مشروع عربي للسلام

مشروع عربي للسلام

مشروع عربي للسلام

 لبنان اليوم -

مشروع عربي للسلام

بقلم: عبد المنعم سعيد

أعرف أنه من الصعب للغاية أن يقال كلام عن السلام في زمن الحرب، وكثيراً ما سوف يكون الحديث عن؛ أولاً مبادرة السلام العربية؛ وثانياً عن العرض العربي المستمر في الوصول إلى حل الدولتين. المملكة العربية السعودية وفرنسا خصصتا مؤتمراً لبحث الموضوع، وحصول التأييد العالمي عليه بتقديم اعتراف بالدولة الفلسطينية. الواقع أن الدولة الفلسطينية أعلنت استقلالها منذ عام 1988، وبعد أقل من عام في فبراير (شباط) 1989 كانت 90 دولة قد اعترفت بها. 147 دولة صوتت في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 مايو (أيار) 2024 على أن تكون فلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة. كل هذه الاعترافات قامت على أساس من اتفاقيات «أوسلو» التي وضعت سلطة وطنية فلسطينية على أرض فلسطين - الضفة الغربية وقطاع غزة. كل هذه الاعترافات على أهميتها القانونية والأخلاقية أولاً لم تُحقق النتيجة العملية لإقامة الدولة الفلسطينية؛ وثانياً فإنها لم يُجرَ الاعتراف بها من قِبل فصائل فلسطينية عديدة؛ 14 منها شجعت على انفصال غزة عن الضفة، وشككت بحمل السلاح في وجود دولة فلسطينية لديها سلطة، ولديها حق الاحتكار الشرعي لحمل السلاح الذي هو من أهم شروط وجود الدولة.

ما تحتاج إليه الدول العربية في محاولاتها إقامة السلام والدولة الفلسطينية كحقيقة، مواجهة أمرين أساسيين: أولهما استكمال شروط الدولة الفلسطينية في علاقة السلطة بالسلاح؛ وثانيهما التعامل المباشر مع الدولة الإسرائيلية التي نادراً ما تذكر في سياق حل الدولتين. باختصار إذا كنا نعلم ماذا نفعل مع الدولة الفلسطينية لتصير دولة، فإننا لا نعلم ما يجب عمله مع إسرائيل. كلا الهدفين يتجاهل معرفة أن وراء إسرائيل مفهوماً شائعاً في الثقافة الغربية وهو «المسألة اليهودية»، الذي يقوم على اضطهاد «اليهود». المسألة أدّت بالفعل إلى مذابح كبرى في إسبانيا وروسيا ودول أوروبية عديدة، وأدت إلى المجزرة التاريخية المعروفة بـ«المحرقة» أو «الهولوكوست». كل ذلك لم يحدث في بلد عربي، وفي الأغلب فإن اليهود في البلاد العربية عاشوا عيشة متميزة ومندمجة في الحياة الوطنية، والبلاد التي وصل إليها النازي جرى إنقاذهم. وفي مصر شارك حاخام اليهود في توقيع وثيقة عرابي في الثورة العرابية؛ كما شاركوا في ثورة 1919، وفي الحكومة المصرية بعدها؛ وكانوا جزءاً مهماً من الحياة الثقافية والأدبية والاقتصادية العربية. وتاريخياً، فإن اليهود كانوا جزءاً من النسيج العام في بعض البلدان العربية.قيام دولة إسرائيل كان للخلاص اليهودي على حساب شعب آخر فلسطيني؛ وكان الوجود في فلسطين جزءاً مهماً من تركيب «قومية» تستند إلى أصول دينية في «حائط المبكى». التعامل مع إشكاليات الدولة الإسرائيلية بقدر التعامل مع إشكاليات الدولة الفلسطينية هو ضرورة تاريخية؛ وشرط أساسي للنجاح، وتقديم صفقة تاريخية لقيام الدولة الفلسطينية. ثبت أن الصفقة وفق الأوضاع الراهنة لا يمكنها أن تقوم على مقابلة الأرض مقابل السلام؛ لأنه من الصعب السلام في أرض ناقصة وممزقة، ولا مقابلة السلام مقابل السلام في ظل أوضاع لا تنضج بالمساواة بين البشر. الوضع الحالي القائم على الاحتلال كاملاً أو منقوصاً ليس سلاماً، وإنما وضع شاذ لدولة واحدة تسودها وتطغى فيها إسرائيل، ولا تريد تقديم المساواة لمن يحملون جواز سفرها. ومن الغريب أن أحداً في إسرائيل لم يحتج، ولم يعترض على أنه أثناء الحرب الإسرائيلية في غزة قتل 100 فلسطيني من «مواطني إسرائيل». المشروع العربي للسلام يجب هذه المرة ألا يستند إلى المبادئ الكبرى، وإنما إلى خيار تاريخي أولاً للفلسطينيين بأن تاريخهم يشهد على سلسلة من التنازلات التاريخية التي تُشكل ندماً على عدم القبول بتنازلات تاريخية سابقة. وثانياً أن النخبة السياسية الفلسطينية تكاد تكون هي الفاشل الوحيد في تحقيق الهدف الوطني للاستقلال بين حركات التحرر الوطني. وثالثاً الخيار للإسرائيليين أما وقد استقرت منافيهم (الدياسبورا) على أرض فلسطين، فإن الدول عليها أن تقبل اختياراتها الجغرافية للجيران لها. وإذا كانت الرحلة التاريخية لليهود صعبة، فإن بقاء الأوضاع على ما هي عليه سوف تعني حرباً أبدية. ورابعاً أن العائق الكبير لتحقيق السلام سوف يظل قائماً ما دامت جماعات الإسلام السياسي («حماس» و«الجهاد») هي التي تواجه جماعات اليهودية السياسية (جافير وسموتريتش)؛ وباختصار لا حل دون قيام دولة وطنية علمانية على الجانبين.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشروع عربي للسلام مشروع عربي للسلام



GMT 21:26 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

شفافية في المعلومات والأرقام يا حكومة

GMT 21:25 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

معلقات اليمن

GMT 21:24 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

العصا الرقمية... والهشّ على الغنم

GMT 21:23 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في عشق السلاح...

GMT 21:22 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا المتحدة... وليبيا المُنقسِمة

GMT 21:21 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في ذكرى استقلال ليبيا... ماذا أبقيتم للأجيال المقبلة؟

GMT 21:20 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

قوات الاستقرار في غزة

GMT 21:19 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم... أفراح القلوب المكسورة

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:23 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا سبورتاج 2026 تحصد لقب "أفضل اختيار للسلامة بلاس" لعام 2025

GMT 00:03 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 18:04 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

اتيكيت مقابلة أهل العريس

GMT 19:07 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

عبير صبري تؤكد إلى أحمد مالك الأخلاق مش بتنفصل عن الفن

GMT 05:24 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

الجماعات الإسلامية" تشن حملة لتشوية الإعلام"

GMT 12:06 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

فيلم «شماريخ» يتصدر شباك التذاكر بـ14 مليوناً و521 ألف جنيه

GMT 12:12 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة وواشنطن تدعمان عائلات متضرري انفجار مرفأ بيروت

GMT 15:19 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل فريدة ومميزة في مجموعة «كروز 2021»

GMT 15:37 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

برج القرد..ذكي واجتماعي ويملك حس النكتة

GMT 00:19 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

فوائد حب الرشاد للشعر وطرق تحضير خلطات منه

GMT 18:56 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

متزلجو لبنان يستعدون لأولمبياد الصين الشتوي

GMT 06:49 2017 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

تعرف علي توقعات درجات الحرارة المتوقعة في مصر الخميس
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon