نجيب محفوظ

نجيب محفوظ

نجيب محفوظ

 لبنان اليوم -

نجيب محفوظ

عمرو الشوبكي

مرت 8 سنوات على رحيل نجيب محفوظ، ففى 30 أغسطس 2006، رحل عن عالمنا أديب عظيم وروائى من طراز رفيع وظاهرة إنسانية فريدة.

وقد ولد نجيب محفوظ عبدالعزيز إبراهيم أحمد الباشا فى حى الجمالية بالقاهرة، وهو أصغر إخوته. وكان عمره سبعة أعوام حين قامت ثورة 1919 التى أثرت فيه تأثيرا كبيرا، والتحق بجامعة القاهرة فى 1930 وحصل على ليسانس الفلسفة، وعمل سكرتيرا برلمانيا فى وزارة الأوقاف (1938- 1945)، ثم مديرا لمؤسسة القرض الحسن فى الوزارة حتى 1954، ثم أخيرا رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما (1966- 1971)، وكاتبا مرموقا فى صحيفة الأهرام.

و«محفوظ» بالنسبة لكثيرين هو الروائى الأعظم فى تاريخ مصر، وربما العالم، وقيمته أنه ابن التربة المحلية المصرية التى لم يغادرها ولم يتفاعل مع غيرها ومنها انطلق إلى العالمية ونال جائزة نوبل وتلك قيمة مهمة علينا تأملها.

فمحفوظ فى ثلاثيته الشهيرة (بين القصرين وقصر الشوق والسكرية) تعمق فى مصر الشعبية والحارة المصرية والواقع السياسى والاجتماعى بصورة دقيقة وإنسانية فريدة، وهو الروائى الوحيد القادر على أن يكتب مئات الصفحات (تتجاوز الألف صفحة ثلاثية نجيب محفوظ) دون أن يختل لوهلة البناء المعمارى للرواية ولا أن تتوه منك شخصياته أو تشعر بالتشتت.

والحقيقة أن تأثير محفوظ فى الحياة الثقافية والسياسية هائل، وأن رواياته التى قرأت بعضها أكثر من مرة مثلت نموذجا صادقا وملهما فى فهم البيئة الاجتماعية المصرية بمختلف تفاصيلها وكما يعيشها بسطاء المصريين دون تكلف أو استعلاء أو ادعاء بطولات، فالبشر كما هم فى أى مكان فى العالم، والحارة المصرية بمحليتها جزء من هذا العالم، فهى مكان ملهم وساحر، فيه بشر خطاءون وأشرار وطيبون، وفيه روح إنسانية أثرت فى الدنيا كلها.

أذكر أنى وصلت إلى فرنسا مباشرة عقب حصول محفوظ على جائزة نوبل، ورأيت حجم التأثير الهائل الذى أحدثته روايات محفوظ المترجمة فى المجتمع الفرنسى وفى كليات الآداب بعد أن قُرئت على نطاق واسع، وهو الذى لم يعش فى أى مجتمع غربى ولم يغادر حارته المصرية قط.

أن تكون عالميا لا يعنى بالضرورة أن تعيش فى الغرب، ولا أن تكتب ما يحب أن يسمعه الغرب، ولا أن تعرف ما هى القضايا التى سيصفق لك فيها الغرب وتكتب عنها كما يفعل البعض، فالفارق بين رواية «أولاد حارتنا» لنجيب محفوظ، التى فيها عبقرية الأديب وخياله (ولم أر أنها مست الذات الإلهية) وبين «آيات شيطانية» لسلمان رشدى (قرأتها أيضا حين كنت فى فرنسا) هائل، لأن الأول تحدث بما يشعر به أديب مصرى عربى ابن بيئته المحلية، ويستهدف جمهورا عربيا، فنال عنها جائزة نوبل، والثانى كتب لكى يصفق له الغرب، ولم ير من الأصل جمهور العالم الإسلامى، فكانت رواية عدائية، فيها من التهكم والاستعلاء وإهانة مشاعر المسلمين الكثير (لا يعنى ذلك قبول دعاوى القتل ضد سلمان رشد).

المؤكد أن محفوظ أثر فى كاتب هذه السطور تأثيرا كبيرا منذ أن بدأ يقرأ أعماله وهو طالب فى الثانوى، وأكمل معظمها وهو فى الجامعة، وأعاد قراءتها حتى الآن من حين إلى آخر.

وقد تكون روايات نجيب محفوظ سببا فى عدم قدرتى على استكمال أى رواية مصرية، الحوار فيها بالعامية، حتى لو كانت بوزن «باب الخروج» أو «الفيل الأزرق»، لأن الرواية هى بناء وحوار باللغة العربية (حتى لو كانت مبسطة)، وأعتبر أن مسألة إهانة اللغة العربية لصالح الكتابة باللغة العامية لا تنفصل عن حالة الاستسهال السائدة فى مجتمعنا التى أنستنا أن هناك شعرا وأعمالا أدبية تصل للقلوب والعقول باللغة العربية، وصار كثير من أعمالنا الثقافية من شعر ورواية وغناء باللهجة العامية وتركنا اللغة العربية لروايات محفوظ وإبداعاته الخالدة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نجيب محفوظ نجيب محفوظ



GMT 21:26 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

شفافية في المعلومات والأرقام يا حكومة

GMT 21:25 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

معلقات اليمن

GMT 21:24 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

العصا الرقمية... والهشّ على الغنم

GMT 21:23 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في عشق السلاح...

GMT 21:22 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا المتحدة... وليبيا المُنقسِمة

GMT 21:21 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في ذكرى استقلال ليبيا... ماذا أبقيتم للأجيال المقبلة؟

GMT 21:20 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

قوات الاستقرار في غزة

GMT 21:19 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم... أفراح القلوب المكسورة

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:23 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا سبورتاج 2026 تحصد لقب "أفضل اختيار للسلامة بلاس" لعام 2025

GMT 00:03 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 18:04 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

اتيكيت مقابلة أهل العريس

GMT 19:07 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

عبير صبري تؤكد إلى أحمد مالك الأخلاق مش بتنفصل عن الفن

GMT 05:24 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

الجماعات الإسلامية" تشن حملة لتشوية الإعلام"

GMT 12:06 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

فيلم «شماريخ» يتصدر شباك التذاكر بـ14 مليوناً و521 ألف جنيه
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon