الناجون من الاستقطاب

الناجون من الاستقطاب

الناجون من الاستقطاب

 لبنان اليوم -

الناجون من الاستقطاب

د.وحيد عبد المجيد

مراحل الاستقطاب هى الأكثر خطراً فى حياة أى مجتمع. فالاستقطاب معنى ومبنى هو تلك الحالة البائسة التى تشطر المجتمع شطرين بغض النظر عن حجم كل منهما، وتزداد فى ظلها الكراهية بينهما. وفى المجتمع المستقطب، تطغى الاتهامات والشتائم والبذاءات المتبادلة على لغة الناس وتفاعلاتهم، وخاصة حين يساهم قطاع يُعتد به من الإعلام فى نشرها.

وفى هذا المجتمع، يتوارى العقل جانباً، وتصبح الموضوعية منبوذة، ويصعب على من يدركون خطر الاستقطاب أن ينبّهوا إلى الأخطار الداهمة دون أن يثيروا غضب طرف أو نقمة آخر من الطرفين اللذين لا يكفان عن محاربة بعضهما.

وكثيراً ما يتعرض من يمسكون بجمر العقل والموضوعية، ويتمسكون بالسعى إلى وضع حد لتصدع المجتمع، إلى اتهامات وشتائم من جانب كل من الطرفين اللذين يشن كل منهما حرباً "مقدسة" ضد الآخر باسم الدين أو الوطن.

ومن الصعب أن نعرف بدقة المدى الذى بلغه الاستقطاب، وعمق الأثر الذى أحدثه فى المجتمع، ولا بالتالى حجم الخسائر المترتبة عليه حتى الآن. ولذلك يختلف من اختاروا طريق مواجهة هذا الاستقطاب فيما بينهم بشأن هذا الأثر وذلك المدى. فالمتشائمون بينهم يرون الصورة قاتمة للغاية، ويظنون أن الاستقطاب خرَّب بالفعل الكثير من قيم المجتمع وأخلاقه وأضعف قدرته على أن يجمع أبناءه. ويذهب بعض المتشائمين إلى أن المجتمع يتحول الآن اثنين تفصل بينهما مسافات بعيدة وربما أسوار عالية.

غير أن الصورة ليست كذلك فى الواقع رغم أن حدة الفرز تضفى عليها ظلالاً قاتمة. فالصورة ليست مجرد ظلال. ولكن هذه الظلال قد تطغى عليها حين تكون شديدة الحدة، فتحجب عناصر أساسية فيها.

ومن هذه العناصر، مثلاً، أن قطاعاً غير محدود من الشباب غير المسيَّس ينتابه قلق من أجواء الاستقطاب والاتهامات المتبادلة واللغة الخشبية العنيفة السائدة فى التراشق المستمر بين من يبدون كما لو أن لا أحد غيرهم فى المجتمع.

ولذلك تفرض الوطنية الحقيقية والإيمان الحق بالدين إسلاماً كان أو مسيحية العمل من أجل وضع حد للخطر. وعلى العقلاء فى أجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع الإسراع بذلك بدءاً بمحاصرة ظواهر يمكن أن تؤجج هذا الخطر، ومنها تشجيع طلاب وموظفين على الإبلاغ عن زملائهم، لأن انتشار ظاهرة "المواطن المخبر" قد تجعل تجنب الخطر أكثر صعوبة فى المستقبل.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الناجون من الاستقطاب الناجون من الاستقطاب



GMT 17:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ميلاد مجيد محاصر بالتطرف

GMT 17:16 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكومة العالم

GMT 17:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

هل انتهى السلام وحان عصر الحرب؟!

GMT 17:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟

GMT 17:13 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مقتل الديموغرافيا

GMT 17:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مبدأ أثير لدى ساكن البيت الأبيض

GMT 17:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماذا تبقى من ذكرى الاستقلال في ليبيا؟

GMT 17:10 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظاهرة الأصولية وحالة «التأقلم الماكر»

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon