الحنين للنقاش العام

الحنين للنقاش العام

الحنين للنقاش العام

 لبنان اليوم -

الحنين للنقاش العام

عمرو الشوبكي

ليس صحيحا أن الشعب يريد الاستباحة و«سى دى» لكل مواطن ويستمتع بالتهم الملفقة وفصائل الردح، فالأسماء المحصنة هى التى تريد ذلك، وهى التى تعلن كل يوم أنه لن يحاسبها أحد لأنها محمية من قبل السلطة.

صحيح أن صحف النميمة الصفراء ورموزها موجودون فى كل دول العالم وتستهوى شريحة من القراء، لكنها لا تلغى كما يجرى عندنا وجود نقاش الأفكار والرؤى السياسية والاقتصادية.

فى مصر النقاش العام تقريبا غائب لأن القرارات الحكومية المهمة لا تخضع لأى نقاش عام من أى نوع، والرئيس فى يده سلطة التشريع والتنفيذ، ولا يوجد مشروع أو مقترح خضع فى مصر لنقاش عام، فهناك رؤية واحدة وهناك مطبلون وحملة مباخر، وفى مواجهتهم (أو الوجه الآخر لهم) هناك من يرغب فى الهدم ويشمت فى أى تعثر أو مصيبة.

وفى ظل تغييب مدارس فكرية وسياسية يسارية ويمينية تناقش مسارنا السياسى، وفى ظل غياب حتى نقاش فنى حول المشاريع الاقتصادية أمام الرأى العام أصبح البلد أسير إما قوى العنف والعمليات الإرهابية (ممارسة وتبريراً) أو قوى الاحتجاج والرفض، أو ملايين المنسحبين والمحبطين من المجال العام والسياسى.

ولعل التفاعل الذى شهدته بعض مواقع التواصل الاجتماعى وتعليقات كثير من الشخصيات اليسارية على بيان أصدره الاشتراكيون الثوريون (تنظيم تروتسكى، نسبة إلى أحد قادة الثورة الشيوعية فى روسيا، الذى اختلف مع مسار بناء الدولة الشيوعية لصالح فكرة الثورة الدائمة)، اعتبر فيه أن من يضعون الديكتاتورية العسكرية مع الديكتاتورية الدينية فى كفة واحدة مخطئون، لأن من يحكم مصر الآن هو الديكتاتورية العسكرية التى يجب على الجميع العمل على إسقاطها بالتحالف مع جماعة الإخوان المسلمين.

والمدهش أن هذه الأطروحة جاءت على يسار أطروحة يسارية ثورية أخرى هامشية بلا رصيد شعبى تعتبر أن مصر تعانى من فاشية عسكرية ودينية وتضع الحكم الحالى وحكم الإخوان فى كفه واحدة، فى حين أن هناك كتلة معارضة حقيقية فى مصر تمثل بدورها أقلية ولكن يعتد بها، ترى ضرورة الفصل بين المؤسسة العسكرية وأى سلطة سياسية، وتعتبر الجيش مؤسسة وطنية حمت مصر من أخطار ومصائر سوداء يتمناها الإخوان وحلفاؤهم من قوى الهامش الثورية، وأنه لابد من النضال السياسى والسلمى من أجل بناء ديمقراطية حقيقية تكون نقطة انطلاقها هى الدولة الوطنية والدستور المدنى والنظام الجمهورى.

وجاء رد فعل كثير من القيادات اليسارية والقومية والشباب الليبرالى على بيان الثوريين الاشتراكيين (وكما قالوا) أكبر بكثير من وزن التنظيم، بل إن بعض من اشتبكوا معهم على مواقع التواصل الاجتماعى من مواقع فكرية وسياسية مختلفة، وتابعت ما كتبوه مثل محمد العجاتى (يسارى خارج التنظيمات اليسارية)، أحمد خيرى (مصريين أحرار)، عماد حمدى ومحمد عبدالعزيز (تيار شعبى)، وغيرهم، اتهموهم بالمراهقة الثورية والضعف والتخبط الفكرى، ورغم ذلك «ما يصدقوا» وجود فكرة ولو طائشة لكى يشتبكوا معها فى ظل حالة التجريف الحالية.

كما اعتبر يساريون آخرون أن البيان يدافع عن الإرهاب، فى حين أن اليسار دافع تاريخياً عن التقدم والعقلانية والدولة الوطنية الديمقراطية، كما قال صديقنا المناضل أحمد بهاء شعبان.

من حق الجميع أن يقول ما يشاء من أفكار، ويجب ألا تقابل أى فكرة بالسجن أو المصادرة إنما بفكرة أو أفكار أخرى، وطالما لم نعتبر أن التنمية السياسية جناح آخر لا بديل عنه (مثل التنمية الاقتصادية) لتحقيق التقدم، فتوقعوا مزيداً من هذه الأفكار وما على شاكلتها.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحنين للنقاش العام الحنين للنقاش العام



GMT 21:13 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 21:12 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 21:07 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 21:06 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 21:05 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

حين قرأ كسينجر لحسن البنا

GMT 21:04 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 11:59 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

يتحدث هذا اليوم عن مغازلة في محيط عملك

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 14:39 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:04 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 04:58 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon