التأسيس للعلاقة مع السعودية من هناك إلى هنا

التأسيس للعلاقة مع السعودية من هناك إلى هنا

التأسيس للعلاقة مع السعودية من هناك إلى هنا

 لبنان اليوم -

التأسيس للعلاقة مع السعودية من هناك إلى هنا

بقلم: سليمان جودة

في أجواء اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارته الرياض، جرى استدعاء صورة شهيرة جمعت ذات يوم بين الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، والرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت على الطرّاد «كوينسي» في قناة السويس.

ورغم أن الصورة جرى استدعاؤها بين صور كثيرة للقاءات ماضية، ورغم أن اللقاءات كلها جرت بين رؤساء أميركيين وملوك المملكة المتعاقبين، فإن تلك الصورة تظل هي الصورة الأم، سواء من حيث زمانها الذي جرى التقاطها فيه، أو من حيث ضرورتها بين الصور الأخرى التي لا تخلو من الضرورة بالتأكيد.

وإذا كانت علاقات البلدين قد تجاوزت ما اعترض طريقها على طول المسافة، من يوم لقاء الملك المؤسس والرئيس روزفلت، فالسبب يعود إلى أنهما أسسا لما يضمن مثل هذا التجاوز، بحيث إذا انحرف المسار إلى اليمين أو إلى اليسار قليلاً، فإنه يظل يدور حول ما يعترضه ويلتف، وصولاً إلى غايته في الأفق المفتوح، فلا يتوقف ولا ينكسر.

الصورة يبدو فيها الملك المؤسس مستريحاً في مقعده، وعصاه بين يديه، في حين روزفلت أمامه يسمع وينصت للمترجم الذي كان قد بدا جاثياً على إحدى رُكبتيه، متكئاً على قدمه الأخرى، ليكون قريباً من مستوى مقعد الملك، فيأخذ عنه كلامه إلى الرئيس أو يفعل العكس. وكان بعض رفاق اللقاء من الجانبين يظهرون في خلفية الصورة التي بقيت كأنها أيقونة عن لقاء مضى، ولكن عاشت حصيلته من بعده على الجانبين. ولو أن الإعلام استدعى تلك الصورة من دون غيرها، ما كان قد نال من بقية الصور في شيء، لأنها الصورة الأصل التي تفرّعت عنها كل الصور في المراحل اللاحقة، ولأنها لو لم تولد في وقتها، ما كانت قد توالدت منها صور جاءت بعدها وبأثر منها.

كان العالم وقت الصورة يُغادر الحرب العالمية الثانية، وينفض عنه ترابها، وكانت بريطانيا تُغادر المنطقة، وتأخذ معها فرنسا في يدها، وكانت الولايات المتحدة ترث عنهما النفوذ في المنطقة التي هي بالطبيعة جزء من عالم ما بعد الحرب.

اليوم يبدو العالم كأنه مقبل على مرحلة مختلفة من مسيرته، تماماً كما كان مقبلاً على مرحلة أخرى في المسيرة نفسها يوم لقاء الطرّاد «كوينسي» في قناة السويس.

جاء الرئيس ترمب في زيارته بينما المشهد في المنطقة مُحاط بكل ما يدعو إلى التعامل السياسي معه، من أول الحرب الإسرائيلية التي طالت على الفلسطينيين في قطاع غزة لأكثر من عام ونصف العام، إلى جماعة الحوثي التي إذا كانت قد تعهدت للرئيس ترمب بوقف استهداف السفن في البحر الأحمر فإنها تظل شبحاً يخيفها، إلى إيران التي تذهب إلى مفاوضات مع الأميركيين وهي تتأرجح بين ما تريده وما تنتظره المنطقة منها، إلى سوريا التي تُجاهد لتغادر ماضياً أرهقها، إلى مستقبل تراه من حقها في الأمن والسلام.

جاء ترمب في زيارته وهو عارف أن الحرب الروسية - الأوكرانية التي أنهكت العالم قد آن لها أن تتوقف، ثم وهو عارف أيضاً أن الرئيسين الروسي والأوكراني إذا كانا سيلتقيان اليوم في تركيا، فإن المفاوضات التي مهّدت لمثل هذا اللقاء، أو قطعت خطوات في الطريق إليه، قد جرت من قبل في الرياض التي احتضنتها عن رغبة في أن تُشارك فيما يهدئ من توتر العالم.

جاء الرئيس الأميركي وهو عارف هذا كله وبغيره مما نراه من حولنا في المنطقة. جاء راغباً في وضع يده في يد المملكة العربية السعودية، لعل تفاصيل هذا المشهد تتبدل، ولعل الحرب على الفلسطينيين في القطاع تضع أوزارها. جاء وهو عارف أن الرياض تعتمد الحل السياسي في كل نزاع من حولها، ولا ترى في الحرب حلّاً في أي مدى مهما طال أو استطال.

هذا كله عما حول السعودية في المنطقة، وفي الإقليم، وفي العالم، أما ما بينها وبين الولايات المتحدة فأظن أن زيارة مثل هذه للرئيس ترمب تعيد تأسيس العلاقة بين البلدين، وتعطيها دفعة تُشبه الدفعة الأولى التي أثمرها لقاء الملك المؤسس والرئيس روزفلت، وبالذات على المستوى الاقتصادي. ولا مجال للقول بأن الولايات المتحدة ستستفيد وحدها من الاستثمارات السعودية فيها، لأن الاستفادة في استثمار كهذا ذات اتجاهين بطبيعتها، والعائد فيها على الرياض كالعائد من ورائها على واشنطن وربما أكبر، وإذا تلكأ العائد الاقتصادي على المملكة أو غاب، فالعائد السياسي سوف يعوّض ويفيض.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التأسيس للعلاقة مع السعودية من هناك إلى هنا التأسيس للعلاقة مع السعودية من هناك إلى هنا



GMT 21:26 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

شفافية في المعلومات والأرقام يا حكومة

GMT 21:25 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

معلقات اليمن

GMT 21:24 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

العصا الرقمية... والهشّ على الغنم

GMT 21:23 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في عشق السلاح...

GMT 21:22 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا المتحدة... وليبيا المُنقسِمة

GMT 21:21 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في ذكرى استقلال ليبيا... ماذا أبقيتم للأجيال المقبلة؟

GMT 21:20 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

قوات الاستقرار في غزة

GMT 21:19 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم... أفراح القلوب المكسورة

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:23 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا سبورتاج 2026 تحصد لقب "أفضل اختيار للسلامة بلاس" لعام 2025

GMT 00:03 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 18:04 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

اتيكيت مقابلة أهل العريس

GMT 19:07 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

عبير صبري تؤكد إلى أحمد مالك الأخلاق مش بتنفصل عن الفن

GMT 05:24 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

الجماعات الإسلامية" تشن حملة لتشوية الإعلام"

GMT 12:06 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

فيلم «شماريخ» يتصدر شباك التذاكر بـ14 مليوناً و521 ألف جنيه

GMT 12:12 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة وواشنطن تدعمان عائلات متضرري انفجار مرفأ بيروت

GMT 15:19 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل فريدة ومميزة في مجموعة «كروز 2021»

GMT 15:37 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

برج القرد..ذكي واجتماعي ويملك حس النكتة

GMT 00:19 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

فوائد حب الرشاد للشعر وطرق تحضير خلطات منه

GMT 18:56 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

متزلجو لبنان يستعدون لأولمبياد الصين الشتوي

GMT 06:49 2017 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

تعرف علي توقعات درجات الحرارة المتوقعة في مصر الخميس
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon