الحيوية السعودية

الحيوية السعودية

الحيوية السعودية

 لبنان اليوم -

الحيوية السعودية

بقلم:مصطفى فحص

في مشهد الحيوية السعودية السياسية والاقتصادية، الإنسانية والروحية، لطالما كانت تطلعات الرياض تتَّجه نحو ترسيخ دور إيجابي يُعزّز مكانتها الإقليمية والدولية، ويُسهم في دعم جوارها العربي والإسلامي. ومنذ البداية، كان التكامل والتضامن العربي والإقليمي، بأبعاده الإنسانية والاجتماعية والروحية والاقتصادية، بوابة عبور السعودية إلى العالم، لا بوصفها مجردَ دولة، بل بصفتها نموذج استقرارٍ ونموٍ وتفاعل.

وعندما تضخّمت مشاريع أخرى في المنطقة، وامتد نفوذها بما يتجاوز قدرتَها على الاستيعاب، تمسّكت السعودية بالدور لا بالنفوذ، وبالاستقرار لا بالهيمنة، وبالتنمية لا بالصراعات. وهذا ما جعل من الرياض محطةً عربيةً وإقليمية ودولية ثابتة لكل الساعين نحو معادلة الاستقرار والتنمية، تلك المعادلة التي لم تعد شأناً داخلياً بحتاً في العقل السياسي السعودي، بل تحوّلت إلى نموذج يمكن تعميمه في الإقليم.

فالدور السعودي لم يعد مرهوناً فقط بالاستقرار السياسي أو بالنمو الاقتصادي، بل هو نتاجُ رؤيةٍ استراتيجية متكاملة، تمزج بين أدوات القوة الناعمة والردع، وتنطلق من الداخل إلى الخارج. هي رؤيةٌ ثبّتت موقع المملكة الجيوسياسي «دولة ارتكاز»، تمتلك مشروعاً داخلياً متماسكاً، وبصيرة خارجية مرنة، قادرة على التكيّف مع التحولات الاجتماعية في الداخل، وتبدّل موازين القوى في العالم.

ولعلّ هذا ما عبّر عنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في خطابه أمام المنتدى السعودي - الأميركي حين قال: «أنتم تريدون الاحترام وتستحقونه»، في إشارة واضحة إلى الثابت السعودي الذي نجح في فرض احترامه على المتحوّل الأميركي والدولي. وهذا ما أشار إليه الكاتب السعودي زيد بن كمي في مقاله بصحيفة «الشرق الأوسط» (أمس الخميس) بعنوان: «القيم السعودية بعيون ترمب»، حيث كتب: «المملكة العربية السعودية لم تستجدِ دعماً، ولم تنتظر توجيهاً، بل تبني تحالفاتها وتعيد تعريف موقعها في العالم بلغتها الخاصة، وأدواتها، ومنطقها السيادي».

والسيادة هنا ليست مجرد موقف سياسي، بل خصوصية مركّبة تعكس التماهي بين الثوابت الاجتماعية والرؤية السياسية للرياض، والتي تضع الخارج القريب ضمن أولوياتها، وتسعى إلى بناء بيئة إقليمية صالحة للاستقرار والاستثمار. فكانت دمشقُ الحاضرَ الأكبر في هذا الدور، بدءاً من موقف واشنطن، ومروراً بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع، ووصولاً إلى الدور المحوري الذي أدّاه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في رفع العزلة السياسية عن سوريا، تمهيداً لإعادة دمجها في المجتمع الدولي.

وفي سياق الثوابت والسيادة، تبقى القضية الفلسطينية مركزية في السياسة السعودية بمختلف أبعادها. وهذا ما بات يدركه الضيف الكبير؛ أنَّ مفتاح الحل هو قيام دولة فلسطينية، وأن حلّ الدولتين هو شرط أساسي لأي عملية سلام مقبلة، وهذا ما أكّد عليه الأمير محمد بن سلمان أمام ضيفه، وفي أكثر من مناسبة، من خطابه أمام مجلس الشورى في الماضي، إلى الدبلوماسية السعودية التي تعدّ لعقد مؤتمر دولي في الأمم المتحدة منتصف الشهر المقبل، بمساعٍ سعوديّة-فرنسية-عربية-أوروبية مشتركة، من أجل انتزاع اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية.

وعليه، فإنَّ الحيوية السعودية اليوم، بدبلوماسيتها النشطة، ورؤيتها الطموحة، وثروتها، وثورة شبابها، وقيادتها الرشيدة، ليست فقط دوراً قائماً، بل إنها مستقبلٌ يتشكّل.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحيوية السعودية الحيوية السعودية



GMT 06:53 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

مفكرة السنة الفارطة

GMT 06:50 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

هل هناك صندوق أسود للتاريخ؟

GMT 06:48 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو أمامَ محكمة الرُّبع الأول

GMT 06:45 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

قراءة في لحظة جنوب اليمن

GMT 06:43 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إصرار الحزب والتربص الصهيوني

GMT 06:39 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

«بيت من الديناميت» ووهم الأمن الأميركي

GMT 06:36 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

عام آخر جديد 2026

GMT 06:32 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

قصر موسى

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

بيروت ـ لبنان اليوم

GMT 07:42 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

ابتكار طريقة لعلاج أنواع نادرة من السرطان
 لبنان اليوم - ابتكار طريقة لعلاج أنواع نادرة من السرطان

GMT 12:05 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

الأرض تستعد لأطول كسوف شمسي خلال القرن في أغسطس 2027
 لبنان اليوم - الأرض تستعد لأطول كسوف شمسي خلال القرن في أغسطس 2027

GMT 11:27 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تركز انشغالك هذا اليوم على الشؤون المالية

GMT 22:52 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 16:07 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

ضربة إيرانية تغلق جميع منشآت التكرير في حيفا

GMT 23:14 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

يوسف عنبر مدربًا للمنتخب السعودي

GMT 15:00 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

إتحاد الفروسية يختتم بطولة لبنان لموسم ٢٠٢١

GMT 13:22 2022 الأحد ,13 شباط / فبراير

مكياج خفيف وناعم للمناسبات في المنزل

GMT 23:36 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

جنبلاط بحث مع شينكر في المستجدات

GMT 07:53 2018 الجمعة ,09 آذار/ مارس

اكتشاف جديد للكشف المبكر عن مرض التوحد

GMT 14:55 2021 الخميس ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

بلبلة في بعلبك اللبنانية بعد عودة "النترات" إلى الواجهة

GMT 17:23 2021 الإثنين ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

ريما الجفالي أول سفيرة سعودية في سباقات فورمولا 1

GMT 12:44 2023 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأفلام الأجنبية في عام 2023

GMT 01:31 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

هزة أرضية في بحر لبنان
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon