الحرب الباردة الجديدة

الحرب الباردة الجديدة!

الحرب الباردة الجديدة!

 لبنان اليوم -

الحرب الباردة الجديدة

بقلم: عبد المنعم سعيد

«الحرب» عادة ما تكون بين طرفين، وعندما تكون باردة فهي تعني أن كل عناصر القوة من سباق تسلح إلى استخدام المخابرات إلى عقد التحالفات، واتساع النفوذ في الأقاليم، والضغط على الخصوم تستباح، وهناك ما هو أكثر ما عدا حدوث أمر واحد هو اشتعال الحرب. الحرب الباردة فيها جزء نفسي هدفه التأثير في قادة الخصوم والنخبة السياسية لدى الطرف الآخر، وفي العموم فيها جزء إيماني، حيث الخير في طرف، وكل الشر لدى طرف آخر. علماء العلاقات الدولية من «ماهان» و«ماكيندر»، وحتى آخرين في العصر الحديث، وجدوا أن النزاع حتمي بين القوى البرية، أي تلك التي تنزع إلى التوسع البري، والقوى البحرية التي تتوسع عن طريق البحر. كلاسيكية كانت بريطانيا - والآن الولايات المتحدة - هي القوة البحرية المقصودة، وروسيا - والآن الصين - تعد المثل للقوة البرية. وتاريخياً كان النصر معقوداً في اتجاه القوة البحرية التي انتصرت في الحربين العالميتين، ومن بعدها في الحرب الباردة التي تركت الولايات المتحدة وهي القوة العظمى الوحيدة في العالم. ولكن ذلك لم يعنِ انتهاء الصراع، فقد خرجت روسيا عن طوق القاعدة بغزو أوكرانيا متسعة نحو الغرب، حيث لم يعد في الشرق متسع.

الآن يبدو أن العالم يدخل في جولة جديدة على الأرجح أنها سوف تكون باردة، لأن الأسلحة النووية سوف تظل مانعة للتحول لحرب ساخنة، ومحاولات الرئيس الأميركي دونالد ترمب للقفز فوق القارة الأوروبية، وعقد صفقة مع صديقه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم تكفِ حتى لعقد اجتماع بين بوتين وزيلينسكي الأوكراني. بدا في لحظة أن ترمب قام بتمزيق التحالف الغربي بالمواجهة الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي حول الميزان التجاري مع الولايات المتحدة لصالح بروكسيل، والمواجهة الأخطر مع حلف الأطلنطي الذي يعتمد فيه الحلفاء بصورة مطلقة على واشنطن. ما حدث كان يقظة أوروبية لسد العجز التجاري الأميركي، ونهضة لدى الحلفاء لرفع الإنفاق الدفاعي إلى 5 في المائة من الدخل المحلي الإجمالي. في الواقع ذهب الزعماء الأوروبيون - فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وأوكرانيا - مع المفوضية الأوروبية، ومعها قيادة حلف الأطلنطي إلى واشنطن لمبايعة ترمب وهو جالس على مكتبه في القاعة البيضاوية بالبيت الأبيض.

الاحتفال بمرور 80 عاماً على انتهاء الحرب العالمية الثانية جرى في توقيته الأوروبي بعد هزيمة النازية الألمانية في العواصم الأوروبية خصوصاً موسكو، وجاء موعده الآسيوي عندما جرت هزيمة العسكرية الإمبريالية اليابانية. الاحتفال في أوروبا وآسيا كان يستعيد آخر الوقائع التي جمعت الطرفين في مواجهة تحالف المحور حيث ألمانيا واليابان معاً. انتهت الحرب ضد اليابان بعد أن حسمها استخدام الولايات المتحدة للقنبلة النووية في هيروشيما وناغازاكي. هذه المرة جرى الاحتفال الكبير في الصين الشعبية لكي يؤكد الدور الصيني تحت مظلة الحزب الشيوعي الصيني في تحقيق النصر على اليابان وليس الصين الوطنية - تايوان - التي انتهت إلى جزيرة صغيرة، ستكون أحد موضوعات الحرب الباردة الجديدة.

الجديد هذه المرة أن الصين - القوة العظمى الجديدة - أدارت توترات الحرب بحيث لا تكون بين الشرق والغرب، وإنما بين الشمال والجنوب. الحرب بدأت على الطريقة الصينية من منطلقات اقتصادية ممتدة عبر «الحزام والطريق» على التخوم ما بين أوروبا وأميركا الشمالية في بعث جديد للوحدة الأفريقية الآسيوية مع إضافات من أميركا الجنوبية، حيث توجد البرازيل وفنزويلا وبوليفيا.

تجمع «البريكس» بدأ بين الصين وروسيا والهند، ثم امتد إلى جنوب أفريقيا والبرازيل، وبعد ذلك دخلت دول أخرى. وفي الوقت نفسه في آسيا بدأ تجمع شنغهاي للتعاون الذي اجتمعت قمته قُبيل العرض العسكري الصيني في بكين. في التجمعين اختص الأول بالمطالبة بإعادة تنظيم النظام الاقتصادي العالمي القائم على الدولار الأميركي، والتخلص من الهيمنة العسكرية والاقتصادية الأميركية. وفي الثاني وضع التوازن العالمي على الميزان بعد أن أصبح ترمب رئيساً للولايات المتحدة، ويوزع الإهانات ذات اليمين واليسار، ويضيف أسعاراً للدول تأخذ شكل الرسوم الجمركية، وكان آخرها موجهاً نحو الهند التي عبرت كل الأزمات والصراعات مع الصين، لكي توجه ظهرها للولايات المتحدة. عقب شنغهاي حدث العرض العسكري الصيني الذي كان فيه استعراض للجند - بـ10 آلاف جندي -، وتم استعراض السلاح المتقدم تكنولوجياً للغاية. وعلى المنصة التي تشاهد الصواريخ التي تصل إلى الولايات المتحدة، والمسيّرات التي تعمل على الأرض والبحر والجو والفضاء الخارجي، جلس شي جينبينغ، وعلى يمينه كان الرئيس الروسي، وفي يساره جلس رئيس كوريا الشمالية. وقتها جاءت برقية من الرئيس ترمب تهنئ بالعيد الثمانين، وتُقدّم التحية للحلفاء الثلاثة!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب الباردة الجديدة الحرب الباردة الجديدة



GMT 21:26 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

شفافية في المعلومات والأرقام يا حكومة

GMT 21:25 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

معلقات اليمن

GMT 21:24 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

العصا الرقمية... والهشّ على الغنم

GMT 21:23 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في عشق السلاح...

GMT 21:22 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا المتحدة... وليبيا المُنقسِمة

GMT 21:21 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في ذكرى استقلال ليبيا... ماذا أبقيتم للأجيال المقبلة؟

GMT 21:20 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

قوات الاستقرار في غزة

GMT 21:19 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم... أفراح القلوب المكسورة

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:23 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا سبورتاج 2026 تحصد لقب "أفضل اختيار للسلامة بلاس" لعام 2025

GMT 00:03 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 18:04 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

اتيكيت مقابلة أهل العريس

GMT 19:07 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

عبير صبري تؤكد إلى أحمد مالك الأخلاق مش بتنفصل عن الفن

GMT 05:24 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

الجماعات الإسلامية" تشن حملة لتشوية الإعلام"

GMT 12:06 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

فيلم «شماريخ» يتصدر شباك التذاكر بـ14 مليوناً و521 ألف جنيه

GMT 12:12 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة وواشنطن تدعمان عائلات متضرري انفجار مرفأ بيروت

GMT 15:19 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل فريدة ومميزة في مجموعة «كروز 2021»

GMT 15:37 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

برج القرد..ذكي واجتماعي ويملك حس النكتة

GMT 00:19 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

فوائد حب الرشاد للشعر وطرق تحضير خلطات منه

GMT 18:56 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

متزلجو لبنان يستعدون لأولمبياد الصين الشتوي

GMT 06:49 2017 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

تعرف علي توقعات درجات الحرارة المتوقعة في مصر الخميس
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon