الثورية والإمبريالية وأهلية الخميني

الثورية والإمبريالية وأهلية الخميني

الثورية والإمبريالية وأهلية الخميني

 لبنان اليوم -

الثورية والإمبريالية وأهلية الخميني

مصطفى فحص

لم تنجح الأنظمة الثورية العقائدية في الدول ذات الطابع التعددي في الانتقال إلى سلطة الدولة والمؤسسات٬ وتحقيق العدالة الاجتماعية بين مكوناتها٬ كما فشلت في التحول إلى دول عصرية بسبب تمسك السلطة الحاكمة بسياسات التمييز القومي والديني بين مكوناتها٬ وقامت بقمع الحريات بحجة الحفاظ على مكتسبات الثورة وحمايتها٬ واستخدمت مؤسسات الدولة وأجهزتها الرسمية من أجل إلغاء إمكانية التغيير من خلال النخبة أو الجماهير.

وقد كانت الثورتان الإيرانية والسوفياتية ومعهما أنظمة العسكريتاريا العربية وأحزابها القائدة الدليل الساطع على هذه الممارسة.

ففي الذاكرة السوفياتية٬ كان قائد الـ«كي جي بي» حيدر علييف الآذري المسلم الشيعي٬ المنافس الأقوى على زعامة الاتحاد السوفياتي٬ في المرحلة الانتقالية التي سبقت انتخاب المغمور ميخائيل غورباتشوف رئيًسا عام ٬1986 فاتجهت الأنظار نحو علييف أثناء المرحلة الصحية الصعبة من حياة تشيرننكو٬ إلا أن أصوات داخل المكتب السياسي للحزب الشيوعي لم تخِف تحفظها علانية بشأن ترؤس سوفياتي من أصل مسلم٬ زعامة الأمة السوفياتية٬ ليتحول الحزب الشيوعي السوفياتي بين عشية وضحاها إلى الحزب الشيوعي الأرثوذكسي الروسي.

في الجمهوريات التقدمية العربية التي صنعتها انقلابات عسكرية٬ جعلت من الشعارات الثورية٬ ومحاربة الرجعية والإقطاع والتمييز الطبقي٬ مبرًرا لأفعال إلغاء الموروث الثقافي والسياسي للجماعات الوطنية التي أنجزت الاستقلال٬ إلا أن التقدمية العربية بشقيها القومي واليساري٬ أصرت على تغييب كامل لشرائح اجتماعية أساسية شاركت في تشكيل الهوية العربية والوطنية التعددية نهاية القرن التاسع عشر٬ فيما جاء شعار «حماية حقوق الأقليات» ليحل مكان «حقوق المواطن والمواطنة».

أما في طهران٬ فقد رفض مجلس صيانة الدستور أهلية 90 في المائة من المرشحين الإصلاحيين والمعتدلين لانتخابات مجلسي الشورى والخبراء٬ من بينهم حفيد آية الله الخميني السيد حسن الخميني٬ وبذلك تكون السلطة الإيرانية قد حسمت هوية الفائزين في الانتخابات المقبلة٬ وقضت على تطلعات الشعب الإيراني في التغيير وإيصال ممثليه الحقيقيين إلى السلطة. فبالنسبة للنظام٬ فإن السيد حسن الخميني يملك شرعية ثورية وأخلاقية وقيمة اجتماعية محرجة ومؤثرة٬ يفتقدها أغلب المرشحين للمناصب العليا.

في أول انتخابات رئاسية بعد انتصار الثورة الإيرانية٬ كان جلال الفارسي أحد قادة الثورة الإيرانية٬ مرشًحا عن الحزب الجمهوري الإيراني للرئاسة٬ إلى أن أثار عضو مجلس الخبراء السيد علي طهران أصول جلال الفارسي الأفغانية٬ مما أدى إلى استبعاده من المنافسة٬ وفتح الطريق أمام المرشح بني صدر بالوصول إلى السلطة٬ ولم يعد مستبعًدا أن يثير التيار الراديكالي أصول عائلة الخميني الكشميرية من أجل تدعيم قرارات المجلس الدستوري في إقصائه.

في المقابل نجحت دولة الإمبريالية العالمية أميركا في تثبيت إنجازها المدني٬ وتجاوزها للفوارق الإثنية والعرقية٬ وذلك بإسقاط المجتمع الأميركي لجزء كبير من تهم التمييز العنصري والعرقي٬ والتزامه بالحقوق التي يضمنها القانون والمساواة الاجتماعية. وعليه فمن باراك أوباما رئيًسا إلى كولن باول وكوندوليزا رايس٬ هؤلاء الأفارقة الأميركيين (وهو المصطلح الاجتماعي المستخدم بديلاً لكلمة أسود) مروًرا بمادلين أولبرايت وهنري كيسنجر اليهوديين٬ إضافة إلى بريجنسكي الكاثوليكي٬ وهم مهاجرون لم يولدوا في الولايات المتحدة٬ تكون دولة القانون قدَحَمت قيمها وسمحت لهؤلاء الذين استطاعوا الاندماج داخل مجتمعها بالمشاركة٬ ليصبحواشركاء في الحقوق والواجبات.

بعد أقل من نصف قرن بين خطاب مارتن لوثر كينغ «لدي حلم»٬ ووصول بارك أوباما إلى البيت الأبيض٬ و37 عاًما بين عودة آية الله الخميني إلى طهران٬ وقرار سلطات الثورة بعدم أهلية حفيده السياسية٬ تكون إرادة التغيير في الحالة الأميركية قد أنجزت تحولاتها٬ بينما في الحالة الإيرانية تستمر الثيوقراطية الثورية باحتكار

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثورية والإمبريالية وأهلية الخميني الثورية والإمبريالية وأهلية الخميني



GMT 23:42 2023 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

أعوام تمضي ولا تموت

GMT 16:35 2022 الثلاثاء ,24 أيار / مايو

نعي الحياد... على أشكاله

GMT 17:24 2022 الإثنين ,28 آذار/ مارس

هل أساء الغرب معاملة «الأيتام»؟

GMT 11:44 2022 السبت ,26 آذار/ مارس

أوروبا وتحديات الحرب الأوكرانية

GMT 17:13 2022 الجمعة ,25 آذار/ مارس

الدولة القوية وعودة الأحلاف

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 11:59 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

يتحدث هذا اليوم عن مغازلة في محيط عملك

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 14:39 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:04 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 04:58 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon