بين السلطة والمال

بين السلطة والمال

بين السلطة والمال

 لبنان اليوم -

بين السلطة والمال

د. وحيد عبدالمجيد

ليست المقولة التى صارت حكمة (السلطة المطلقة مفسدة مطلقة) إلا تعبيراً عن خطر الحكم الدكتاتورى على الحكام، وليس فقط على شعوبهم وبلادهم. فالحاكم الذى يظن أنه امتلك كل شىء، حين تتركز السلطة بين يديه، لا يعرف أنه ليس مالكاً بل مملوكاً لهذه السلطة.

فما أن يستحوذ حاكم على السلطة كلها، ويطمئن إلى أنها صارت طوع بنانه، حتى يبدأ خطرها عليه من حيث لا يدرى وترتبط بداية الخطر فى هذه الحالة، فى الأغلب الأعم، بابتعاد الحاكم عن الواقع تدريجياً إلى أن ينفصل عنه فيصبح صعباً عليه أن يدرك ما يحدث حوله، ويصل فى النهاية إلى الحالة النمطية فى مجال الدكتاتوريات وهى إنكار الواقع.

ويشبه الحاكم المطلق فى هذه الحالة صاحب المال الذى يراكم ثروته على حساب المجتمع وفقرائه، ويتفنن فى ابتكار سبل جديدة لتعظيمها بأكثر مما يهتم باختراع أساليب حديثة لتطوير المنتجات والخدمات التى يبيعها.

فالقاسم المشترك بين صاحب السلطة المطلقة وصاحب الثروة من هذا النوع هو أن كلاً منهما يحصل على ما ليس له، ثم يصبح مملوكاً لهذا الذى حصل عليه فى الوقت الذى يظن أنه هو المالك. وإذا كان الأديب الفرنسى الرائع موليير برع منذ أكثر من ثلاثة قرون فى تصوير حالة الثرى الذى يصير مملوكاً لما له، فقد ارتبطت براعته فى مسرحية »البخيل« بتجسيد حالة كل من يصير أسيراً لما يملكه من خلال تحليل سيكولوجى عميق لشخصية هارباجون أو البخيل فى هذه المسرحية.

فالمغزى الأهم لهذا العمل الفنى لا يتعلق بالمعنى المباشر للبُخل، بل يتصل بدلالته على حالة الشخص الذى يصبح ملكاً لما يملكه، سواء كان مالاً أو سلطة. وتبلغ براعة موليير فى التعبير عن هذا المعنى من خلال تصوير كيف يلتهم المال (أو السلطة) الشخص الذى يملكه، وهو يمضى حياته ساعياً إلى الحفاظ عليه، والتوسع فيه وخائفاً من أن يفقده.

ولذلك ليس غريباً أن يتعاون صاحب السلطة المطلقة وصاحب الثروة غير المشروعة، ويدعم كل منهما الآخر، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. فهذا التعاون نتيجة طبيعية لما يجمع بينهما.

ورغم أن مسرحية موليير هذه ترجمت إلى العربية، وجُسدت على المسرح عدة مرات، مازال العرب هم الأقل استيعاباً لمغزاها بين شعوب العالم.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين السلطة والمال بين السلطة والمال



GMT 06:53 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

مفكرة السنة الفارطة

GMT 06:50 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

هل هناك صندوق أسود للتاريخ؟

GMT 06:48 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو أمامَ محكمة الرُّبع الأول

GMT 06:45 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

قراءة في لحظة جنوب اليمن

GMT 06:43 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إصرار الحزب والتربص الصهيوني

GMT 06:39 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

«بيت من الديناميت» ووهم الأمن الأميركي

GMT 06:36 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

عام آخر جديد 2026

GMT 06:32 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

قصر موسى

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

بيروت ـ لبنان اليوم

GMT 11:27 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تركز انشغالك هذا اليوم على الشؤون المالية

GMT 22:52 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 16:07 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

ضربة إيرانية تغلق جميع منشآت التكرير في حيفا

GMT 23:14 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

يوسف عنبر مدربًا للمنتخب السعودي

GMT 15:00 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

إتحاد الفروسية يختتم بطولة لبنان لموسم ٢٠٢١

GMT 13:22 2022 الأحد ,13 شباط / فبراير

مكياج خفيف وناعم للمناسبات في المنزل

GMT 23:36 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

جنبلاط بحث مع شينكر في المستجدات
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon