تأخير غير مبرر

تأخير غير مبرر

تأخير غير مبرر

 لبنان اليوم -

تأخير غير مبرر

طلال عوكل
بقلم : طلال عوكل

وكأن اتجاهات السياسة الإسرائيلية غير معلومة، ولا قيمة للاستعجال في اتخاذ القرار، إلا بعد أن يعترف المجرم بجريمته. هكذا تكون إسرائيل في موقع الفعل ويبقى الفلسطينيون في موقع رد الفعل، ما يعني بشكل أو بآخر أن إسرائيل هي أيضا من يملي ويحدد طبيعة ومستوى وربما آليات اتخاذ وتنفيذ القرار الفلسطيني. إن استمرار دور الضحية دائما يؤدي في كثير من الأحيان إلى استضعاف الضحية والتجرؤ عليها والتباطؤ في السعي لمساعدتها، والامتناع عن دفع أثمان لمواقف لا تتحمل الضحية المسؤولية عن دفع ما يترتب عليها من أثمان. سيقول العرب قبل العجم: وهل نكون ملكيين أكثر من الملك. غير المقبول أن تظل مواقف الفلسطينيين إزاء المواقف والسياسات والإجراءات الأميركية والإسرائيلية متأخرة ومشروطة بنفاذ القرار. المقاومة الاستباقية تقف عند حدود الكلام والتحذيرات غير المدروسة، حتى أصبحت إسرائيل تعرف ما الذي سيفعله الفلسطينيون وغير الفلسطينيين.

لماذا يتم تأجيل اجتماع اللجنة التنفيذية واللجنة المركزية لحركة فتح؟ السبب الذي يسوقه أحد أعضاء اللجنة التنفيذية أن الأمر يتعلق بضرورة انتظار إعلان حكومة نتنياهو عن برنامجها. المقصود هو التأكد من نوايا حكومة الرأسين إزاء ضم 30% من أرض الضفة الغربية وتلك كانت واحدة من أبرز نقاط الاتفاق بين نتنياهو وغانتس.إذا كان ثمة من يشك في أن إسرائيل ستعلن قبل نهاية هذا العام عن بسط سيادتها وفرض قانونها على منطقة الغور وشمال البحر الميت والمناطق الاستيطانية، فإن على هؤلاء أن يبتعدوا عن ممارسة السياسة.

ثمة عقبات بالتأكيد أمام اتخاذ إسرائيل قرارات من هذا المستوى، ولكن ألم يكن الموقف من القدس خطيراً، وألم يكن الموقف من الجولان خطيراً كذلك؟ ماذا فعلت إسرائيل وهل ترددت أو تراجعت، وهل أظهرت منذ قيامها أي احترام لقرارات الأمم المتحدة أو أي التزام بمواثيق وقوانين وقرارات؟قبل أيام قليلة فقط، أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية عن مصادرة أراض في منطقة الحرم الإبراهيمي وهي خطوة خطيرة تؤكد أن الحركة الصهيونية تستهدف الخليل كما القدس وغيرها، فماذا فعلت السياسة الفلسطينية أكثر من إطلاق التصريحات؟

في خطاب إعلان الحكومة التي تعد الأوسع في تاريخ إسرائيل، قالها نتنياهو بكل وقاحة، إن حكومته ستقوم ببسط السيادة وإنه لن يسمح بترحيل أي مستوطن. الموقف الأميركي مرتبك وفوضوي في صيغ الإعلان عنه، وليس في طبيعته وثباته، فأحياناً يتم رهن قرار الضم بشروط وأحياناً يقال، إن القرار لإسرائيل، في الأخير فإن المستوطن ديفيد فريدمان الذي يحمل صفة سفير الولايات المتحدة هو الأكثر صدقاً ووضوحاً في التعبير عن المواقف دون غموض أو تردد.وزير الخارجية الأميركي بومبيو الذي زار إسرائيل، مؤخراً، يقف في مقدمة من يمارسون التضليل والإرباك، لكنه اضطر أخيراً لأن يعترف بحاجة ترامب لتأخير الإعلان عن الضم إلى وقت قبل نهاية العام ولكنه يسمح بالاستفادة منه في حملته الانتخابية.

إذاً، القرار صدر وبقي التصرف في الوقت لتحقيق المزيد من الفوائد، ودون أدنى اهتمام أو خشية من ردود فعل تمنع التنفيذ. من المؤكد أن تنفيذ قرار الضم سيستفز ردود أفعال صعبة عربياً وإقليمياً ودولياً. فلسطينياً من غير المقبول أن تبقى قرارات المجلسين المركزي والوطني مشروطة بقرارات أخرى بعد قرار الضم، إذ ذاك فإن كل شيء سيتغير في المشهد الفلسطيني وربما يؤدي ذلك إلى انتفاضة أو هبات شعبية واسعة.والأرجح أن ذلك سيسرع من عمل المحكمة الجنائية الدولية وأشكال المقاطعة. تصريح الملك عبد الله عاهل الأردن، الذي حذر فيه من صدام كبير في حال أقدمت إسرائيل على تنفيذ خطوة الضم، يؤكد مدى خطورة القرار على وجود وأمن واستقرار النظام في الأردن.

ما صدر ويصدر عن العرب، متفرقين ومجتمعين، على الأرجح، لا يدخل في حسابات الكمبيوتر الإسرائيلي، وكذلك الحال بالنسبة للمجتمع الدولي، ما عدا الاتحاد الأوروبي الذي يهدد باتخاذ عقوبات بحق إسرائيل في حال أقدمت على تنفيذ قرار الضم. الموقف الأوروبي جيد وجدي إلى حد ما، بالرغم من أن بعض دول الاتحاد قد لا توافق على إجراءات عقابية بحق إسرائيل، لكن السؤال هو: ألم يكن الرئيس الأميركي وإدارته يعرفون أن صفقة القرن وآليات تنفيذها تخالف القانون الدولي وتخالف اتجاهات البحث عن سلام على أساس رؤية الدولتين؟إذا كنا نعرف إسرائيل فإنها تلك الدولة الإرهابية العنصرية المارقة التي لا تهتم بالآخرين طالما أن الولايات المتحدة تقف خلفها بالباع والذراع. في هذه الحالة يصبح التأخير في اتخاذ ما يلزم من مواقف وإجراءات تعبيرا عن ضعف أو حتى تعثر سياسي لا يتناسب وخطورة الصراع الفلسطيني والعربي - الإسرائيلي.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تأخير غير مبرر تأخير غير مبرر



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 06:50 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال نيوزيلندا العنيف يتسبب في تحريك جزر رئيسية

GMT 22:25 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

3مستحضرات فقط تخفي علامات تعب وجهك نهائيا

GMT 18:35 2019 الخميس ,18 تموز / يوليو

5 أسرار لتطبيق المكياج من أجمل نساء بريطانيا

GMT 16:57 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"موريشيوس" ملاذ رومانسي ساحر لقضاء شهر العسل

GMT 13:05 2012 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

إضراب في مطار شرم الشيخ يتسبب في إغلاق جزئي أمام السياح

GMT 04:44 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

لاكوتريبيس يعلن اكتشاف حقل غاز على سواحل قبرص

GMT 18:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إتيكيت دفع فاتورة حساب المطعم

GMT 10:31 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 07:27 2014 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جائزة لـ«فقه العمران»

GMT 21:14 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

تعرف علي توقعات أحوال الطقس في لبنان الاربعاء

GMT 18:27 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

انفجار في مدينة بنش في ريف إدلب السورية

GMT 00:31 2021 السبت ,13 آذار/ مارس

تخفيض سعر تعرفة فحص الـPCR الى 100 الف ل.ل!
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon