خط دفاع أخير

خط دفاع أخير

خط دفاع أخير

 لبنان اليوم -

خط دفاع أخير

بقلم:د. وحيد عبدالمجيد

العلاقة بين البشر والأمكنة قديمة. ربما تعود إلى بدايات انتقال البشر من الترحال إلى الاستقرار. ظل ارتباط الشخص بمكان وُلد ونشأ فيه وثيقًا على مر الزمن. ولم يكن البكاء على الأطلال فى الشعر العربى القديم إلا أحد تجليات هذا الارتباط. فهذا البكاء ليس على حبيب فقط، بل على بيت ومكان أيضًا: «قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل/بِسِقط اللَّوى بين الدّخول وحومل». هكذا عبر امرؤ القيس عن هذا الارتباط فى بداية القرن السادس.

ولكن الأمر لم يعد كذلك فى بعض الأحيان أو كثير منها مع تغير أنماط الحياة والقيم فى زمننا. أصبح معتادًا أن ينتقل أشخاص من بلدانهم إلى غيرها دون أن يشعروا بحنين إلى بيوتهم التى غادروها بلا رجعة. وغالبًا ما تصبح ذكريات الشخص الذى يفتقد الحنين إلى بيته ومكانه الأول باهتةً مهما كانت قيمتها.

فقد أصبح الارتباط الحميم بمكان الولادة والنشأة قليلاً. ولكن الوضع مختلف بالنسبة إلى معظم الفلسطينيين الذين قد يُعدون استثناء من التراجع المتزايد فى هذا الارتباط. مازال بعضهم يحتفظون بمفاتيح بيوتهم التى هُجروا منها فى يافا وحيفا والناصرة وغيرها من مدنهم المحتلة. وما برحت جداتُ تروين لأحفادهن قصص حياتهن فى بيوتهن التى استولى عليها الصهاينة عام 1948، فالمكان عنصر رئيسى وجوهرى فى الذاكرة الفلسطينية. واستمرار الارتباط به أحد أهم مقومات الهوية الفلسطينية.

وقد دُرس هذا الارتباط وكُتب عنه الكثير. صادفتُ قبل أيام فى أحد المواقع الصحفية مقالة مهمة للناقد السعودى الكبير سعد البازعى يُعيد فيه نشر جزء من مراجعةٍ كان قد نشرها فى مجلة «الأدب العالمى المعاصر» لكتاب الباحثة الأمريكية باربرا بارمينتر. الكتاب عنوانه «منح الحجارة صوتًا Giving Voice to Stone». ومن أهم ما كتبه البازعى أن مؤلفته تستنطق الحجارة الفلسطينية فى سياقها الأدبى، وتدرك اختلاف نظرة الفلسطينى إلى فلسطين والمقدسات فيها عن الطريقة التى ينظر بها الغرب إليها تأسيسًا على أساطير مستمدة من التوراة.

ولعل ما رأته بارمينتر عن بُعد, ولا يرى مثله كثير من العرب، هو خط الدفاع الأخير ضد محاولات تهجير الفلسطينيين من غزة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خط دفاع أخير خط دفاع أخير



GMT 14:58 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

عقليّة الغلبة دمّرت لبنان

GMT 14:32 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

محارق

GMT 14:31 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

صورة المسلم بين عائلتين

GMT 14:30 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

حزب البعث اللبناني: أهمية ما ليس مهماً

GMT 14:29 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

جوع وصقيع وفزع

GMT 14:29 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

أبواب دمشق

GMT 14:28 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

«كايسيد»... الحوار هو الخيار

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا والحوار المهيكل

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 14:02 2020 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:36 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 15:06 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يجعلك هذا اليوم أكثر قدرة على إتخاذ قرارات مادية مناسبة

GMT 03:58 2015 الأربعاء ,15 تموز / يوليو

مسقط وصلاله يصعدان للدوري العماني للمحترفين

GMT 21:36 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 11:51 2022 الأربعاء ,15 حزيران / يونيو

حلف شمال الأطلسي يُعلن دعم كييف بأسلحة بعيدة المدى

GMT 23:31 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 12:53 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الملكة رانيا وسيدات العائلة الهاشمية يجسّدن الرقيّ الهادئ

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

إليسا تتبرع بفستانين لها في مزاد خيري لصالح مصر
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon