التسامح والمحبة و”سجدة الفاخوري”

التسامح والمحبة و”سجدة الفاخوري”

التسامح والمحبة و”سجدة الفاخوري”

 لبنان اليوم -

التسامح والمحبة و”سجدة الفاخوري”

بقلم: أسامة الرنتيسي

 ونحن في أجواء الأعياد المجيدة والسنة الميلادية الجديدة، لنعظم قيم التسامح والمحبة في حياتنا وفي مجتمعاتنا مهما غزتها الأفكار المتطرفة وخطاب الكراهية الذي دمر أخلاقيات الناس ونقلنا من حالة التسامح إلى حالة البغضاء.

من أجمل المشاهد التي عاشها الأردنيون بعد الفوز الكبير على المنتخب العراقي لحظة السجود التي مارسها لعيبة المنتخب بكافة أديانهم ومعتقداتهم، كان سجود الموهوب الفاخوري مختلفا حيث سجد لله مع زملائه، وصلى على طريقة دينه ومعتقده، فَلِم التوحش ولغة الكراهية التي ضاقت بها صفحات بعض الموتورين.

فلا يمكن نزع فتيل الأزمات في منطقتنا العربية إلا بإشاعة التسامح، والتخلص من الاقصائية والتقسيمية التي استطاعت قوى الشر زرع بذورها العفنة في مجتمعاتنا.

أكثر ما يزعجنا في هذه الأيام فقدان معاني التسامح، وقلة الصبر، وهما القيمتان الأساسيتان في الحياة، ومن يتقنهما ويتقن التعامل بهما يعرف جيدا أين يضع قدميه، ويعرف مآلات قراراته. التسامح والصبر، تمنحان صاحبهما مساحة من الطمأنينة، كما تمنحانه أن يحار أعداؤه في أمره، بحيث يحارون في امره، وقراراته، ومسار حياته.

بعد انتشار ظاهرة العنف والتطرف في معظم مجتمعاتنا العربية، بات  التسامح أهم الضرورات الإنسانية والأخلاقية في الواقع المعاصر، وهو السلوك الوحيد القادرة على تجاوز محن الشعوب من ويلات القتل والتدمير والإرهاب.

في الأزمات التي من حولنا لا يمكن أن تجد مخرجا لها إلا من خلال إشاعة التسامح، فما الذي يوقف دوامة العنف والقتل في سورية سوى الوصول الى لحظة التسامح بين طرفي الصراع، والبدء بالجلوس حول طاولة الحوار لتثبيت ميثاق أخلاق جديد يحكم العلاقة بين الطرفين. لعلها فرصة تأريخية لن تتكرر على الجميع التقاطها  بإدامة  السلام والمحبة التي يطالب بها جميع حماة الإنسانية لوقف النزاعات والحروب والاقتتال بين جميع الأطراف بهدف الحد من المعاناة الإنسانية المتفاقمة.

رسالة التسامح لا تكون على حساب الحقوق الإنسانية الأصلية كحق الحياة وحق الأمن، ولا يُعبّر التسامح بأي شكل من الأشكال عن  ضعف بل قوة نادرة، ولا يزال مشهد الأم الإيرانية التي قررت – في لحظة تنفيذ حكم الإعدام في قاتل ابنها – الاقتراب منه، وصفعه على وجهه والاكتفاء بذلك، والسماح عنه مسيطرا على عقول من رأى هذا المشهد، متعجبا من القوة الداخلية التي تتمتع بها تلك الأم العظيمة.

 إن انتشار لغة العنف يؤدي الى الغاء الآخر، أما لغة التسامح فهي تكرس الاعتراف بالآخر، كما انّ الشخص المتسامح يكون أكثر إنتاجية وأكثر عطاء لأنّه يرفض التصرفات الهوجاء أو الانتقام، وإذا كان التسامح يرفض  العنف فإنّه يفتح المجال لفهم آراء الآخرين، لا بل يؤثر فيها وفق أسس عقلانية.

بعض الأنظمة الحاكمة ونظامنا في مقدمتهم يسجل في تقويمها أنها أنظمة متسامحة مع معارضيها، وليست دموية، ولا حقودة، وهذا يمنح مواطني تلك الدول تكريس  التسامح طوال حياتهم.

الدايم الله…

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التسامح والمحبة و”سجدة الفاخوري” التسامح والمحبة و”سجدة الفاخوري”



GMT 22:27 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

الامتحان الحقيقي في سوريا...

GMT 21:35 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

قصة مملّة ورواية باهتة

GMT 21:34 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

إرهاب سيدني وتدمر... «عادْ نِحنا إلّا بِدينا»

GMT 21:33 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

التطرف وباء «القرية الكونية»

GMT 21:32 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

واشنطن... تحدي هندسة التنازع الإقليمي

GMT 21:31 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

وداع «الست» على موسيقى «ألف ليلة»

GMT 21:30 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

تسويات «إلا حتة»

GMT 21:29 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

مهارات مبكرة

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 21:47 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

مسلحون يهاجمون مواقع الأمن العام بالهاون في السويداء
 لبنان اليوم - مسلحون يهاجمون مواقع الأمن العام بالهاون في السويداء

GMT 22:12 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

اكتشاف علامة مبكرة لتطور مرض السكري من النوع الأول
 لبنان اليوم - اكتشاف علامة مبكرة لتطور مرض السكري من النوع الأول

GMT 22:14 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تعلق على هجوم أستراليا
 لبنان اليوم - إيفانكا ترامب تعلق على هجوم أستراليا

GMT 00:46 2016 الخميس ,25 آب / أغسطس

وصفة طبيعية لتحصلي على أكواع بيضاء

GMT 22:53 2017 الجمعة ,21 تموز / يوليو

الشهري يستقيل من تدريب فريق النهضة السعودي

GMT 22:47 2019 الأحد ,19 أيار / مايو

جورج قرداحى يسلم جائزة "اسم من مصر" للفائز

GMT 07:07 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

كارول سماحة تنتهي من تصوير "وحشاني بلدي"

GMT 15:56 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

الموضة الرائجة للبلوزات خلال موسم ربيع وصيف 2022

GMT 10:56 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

وزير مصري سابق يؤكّد أنّ أعراض "كورونا" تختلف بحسب الطقس

GMT 10:35 2015 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

مقتل شخصين وإصابة 300 في إعصار عنيف ضرب تايوان

GMT 21:46 2022 الجمعة ,07 كانون الثاني / يناير

مايا دياب تكشف عن تعرضها للتحرش الجنسي في إحدى حفلاتها

GMT 12:12 2017 الثلاثاء ,04 إبريل / نيسان

جرائم زنى المحارم صداع في رأس المجتمع التونسي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon