إيران البعثية

إيران البعثية

إيران البعثية

 لبنان اليوم -

إيران البعثية

مصطفى فحص

حذر قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد علي جعفري، من «إجبار بلاده على استخدام قوتها، التي توصلت إلى مرحلة من القوة لا مثيل لها»، وقال في كلمة ألقاها أثناء المناورات الأخيرة التي أجراها الحرس الثوري في مياه الخليج العربي إن «إيران تمتلك قوة فريدة لا تريد أن تدخلها حيز التجربة العملية، ولكن إذا وصل ذلك اليوم، فستسيطر قوتنا البحرية بالكامل على بحر عمان ومضيق هرمز والخليج بالكامل».
كلام الجنرال جعفري ليس جديدا، من قبله أو من قبل مسؤولين إيرانيين آخرين، وهو يندرج في سياق لغة القوة والتهديد والوعيد التي يثابر القادة الإيرانيون على إطلاقها أو التحدث عنها منذ فترة ليست بعيدة. لكن المبالغة في استخدام هذه اللغة كلما دعت حاجة النظام السياسية والتفاوضية إلى نوع من الرسائل الاستعراضية لم تعد تفي بالغرض، بسبب عدم مبالاة المجتمع الدولي والجوار العربي بهذا النوع من عرض العضلات.
إسرائيل التي يتعمق مأزقها الأخلاقي أمام المجتمع الدولي جراء سياستها العدوانية على الشعب الفلسطيني، بإمكانها أن تستفيد من التهديدات الإيرانية الفارغة، الأخيرة خصوصا، التي أتت على لسان أحد القادة الإيرانيين بأن «بلاده تستطيع محو الدولة العبرية في 10 أيام»، إضافة إلى تصريحات سابقة للرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد، انعكست للمفارقة، بطريقة إيجابية عليها، واستدرجت تضامنا عالميا معها، كانت في أمس الحاجة إليه، بعد أن فقدت جزءا منه.
استعراض القوة الإيراني على الصعيدين السياسي والعسكري في الفترة الأخيرة، يعيد إلى الأذهان مشهد رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين عندما أعلن أنه «يستطيع حرق نصف إسرائيل» وأنه يمتلك «صواعق تفجير نووي، من صنع أياد عراقية»، إلا أنه سخر هذه القدرة بطريقة معاكسة، حيث انتهج سياسات قدمت مبررات لتدمير قوة العراق الواعدة والمقدرات التي يمتلكها. ولم يخرج رئيس النظام البعثي السابق في سوريا حافظ الأسد عن هذا السياق، فقد اقتطع 65 في المائة من الميزانية السورية العامة لصالح التسلح من أجل تحرير الجولان، لكنه لم يطلق رصاصة واحدة بعد حرب 73، إلا أنه عندما طالبه الأتراك بالتوقف عن استخدام الورقة الكردية ضدهم والكف عن المطالبة باسترجاع لواء الإسكندرون، وأبلغوا عواصم إقليمية ودولية بأنهم قاب قوسين أو أدنى من عملية عسكرية داخل الأراضي السورية، قام الأسد الأب بطرد عبد الله أوجلان وإغلاق مكاتبه في دمشق ومعسكراته في البقاع اللبناني.
في الماضي القريب، اعتبر البعث العراقي نفسه أنه خرج منتصرا من الحرب مع إيران، فدفعه وهم الانتصار إلى احتلال جارته الصغيرة الكويت، وفي حين التزم البعث السوري حرفيا ببنود اتفاقية وقف إطلاق النار في الجولان، مديرا ظهره للجولان وفلسطين، دخل في مرحلة استبداد داخلي مطلق واستقوى بشعبه والشعبين الفلسطيني واللبناني. وفي الحاضر المعيش يبدو أن النظام الإيراني يعي جيدا خطورة انعكاس أي مغامرة عسكرية يقدم عليها في منطقة الخليج العربي ومضيق هرمز، حيث يمر 40 في المائة من احتياجات العالم للطاقة، على استقراره ونفوذه، لذلك لا يمانع في مهادنة الدول الكبرى، خصوصا الولايات المتحدة، في هذا الحيز، لكنه في المقابل يتفرغ لإدارة حروب صغيرة في المنطقة، تسمح له بتحقيق حلم إمبراطوري يراوده، كما راود غيره من الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة، رغم أن واقع قدراته وإمكاناته لم يعد يكفي لبقائه.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران البعثية إيران البعثية



GMT 21:13 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 21:12 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 21:07 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 21:06 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 21:05 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

حين قرأ كسينجر لحسن البنا

GMT 21:04 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 04:11 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

البرج الطالع وتأثيره على الشخصية والحياة

GMT 16:08 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الأمير فيصل بن فرحان يترأس وفد السعودية في قمة "بريكس بلس"

GMT 07:38 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل 10 عطور رقيقة للعروس

GMT 19:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الأردني محمد الدميري يتفوق على السوري عمر السومة

GMT 19:02 2022 الجمعة ,07 كانون الثاني / يناير

ساؤول يتطلع إلى استعادة أفضل مستوياته مع تشيلسي

GMT 20:30 2021 الإثنين ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أثيوبيا تنفي شنّ هجوم على السودان وتحمل متمرّدين المسؤولية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon