ليس مرة أخرى

ليس مرة أخرى؟!

ليس مرة أخرى؟!

 لبنان اليوم -

ليس مرة أخرى

عبد المنعم سعيد
بقلم : عبد المنعم سعيد

المثل الشائع يقول إن المصائب ليست شرًا كلها، فهى تعلمنا الفارق بين العدو والصديق، ولكن ذلك ليس وحده ما تعلمنا إياه، فهناك ما هو أكثر أهمها الإجابة عن السؤال: لماذا لم نعرف الفارق من قبل حدوث المصيبة؟. قلنا كثيرا من قبل إن تاريخ «الحداثة» فى مصر ما هو إلا سلسلة من الإخفاقات المستمرة، محاولات جادة للتقدم يعقبها فترات للتراجع أو الجمود أو وهم الحركة بينما هى لا تزال فى المكان. كرة القدم ليست استثناء، فالتاريخ الذى أعرفه لها لم يكن دائما مزدهرا، ويشهد على ذلك تاريخنا فى الدورات الأوليمبية وفى كأس العالم؛ وعندما جاءت لحظات للازدهار فإن النكوص والتراجع بعدها كان دوما بيدنا لا بيد عمرو، ولا بيد الاستعمار أو مؤامرة أجنبية.

مثالان: عندما قام الكابتن الجوهرى بقيادة الفريق القومى للوصول إلى كأس العالم عام ١٩٩٠ ساد تفاؤل كبير بأن عصر التراجع قد انتهى، ومع ذلك فقد كان علينا الانتظار ٢٨ عاما حتى نصل إليه مرة أخرى. كان السبب هو أنه بعد الذهاب «المشرف» إلى كأس العالم، هزمنا فى مباراة ودية من اليونان بستة أهداف لم يتحملها الجمع الوطنى فتمت الإطاحة بالجوهرى، وتغير الفريق، وتم استدعاء مدربين من الخارج. المثال الآخر جرى مع الكابتن حسن شحاتة الذى فاز ثلاث مرات متتالية بكأس الأمم الإفريقية وبعد احتفالنا بهذا المجد الجديد قامت ثورة فى مصر وبعدها لم نعد نذهب لا لكأس الأمم الإفريقية ولا كأس العالم لأن الجمهور تفرغ لمنافسة الأهلى والزمالك، وفى مباراة بين الأهلى والمصرى جرى قتل ٧٤ مشجعا، وفى مباراة أخرى للزمالك توفى ٢٢ مشجعا. عرف الجمهور تكوين «ألتراس» التى كانت نوعا من الميليشيات «المدنية» خنقت كرة القدم كلها، أو هكذا ظهرت المدرجات الخالية فى مسرحية جارية على مسرح ليس له جمهور.

المثال المضاد لكل ذلك كان بعد كارثة يونيو ١٩٦٧. لأول مرة فى الزمن الحديث يعرف المصريون التعلم من الكارثة، ولا يحضرون لكارثة أخرى، وكان ذلك من خلال تراكم الخبرة والمعرفة والعلم. لم يكن هناك مجال للرؤوس الساخنة التى كانت تريد حرب تحرير «شعبية» على الطريقة الفيتنامية، وإنما بناء القوات المسلحة، وحرب الاستنزاف التى كانت مدرسة كبرى للعبور والقتال. كنا فى حرب أكتوبر ١٩٧٣ قد تعلمنا متى نبدأ الحرب، وكيف نخوضها، ومتى نتوقف حتى تقوم السياسة والدبلوماسية بالمهمة. تعلمنا أمرا هاما هو ضرورة أن تتلاءم الإمكانيات مع الأهداف؛ وأن تتلاءم الأهداف مع الوسائل؛ وكان لدينا شجاعة إدراك الحدود. حدث ذلك بالتراكم والمعرفة والخبرة والنضج فى التعامل مع هزيمة كبرى.

هزيمة الفريق القومى وخروجه من كأس الأمم الإفريقية شكلت كارثة لم تبدأ ساعة إطلاق الحكم صفارة نهاية المباراة، ولكنها بدأت ساعة انتهاء مباريات كأس العالم الأخيرة، وربما قبلها عندما وصلنا إلى كأس العالم فى المقام الأول حينما ساد ظن أنه يمكن الفوز بكأس العالم. تحقيقنا لما لم نحققه قبل ٢٨ عاما قام على كتف مجموعة من اللاعبين والمدرب كوبر، وقبلها وصلنا إلى نهائيات كأس إفريقيا لأن المدرب قام بما يمكن القيام به، وهو المواءمة بين قدرات اللاعبين وهدف الفوز فى كل مباراة. هذه المعرفة، وهذا العلم، كان الاسم الذائع لهما «طريقة كوبر الدفاعية العقيمة»، كان الجمهور يريد لمصر أن تلعب مثل البرازيل، وأن تفوز بالكأس مثل فرنسا، ولما لم يحدث أى من ذلك، جرت الإطاحة بكوبر وجرى استحضار المدرب الذى سوف يلعب بطريقة تسر الناظرين، ولكنها فى النهاية قادتنا إلى الخروج من كأس الأمم الإفريقية بعد أن جرى اتهامه بأنه لعب بطريقة كوبر وفاز ثلاث مرات دون أن يكون مقنعا!، والمدهش أنه فى النصر أو فى الهزيمة فإن الجوازة والجنازة لهما خصائص متشابهة، فالولولة والزغاريد فى النهاية أصوات يلزم لها ظهور فضائح للممثلات اللاتى ذهبن إلى الخرطوم أو جروزنى؛ وهذه ا
لمرة كان التحرش «الافتراضى» الذى قام به لاعب قبل زمن هو الذى يستكمل الصورة التاريخية؛ ومع حديث عن الفساد، واتهامات ذات اليمين وذات اليسار تحولت الواقعة الوطنية إلى مسرح للانتهازية.

لا يجب أن يحدث ما حدث مرة أخرى، نريد اتحادا للكرة مثل كل اتحادات العالم، ونريد اختيارات مهما كانت صعوبتها تعيش وتصمد للنصر كما تعيش وتصمد للهزيمة، باختصار نريد التعلم من التجربة، والنضج، وأن تتلاءم أهدافنا مع قدراتنا، نريد فرصا كاملة لا تتلاعب بها مشاعر الجمهور المؤقتة، ولا أدوات التواصل الاجتماعى.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس مرة أخرى ليس مرة أخرى



GMT 17:40 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... الانهيار أو الجمهورية الثالثة

GMT 10:39 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أسباب التضييق على لبنان

GMT 10:37 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

صوت واحد بلهجات كثيرة

GMT 10:22 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يهبّ «حزب الله» لإنقاذ عهده

GMT 20:25 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

لم تعد القوات الأميركية قضية

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:24 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح
 لبنان اليوم - الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية

GMT 13:08 2019 الإثنين ,04 شباط / فبراير

أمير منطقة الرياض يرأس جلسة مجلس المنطقة

GMT 02:47 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طريقة إعداد وتحضير حلى التوفي البارد

GMT 11:29 2012 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

ضرائب متراكمة على النجمة باميلا أندرسون

GMT 13:54 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

المحرق ينظم مهرجانه الخامس عشر بمناسبة الأعياد

GMT 13:50 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

دليل "عالم المطاعم في أبوظبي" من لونلي بلانيت

GMT 22:14 2022 الأربعاء ,22 حزيران / يونيو

أزمة جديدة تواجه صحافيي تركيا بسبب عقود العمل

GMT 06:41 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

نوال الزغبي تخطف أنظار متابعيها في أحدث ظهور لها
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon