المسارات المقطوعة 1 2

المسارات المقطوعة (1- 2)

المسارات المقطوعة (1- 2)

 لبنان اليوم -

المسارات المقطوعة 1 2

عمرو الشوبكي

يقيناً جزء من نجاح أي تجربة سياسية هو قدرتها على إحداث تراكم سياسى لا ينقطع إلا مع تحولات تاريخية كبرى تتكرر ربما كل مئات السنين وفى بعض النظم الملكية (بريطانيا مثلا) عرفت تغيرات عميقة وجراحية في طبيعة نظامها الملكى دون أن تتخلى عنه أو أن تسقطه حتى أصبحت هذه النظم لا تختلف كثيرا عن النظم الجمهورية الديمقراطية داخل أوروبا وخارجها.

وفى الشرق الأوسط عرف كثير من دوله مسارات «غير مقطوعة» لفترة طويلة من الزمن، وأن القطيعة التاريخية إذا حدثت تكون استثناء مع نظام قديم أسس بدلا منه نظام جديد اختلف جذريا عنه، وبصورة سمحت بعد ذلك بإحداث تراكم سياسى ساعد هذه البلاد على بناء نظم كفء ولعب أدوار فعالة في المنطقة.

ولعل أي مقارنة بين تجارب أكبر ثلاث دول شرق أوسطية بمعيار العمق التاريخى والحضارى، مثل مصر وتركيا وإيران سنكتشف أن كلا منها عرف لحظة التحول أو القطيعة مع الماضى في نقطة تاريخية معينه، بما يعنى أن البدايات كانت تقريبا واحدة، مع اختلاف السياق والواقع المجتمعى، فإيران عرفت لحظة القطيعة مع النظام السابق عام 1979 حين نجحت الثورة الإيرانية في إسقاط نظام الشاه الملكى (الإمبراطورى) وأسست الجمهورية الإسلامية التي حافظت على خط متصل رغم تغير الرؤساء وخلاف الأحزاب الإصلاحية والمحافظة، بل إن البعض يعتبر أن إيران بعد التوقيع على اتفاقها النووى مرشحة في المستقبل المنظور أن تتجاوز سلميا وديمقراطيا نظام ولاية الفقيه الذي سيبقى موجودا من الناحية الرمزية فقط، ومن الناحية العملية ستنقل معظم صلاحيات مرشد الثورة إلى المؤسسات المنتخبة مثلما حدث في بريطانيا مع نظامها الملكى (الملك يملك ولا يحكم) عقب عقود طويلة من التراكم والضغوط الشعبية والترتيبات السياسية أدت إلى استمرار الملكية وتغيير طبيعتها.

أما تركيا فقد أسقط زعيمها مصطفى كمال أتاتورك دولة الخلافة الإسلامية وأسس في عام 1925 الجمهورية العلمانية الجديدة، ومنذ ذلك التاريخ عرفت تركيا نظما سياسية مختلفة بعضها كان عسكريا وديكتاتوريا وبعضها حاول أن يكون ديمقراطيا، وبعضها الثالث بدأ ديمقراطيا وإصلاحيا (مثل أردوجان) وانتهى مصابا بداء التسلط والرغبة الدفينة في البقاء الأبدى في السلطة.

النظم السياسية التركية الممتدة لم تغير توجهها 180 درجة نتيجة تغير الحاكم أو الحزب، إنما بقيت محافظة على خط واحد ظل حاضرا في خلفية كل السياسيين وهى العلمانية، والتحالف مع الغرب والاندماج في المنظومة العالمية الغربية، وذلك منذ تأسيس جمهوريتها وحتى الآن.

والحقيقة أن الخبرة المصرية كانت في بدايتها مبشرة فقد عرفت مثلا تركيا زعيما من خلفية عسكرية قاد ثورتها على الملكية وهو جمال عبدالناصر وأسس النظام الجمهورى وأصبحت لحظة القطيعة مع النظام الملكى الذي امتد 150 عاما هي عام 1954 حين أعلن عبدالناصر الجمهورية وأسس نظاما جديدا.

والحقيقة أن محاولات القطيعة السياسية التي جرت في مصر بعد هذه اللحظة الفاصلة والمبررة تاريخيا في القطيعة بين الملكية والجمهورية لم تكن لها نفس المبررات وعطلت مسيرة مصر ولم تساعدها على التقدم مثلما جرى في شكل القطيعة بين السادات وتجربة عبدالناصر وأيضا ما جرى في أعقاب ثورة 25 يناير.

فكيف وقعنا في خطأ وخطر المسارات المقطوعة؟.. يبقى هذا حديث الغد.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسارات المقطوعة 1 2 المسارات المقطوعة 1 2



GMT 18:40 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أسقط الركن الثالث

GMT 18:39 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

بين القوانين والإعلانات والأخلاق

GMT 18:38 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

عام «سَوْقَنَة» القضايا

GMT 18:37 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتية الإيرانية في انتظار الاختبار الصعب

GMT 18:18 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

2026... عام التوضيحات؟

GMT 18:14 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

العراق ما بين تاريخين

GMT 18:13 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

يحمل اسم زويل

GMT 18:12 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

هند رستم.. الأنوثة قبل الإغراء دائمًا!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:24 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح
 لبنان اليوم - الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon