حديث المصالحة وملء الفراغ

حديث المصالحة وملء الفراغ

حديث المصالحة وملء الفراغ

 لبنان اليوم -

حديث المصالحة وملء الفراغ

عمرو الشوبكي

رسالة المهندس شريف العزاوى- التى نشرتها يوم الثلاثاء الماضى تحت عنوان: «حديث المصالحة»- أثارت ردود فعل كثيرة، بعضها جاء من «مهندسين» آخرين مثلما جاء فى رسالة المهندس حازم راضى:

«بعد التحية العطرة والشكر لمقالاتك التى تثير فينا الأسئلة، فقد قرأت مقالك فى (المصرى اليوم) بعنوان: (حديث المصالحة)، وأثار فى نفسى بعض الأفكار التى أردت أن أتشارك فيها معك.

علينا أن نعترف بأن الإخوان المسلمين يمثلون قمة جبل الجليد الظاهر على السطح من التيار الإسلامى كله، بسبب الخلط العمدى للخطاب السياسى بالدينى، ما يعطيهم فرصة دائمة لاجتذاب وتجنيد معظم أنصار التيار الإسلامى فى المجتمع المصرى إلى تنظيمهم أو خدمة أهدافهم.

إننى أعترف بأننى على النقيض التام مع أى حركة تتحدث باسم الدين الإسلامى وتضع نفسها وصية على الدين من دون الله، وأتمنى أن توضع هذه القوى فى حجمها الحقيقى، وأن تتم مواجهتها من قِبَل المجتمع قبل الدولة، حتى لا تستفحل وتصبح مصدراً للإرهاب الفكرى أولًا، ثم الإرهاب المسلح ثانياً، ومن هذا المبدأ فإننى من وجهة نظرى أرى أن المصالحة التى تحدث عنها المهندس شريف فى مقالكم (حديث المصالحة) لن تتم إلا فى وجود ظروف معينة، وبدونها لن تصبح أى مصالحة إلا قبلة حياة لتنظيم إرهابى مختنق ويعانى وليس ميتاً بعد.

أهم هذه الظروف، من وجهة نظرى، هى وجود مجتمع مدنى قوى ومتعلم تعليما حقيقيا، ومنفتح على كل الأفكار، وله القدرة الحقيقية على التأثير على الأرض وبين الناس وليس فى المكتبات أو فى قاعات البحث. إن هذا المجتمع القوى لابد أن يفرز تيارا ثقافيا قويا يجابه هذه الأفكار المعادية للإنسان والدولة والدين، حيث إنه سيفرز سياسيين ونخباً لا يخضعون للضغوط الإرهابية، ويعرفون مصلحة المجتمع، ويرعون مصلحة الدولة. وستظهر قوة هذا المجتمع فى كل الاستحقاقات السياسية من انتخابات برلمانية ورئاسية ومجالس محلية ومحافظين وجامعات ومعاهد.

من ضمن هذه الشروط أيضاً وجود تنوير دينى حقيقى يفتح الباب لتنقية التراث الإسلامى من الشوائب البشرية التى لحقت به، وأعطت مسوغا شرعيا لهذه الجماعات للتدخل فى كل نواحى الحياة البشرية لتنميطها وقولبتها.

أيضا من المهم جدا- كما ذكرتم من قبل- وجود شروط سياسية أو (منظومة دستورية وقانونية لقبول أى شخص أو تيار، مهما كان انتماؤه الفكرى فى العملية السياسية وفق الدستور والقانون).

فى رأيى الشخصى، هناك نظرية تُعرف بنظرية (ملء الفراغات)، وهذه النظرية تعتمد على أن وجود أى فراغ سياسى أو اجتماعى أو اقتصادى لابد أن يتم ملؤه، وهذا ما حدث أثناء حكم مبارك والمجلس العسكرى، وذلك بسبب عدم قدرة المجتمع المدنى على إفراز أو بلورة فكرة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية يمكن للمجتمع أن يتمسك بها، ولهذا فقط ظهرت المؤسسة العسكرية لانضباطها ومهنيتها ووطنيتها وأسرعت بملء هذه الفراغات، حتى تقطع الطريق على الإخوان ولا يتم تهديد الأمن القومى أكثر من ذلك. ولكن ذلك ليس دور المؤسسة العسكرية بل هو دور المجتمع المدنى، ولحين ظهور مجتمع مدنى قوى قادر على ملء الفراغات وإدارة البلاد فسيظل المجتمع يتطلع إلى الجيش، لأنه المؤسسة الوحيدة المنضبطة والقادرة على إفراز قادة ومديرين لإدارة شؤون البلاد.

فى رأيى الشخصى، إن لم تتحقق هذه الظروف كلها ويصبح الدور الرئيسى والفاعلية للمجتمع المدنى بجميع مكوناته- وفى مقدمتها الأحزاب السياسية- فلا حديث عن مصالحة، حتى لا نكتشف أننا وضعنا بيض ثعابين وسط الفراخ، ثم نندم بعد ذلك أشد الندم، حيث لا ينفع حينها ندم.

أرجو ألا أكون قد أطَلْتُ عليك، ولك منى جزيل الشكر».

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حديث المصالحة وملء الفراغ حديث المصالحة وملء الفراغ



GMT 18:40 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أسقط الركن الثالث

GMT 18:39 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

بين القوانين والإعلانات والأخلاق

GMT 18:38 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

عام «سَوْقَنَة» القضايا

GMT 18:37 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتية الإيرانية في انتظار الاختبار الصعب

GMT 18:18 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

2026... عام التوضيحات؟

GMT 18:14 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

العراق ما بين تاريخين

GMT 18:13 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

يحمل اسم زويل

GMT 18:12 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

هند رستم.. الأنوثة قبل الإغراء دائمًا!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:24 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح
 لبنان اليوم - الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon