تعثرت تجربة الأحزاب، فدعّم تجربتهم ونظر لقائدهم باعتباره مخلصا وليس فقط زعيما، أما الآن فمن الصعب أن تقيم أمة بالجمهور الثانى فقط، ومن الصعب أيضا أن تبنيها بدونهم، فمصر الستينيات ليست مصر الألفية الثالثة، كما أنها لم تتقدم ببناء السد العالى فقط، ولم تكتف بالعموميات والشعارات الوطنية رغم قوتها وكثافتها وحضورها فى الوجدان الشعبى دون غيرها تقريبا حتى الآن (الاستثناء الأغانى الوطنية فى حرب 1973)، إنما كانت لديها رؤية سياسية واضحة غائبة منذ مبارك وحتى الآن.

الجمهور الثانى هو أصل المجتمع المصرى، ولكنه يجب ألا يُترك فى العراء للدولة البيروقراطية وللأداء المتدهور، إنما يجب أن يبلور نفسه فى مشاريع سياسية وأهلية تنظم طاقته فى اتجاه صحيح، ولا تبقى فى تلك المساحة التى تكره السياسة وتجرفها، وأيضا تعمل على تفكيك ما تبقى من دكاكين السياسة المنعزلة تماما عن الجمهور الثانى وأى جمهور.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجمهور الثاني الجمهور الثاني



GMT 17:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ميلاد مجيد محاصر بالتطرف

GMT 17:16 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكومة العالم

GMT 17:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

هل انتهى السلام وحان عصر الحرب؟!

GMT 17:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟

GMT 17:13 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مقتل الديموغرافيا

GMT 17:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مبدأ أثير لدى ساكن البيت الأبيض

GMT 17:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماذا تبقى من ذكرى الاستقلال في ليبيا؟

GMT 17:10 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظاهرة الأصولية وحالة «التأقلم الماكر»

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon