الثورة كعقاب إلهى

الثورة كعقاب إلهى!

الثورة كعقاب إلهى!

 لبنان اليوم -

الثورة كعقاب إلهى

بقلم:د. وحيد عبدالمجيد

أنتجت الفظائع التى حدثت خلال الثورة الفرنسية الكبرى 1789 تيارًا فكريًا متطرفًا فى مناهضته لأى تغيير جذرى مفاجئ لا يستند إلى تراكم تدريجى. واستند هذا التيار إلى أفكار من أهمها أن الحكمة هى طريق البشرية إلى التقدم، وأن هذه الحكمة تتراكم تدريجيًا بهدوء دون صخب أو ضجيج. لم تقتصر إسهامات هذا التيار الفكرى على نقد الثورة الفرنسية وحدها، بل شملت تطوير أفكار مناهضة للثورات ولكل تغيير يترتب عليها. فالثورة, عند هذا التيار, مدمرة تُخرَّب حياة البشر وأرواحهم.

وذهب بعض أنصاره الأكثر تطرفًا إلى أن الثورة عقاب إلهى للبشر حين يحيدون عن طريق الصواب. وكانت الثورة الفرنسية، فى نظر هؤلاء، عقابًا على ما اعتبروه انحلالاً أخلاقيًا حدث فى الفترة التى سبقتها. ويعطى هذا التيار الذى ناهض الثورات فى آخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن الذى تلاه اهتمامًا كبيرًا لما سماه المفكر الإيطالى الفرنسى جوزيف دى ميستر نظام العناية الإلهية الكلية أو النظام فوق الطبيعى، الذى يقوم على الاستقرار والسعى لإصلاح ما يعوج وتصحيحه بطريقة هادئة وتدريجية. ويؤمن هذا التيار، الذى يصفه خصومه بأنه رجعى، بأن العناية الإلهية تُسَّير الكون والحياة، وأن هذه العناية شاءت معاقبة الفرنسيين بواسطة ثورة 1789 لتذكيرهم بضرورة وقف ممارسات الانحلال الأخلاقى والعودة إلى المسيحية. وذهب بعض أنصار هذا التيار إلى مدى أبعد، إذ هاجموا العلوم الطبيعية لاعتقادهم أنها مسئولة عن انحراف كثير من الأوروبيين عن الإيمان الدينى، كونها تنفى –حسب فهمهم لها- كل ما هو خارق للطبيعة وتؤدى بالتالى للابتعاد عن القيم الدينية. انحسر هذا التيار تدريجيًا خلال القرن التاسع عشر بعد أن ألهم سياسيين ومفكرين بعض الأفكار التى قام عليها الفكر المحافظ Conservative، الذى اقتسم مع الفكر الليبرالى السيطرة على الساحة السياسية والفكرية فى أوروبا، وأنحاء أخرى من العالم. فقد حافظ تيار واسع فى الفكر المحافظ على فكرة رفض الثورات وغيرها من أشكال التغيير الجذرى الذى لا يتحقق عبر التراكم التدريجى، ولكنه أعاد صياغتها بطريقة أقل حدة وأكثر موضوعية.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثورة كعقاب إلهى الثورة كعقاب إلهى



GMT 14:58 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

عقليّة الغلبة دمّرت لبنان

GMT 14:32 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

محارق

GMT 14:31 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

صورة المسلم بين عائلتين

GMT 14:30 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

حزب البعث اللبناني: أهمية ما ليس مهماً

GMT 14:29 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

جوع وصقيع وفزع

GMT 14:29 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

أبواب دمشق

GMT 14:28 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

«كايسيد»... الحوار هو الخيار

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا والحوار المهيكل

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 06:50 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال نيوزيلندا العنيف يتسبب في تحريك جزر رئيسية

GMT 22:25 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

3مستحضرات فقط تخفي علامات تعب وجهك نهائيا

GMT 18:35 2019 الخميس ,18 تموز / يوليو

5 أسرار لتطبيق المكياج من أجمل نساء بريطانيا

GMT 16:57 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"موريشيوس" ملاذ رومانسي ساحر لقضاء شهر العسل

GMT 13:05 2012 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

إضراب في مطار شرم الشيخ يتسبب في إغلاق جزئي أمام السياح

GMT 04:44 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

لاكوتريبيس يعلن اكتشاف حقل غاز على سواحل قبرص

GMT 18:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إتيكيت دفع فاتورة حساب المطعم

GMT 10:31 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 07:27 2014 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جائزة لـ«فقه العمران»

GMT 21:14 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

تعرف علي توقعات أحوال الطقس في لبنان الاربعاء

GMT 18:27 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

انفجار في مدينة بنش في ريف إدلب السورية

GMT 00:31 2021 السبت ,13 آذار/ مارس

تخفيض سعر تعرفة فحص الـPCR الى 100 الف ل.ل!
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon