النبوة السياسية والطريق إلى مغرب الغد

النبوة السياسية والطريق إلى مغرب الغد

النبوة السياسية والطريق إلى مغرب الغد

 لبنان اليوم -

النبوة السياسية والطريق إلى مغرب الغد

بقلم : المصطفى المريزق

من الصعب اليوم الإجابة عن هذا السؤال، نظرًا لما وصلت إليه اللعبة السياسية في بلادنا من انحطاط لم نعشه من قبل..، قلت هذا الكلام لصديق سألني هذا السؤال ذات مساء. ومن هذه الزاوية، يمكن طرح أسئلة أخرى مشروعة مرتبطة بفشل أطوار الانتقال الديمقراطي في بعده الفلسفي- التاريخي وبعده الاجتماعي.

إنها وضعية مرة، خاصة وأن صمت المثقفين بات يشبه صمت القبور، وأن الرأي العام المغربي المتنور لا يعرف إلا القشور عن دينامية الأحداث الجارية في منطقة الشرق الأوسط،  وفي أوروبا ودول العالم، وما يقدم له هو صور مكتوب عليها رموز القوة والضعف للبيئة الوطنية المتوترة، والإقليمية المتناحرة، وردود الأفعال السياسية المتذبذبة عن الإرهاب والحروب والهجرة واللاجئين.

فبعد أن ظل شعار الإجماع الوطني والوحدة الوطنية، لعقود من الزمن، الركيزة الأساسية للخطاب السياسي الرسمي الداعي للالتزام بالتجانس والتماسك ضد خطر هوية الانفصال والتمزق، دعت أصوات أخرى لإعادة النظر في منطلقات هذا الشعار وتخليصه من أي استغلال ثقافي أو سياسي ينمي قاعدة التيار المحافظ الذي يغذي تقسيم المجتمع إلى بؤر اجتماعية والفقر والهشاشة والاستبعاد الاجتماعي.

وإذا كانت تلك الأصوات الممانعة ظلت طوال عقود من الزمن، من دون نبوة سياسية بالمعنى الذي يفيد جملة النشاطات والأدوار الاجتماعية التي تهم توقعات المستقبل، وسجينة محيطها الضيق الممتلئ بالانفعالات الإيديولوجية المغلفة بالأخلاق الدينية وغيرها، فلأنها لم تستطع تخطي ما يسمح به الهامش الديمقراطي، ولم تستطع تجاوز الحواجز التي تحول دون الديمقراطية الكاملة، رغم ما حققته الحركة الحقوقية المغربية من حريات في التعبير والفكر، والذي للأسف لم تستفد منه النخبة المثقفة ولم تستطع حمايته القوى الديمقراطية المجتمعية، نظرا لغياب حالة حوار مستقل حول إشكاليات محورية مرتبطة بالسلطة والتنمية والتحديث.

إن المكانة التي تحظى بها اليوم نبوة الحركات الاجتماعية باعتبارها تتشكل حول وعي حاد بأن مجتمعنا في أزمة وبأن قيمه المركزية في خطر وأن ثمة دعوة لدعم شروط ولادة وتطوير نبوة سياسية تنويرية مغربية، تفرض الحوار العميق والشامل بين المثقف وعموم الناس حول الثوابت والمتغيرات.

لقد شكل انفتاح المغرب على الثقافة الإنسانية من جميع أنحاء العالم دعامة قوية  للمدرسة وللجامعة وللحقل الثقافي في كل مستوياته، وساهم في طرد الخطاب التخويفي والتكفيري، في ظروف كان المجتمع يعيش حركية إعادة تشكل القوى الثقافية المتنورة ضد القوى الثقافية المحافظة، ولكن حصيلة الصراع بين الانفتاح الثقافي والاستبداد السياسي والديني، كانت لصالح التيار المحافظ الذي ضرب مجانية التعليم وأفسد القطاع العام وأنهك الشعب بالفقر والجهل.

ومما زاد الطينة بلة، هو الانقلاب على الانفتاح والقيم الجديدة، والانقضاض على المكتسبات الحقوقية والاجتماعية التي ضحى الشعب من أجلها، وتعميق الشرخ الاجتماعي عموديا وأفقيا، وحرمان المغاربة من ثرواتهم وخيراتهم، وجعلهم عرضة للغش والرشوة والاختلاس والتهريب والزبونية.

وأمام هذا الانقلاب الاجتماعي الفظيع الذي يعيشه المغاربة اليوم، تلجأ القوى المحافظة للتغني المفرط بشعارات أصولية تمس بالاستقلال الوطني والحريات وحقوق الإنسان وأسس الفكر العقلاني، وتصادر باسم الانفعال الطائفي والديني الحق في التواجد السياسي وتعدديته، و تجرم أدواره المؤسساتية  والاجتماعية.

وهو ما يفرض علينا صناعة المسافة اللازمة لرؤية شاملة للمشروع الحداثي الديمقراطي الذي ندافع عنه، حتى يكون بوسعنا أن نختار من جمر ما نعيشه نبوة سياسية برلمانية حقيقية تحمي فصل السلط وتقطع مع الريع بكل أنواعه، وتعطي للمدرسة المكانة رقم 1 في المجتمع.

 وفي الأخير، إن مغرب الغد في حاجة إلى نبوة سياسية قادرة على بلورة اتجاهات وتيارات فكرية وثقافية وفنية حداثية، ضد نظرية المؤامرة وخطرها الحقيقي الذي يهدد مغرب الغد بإثارة الفوضى وممارسة الإرهاب العبثي

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النبوة السياسية والطريق إلى مغرب الغد النبوة السياسية والطريق إلى مغرب الغد



GMT 14:58 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

عقليّة الغلبة دمّرت لبنان

GMT 14:32 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

محارق

GMT 14:31 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

صورة المسلم بين عائلتين

GMT 14:30 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

حزب البعث اللبناني: أهمية ما ليس مهماً

GMT 14:29 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

جوع وصقيع وفزع

GMT 14:29 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

أبواب دمشق

GMT 14:28 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

«كايسيد»... الحوار هو الخيار

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا والحوار المهيكل

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 06:50 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال نيوزيلندا العنيف يتسبب في تحريك جزر رئيسية

GMT 22:25 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

3مستحضرات فقط تخفي علامات تعب وجهك نهائيا

GMT 18:35 2019 الخميس ,18 تموز / يوليو

5 أسرار لتطبيق المكياج من أجمل نساء بريطانيا

GMT 16:57 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"موريشيوس" ملاذ رومانسي ساحر لقضاء شهر العسل

GMT 13:05 2012 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

إضراب في مطار شرم الشيخ يتسبب في إغلاق جزئي أمام السياح

GMT 04:44 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

لاكوتريبيس يعلن اكتشاف حقل غاز على سواحل قبرص

GMT 18:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إتيكيت دفع فاتورة حساب المطعم

GMT 10:31 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 07:27 2014 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جائزة لـ«فقه العمران»
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon