الحقد الاسود

الحقد الاسود

الحقد الاسود

 لبنان اليوم -

الحقد الاسود

بقلم : هناء حمزة
" ما مبين عليك من طرابلس" قالت شريكتي في غرفة الجامعة في بيروت "الشرقية" زمن الحرب عندما قررت ان اتابع دراستي الجامعية في بيروت ...وشريكتي يومها كانت من كسروان ..ولم تكن تعرف من العالم غير كسروان ولم اكن اعرف من العالم غير طرابلس..كنت اعتقد ان مدينتي هي محور العالم وكانت تعتقد ان بلدتها في كسروان هي محور العالم وكنا معا نتقاسم غرفة صغيرة في مبنى ملاصق للجامعة في الاشرفية المنطقة التي تميزت حينها بفوقيتها علينا معا فلم تميز بيننا وان جعلتني بمرتبة ادنى درجة من مرتبة شريكتي كوني " جاية من طرابلس" .. حياتي في "الشرقية" يومها علمتني ان اكون سفيرة طرابلس ووجهها الحضاري فمنعت نفسي من ابسط الأخطاء وتجنبت النقاشات السياسية المناطقية والطائفية الحادة وكنت الجأ الى قلب اتجاهها الى وطني صرف .اشهر قليلة وقسمت "الشرقية" الى شرقيتين والدم اصبح للركب بين القوات والعونيين ولا اخفي ولا اخجل من دور لعبته مرارا في تقريب وجهات النظر ومحاولة اصلاح ما تهدم بين الاصدقاء في الجامعة ابناء الطائفة الواحدة والانتماء المعادي ..عدت ادراجي الى مدينتي تحت نيران حرب الغاء فئة لاخرى ضمن طائفة واحدة قبل ان انتقل مجددا بعد سنوات للعمل في بيروت ثم الى دبي حيث جمعتني حضانة أطفال لبنانية بعائلة من كسروان سرعان ما اصبحنا عائلة واحدة نادرا ما نفترق...اذكر يوما اخبرني الصديق الكسرواني انه كان يخاف من المسلم قبل ان يأتي الى دبي وأخبرته طبعا تجربتي في طريق الرعب الذي كنا نسلكها للوصول الى بيروت من طرابلس عبر حاجزي المدفون والبربارة ....غيرتنا دبي يقول الصديق اخرجتنا من قوقعة المدينة والبلدة والبلد ..هنا في هذه الامارة 140 جنسية تتعايش بمنتهى الاحترام..تجبرك الحياة في دبي ان تتقبل الاخر ..تعلمك ان الانفتاح الحقيقي هو في تقبلك للآخر.. فانت تشارك الاخر العمل والسكن والحي والمول وكل شيء..وكلما تتعرف على الاخر تذوب انت..فأنت لاشيء في هذا العالم المختلف..طرابلس لامكان لها في الاعراب ..كسروان لم يسمع عنها احد....لبنان بالنسبة لهذا العالم هو جنة تحولت الى جهنم بسبب اهلها...اهلها اي نحن..لا يحترمنا احد في هذا العالم على ما فعلناه بوطننا .قليل من الاحترام بدأنا نستعيده مع الثورة...صديقي ابن كسروان وانا ابنة طرابلس جمعتنا الثورة لاننا نريد لبنان على صورة العالم وليس على صورة بلداتنا ومدننا ...يرسل صديقي الكسرواني لي فيديو الشاب الطرابلسي وهو يهان في بلدته يردفه باعتذار...ترددت بنشر الفيديو لا اريد ان اشارك في هذا الحقد الاسود...اعلم تماما ان شعور اهالي كسروان الحقيقي كشعور صديقي ..اعلم تماما ان كسروان كمدينتي تعاني من القلب الاسود والحقد الاسود البغيض ...نحن في لبنان يرضع بَعضُنَا الحقد اكثر مما نرضع الحليب..نكره الاخر ولا نتقبل الاختلاف ونعمل على الغائه بشتى الطرق... ..يشدنا اي عصب الا العصب الوطني ..زرت العالم كله لم يسألني احد انت من طرابلس شو جاي تعملي هون ..غريب هذا الحقد ... غريب هذه العنصرية ..العالم يا شريكي في الوطن اكبر بكثير من كسروان ومن لبنان..اخرج من قوقعتك انفتح على العالم ابحر بيختك في بحر العالم واكتشف العالم من حولك بدل الهروب وحيدا الى عرض البحر....اختلط بالاخر ، شاركه طعامه وتقاليده وأعرافه ...لا تعتقد انك تستطيع ان تعيش وحيدا لا تعتقد انك قادر على الغاء اي اخر .. التعصب لا دخل له بطائفة ولا بمنطقة بل في حقد على منطقة وطائفة في حقد اسود حملته معك من ايام الحرب ولم تستطع ان تتصالح مع نفسك بأيام السلم ..تسقطه يوما على من يختلف معك من طائفتك وتسقطه يوما على من يختلف معك في الوطن..يا شريكي الاسود الوطن لا يبنى بقلوب سوداء داكنة . ..زمن الحرب انتهى الى غير رجعة يبقى ان ينتهي حقدك الاسود الى غير رجعة...مبين علي انا من طرابلس نعم جاية من طرابلس.. اتكلم لغة غير لغتك وقلبي ابيض ولي الشرف ان اكون من اول مدن لبنان المنقلبة على الحقد الأسود.
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحقد الاسود الحقد الاسود



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

بيروت ـ لبنان اليوم

GMT 12:05 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

الأرض تستعد لأطول كسوف شمسي خلال القرن في أغسطس 2027
 لبنان اليوم - الأرض تستعد لأطول كسوف شمسي خلال القرن في أغسطس 2027

GMT 11:27 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تركز انشغالك هذا اليوم على الشؤون المالية

GMT 22:52 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 16:07 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

ضربة إيرانية تغلق جميع منشآت التكرير في حيفا

GMT 23:14 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

يوسف عنبر مدربًا للمنتخب السعودي

GMT 15:00 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

إتحاد الفروسية يختتم بطولة لبنان لموسم ٢٠٢١

GMT 13:22 2022 الأحد ,13 شباط / فبراير

مكياج خفيف وناعم للمناسبات في المنزل

GMT 23:36 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

جنبلاط بحث مع شينكر في المستجدات

GMT 07:53 2018 الجمعة ,09 آذار/ مارس

اكتشاف جديد للكشف المبكر عن مرض التوحد

GMT 14:55 2021 الخميس ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

بلبلة في بعلبك اللبنانية بعد عودة "النترات" إلى الواجهة

GMT 17:23 2021 الإثنين ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

ريما الجفالي أول سفيرة سعودية في سباقات فورمولا 1

GMT 12:44 2023 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأفلام الأجنبية في عام 2023

GMT 01:31 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

هزة أرضية في بحر لبنان
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon