لجنة تكشف سذاجة دولة

لجنة تكشف سذاجة دولة

لجنة تكشف سذاجة دولة

 لبنان اليوم -

لجنة تكشف سذاجة دولة

بقلم: سليمان جودة

السذاجة الإسرائيلية المعتادة أفادت اللجنة الوزارية العربية الإسلامية التي كانت قد تشكلت بقرار من القمة العربية الإسلامية المشتركة، والمكلفة التحرك الدولي لوقف الحرب على قطاع غزة؛ إذ تصورت أنها تضرها؛ لكنها على العكس من ذلك، جعلت متابعات أخبار اللجنة عالية جداً، وقفزت بقراءات نشاطها إلى أعلى وأعلى.

تتحرك اللجنة في كل اتجاه مند تشكيلها وتكليفها، أي منذ انعقاد القمة في المملكة العربية السعودية السنة الماضية. فلم تترك عاصمة لصناعة القرار في العالم إلا وذهبت إليها، ولم تَدَع صانع قرار في عاصمة مهمة إلا وشرحت له ما تُخفيه آلة الدعاية الإسرائيلية وتحاول الشوشرة عليه. تلك الدعاية التي لا يخيفها شيء، قدر ما يخيفها أن يكون العالم على دراية بحقيقة ما ترتكبه حكومة التطرف برئاسة بنيامين نتنياهو، ضد الفلسطينيين في القطاع.

ولولا أن تل أبيب تعرف جيداً ماذا حققت اللجنة، ما كانت قد وقفت في طريق زيارتها رام الله للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وما كانت قد تعنتت في موقفها ضد الزيارة، وما كانت قد أعلنت أنها لن تتعاون لإتمامها. ولكن المَثَل يقول: «رُبَّ ضارة نافعة»، فلقد كان الضرر الذي تخيلته حكومة التطرف الإسرائيلية، وهي تتحامق ضد اللجنة، مفيداً لها من حيث لا تقصد إسرائيل. فهذا ما تابعه العالم كله ورآه من كل مكان.

إن اللجنة عربية إسلامية، وهي منبثقة عن قمة انعقدت بهذه الصفة المشتركة، وبالتالي، فهي تتحدث بلسان 58 دولة تضمها جامعة الدول العربية ومعها منظمة التعاون الإسلامي. وعندما تتحدث لجنة باسم هذا العدد من الدول، فلا بد من أن حديثها لا يُريح الإسرائيليين، ولا بد من أنهم لن يجدوا وسيلة للكيد إلى اللجنة إلا وسوف يستخدمونها ضدها على الفور. وقد كان تعطيل الزيارة إلى رام الله نوعاً من هذا الكيد، لولا أنه كان كيداً من النوع الذي يرتد إلى صدر صاحبه في كثير من الأحيان.

تخيلَتْ حكومة التطرف أنها بكيدها قد أبطلت عمل اللجنة، وأحبطته، وأفرغته من مضمونه، ولكنها سرعان ما ترامت إليها الأنباء بأن اجتماع اللجنة بأعضائها كاملين قد انعقد مع الرئيس الفلسطيني. سرعان ما سمعت إسرائيل -وهي لا تكاد تصدق- أن الاجتماع انعقد بكامل هيئته، وأن ذلك تم وفق تقنية الاتصال المرئي، وأن حسين الشيخ، نائب الرئيس الفلسطيني، ومحمد مصطفى، رئيس الحكومة الفلسطينية، قد انضما إلى الاجتماع، وأن ما كانت اللجنة تريد أن تحمله إلى رام الله خلال الزيارة، قد وصل مُسجلاً بعلم الوصول إلى الطرف الفلسطيني، وبشكل كامل غير منقوص!

ولا بد من أن تل أبيب قد تابعت أنباء الاجتماع وهي بين الدهشة والذهول، ولا بد من أنها قد ندمت على الوقوف في طريق الزيارة، ولا بد أيضاً أنها قد تمنَّت لو رحبت بها وفتحت أمامها الطريق. فلو حدث هذا لكانت الزيارة قد مرَّت في هدوء، ولكان الاجتماع قد انعقد من دون الصخب الذي رافقه عندما انعقد بتقنية الاتصال المرئي.

كل ما كانت اللجنة تريد أن تصل به إلى الرئيس الفلسطيني قد وصل وزيادة، وكل ما كان الحديث سيدور حوله قد جرى مُضافاً إليه اهتمام إعلامي وسياسي مضاعف، وكل ما كانت إسرائيل تخشاه من الزيارة قد تحقق بفضل السذاجة الإسرائيلية المعتادة.

فالدنيا كلها عرفت أن مؤتمر التسوية السلمية وحل الدولتين كان على رأس بنود الاجتماع، والدنيا كلها عرفت أن اللجنة أحاطت رام الله بآخر أخبار المؤتمر الذي سينعقد هذا الشهر في نيويورك، برئاسة مشتركة، سعودية- فرنسية.

والدنيا كلها قد عرفت أن اللجنة ازدادت في اجتماعها تمسكاً بالترويج لتمكين الفلسطينيين من حقوقهم العادلة، وأنها استعرضت مع القيادة الفلسطينية في رام الله تفاصيل برنامج التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة الذي سيبدأ عمله فور وقف الحرب، وسيبني على الخطة العربية التي أقرتها القمة المنعقدة في القاهرة 4 مارس (آذار) الماضي.

الدنيا كلها عرفت هذا وسواه مما احتواه الاتصال المرئي، ولا شك في أن إحاطة الدنيا بذلك كله يعود الفضل فيها -عن غير قصد طبعاً- إلى حكومة التطرف في تل أبيب التي صوَّرت لها غطرستها أنها يمكن أن تمنع جدول أعمال الاجتماع من الخروج للنور. تصورت هي ذلك ما دامت قد وقفت في طريق انعقاده، غير أنها لم تكن تتوقع أن يرتد كيدها إلى صدرها، ولا كانت تنتبه إلى أنها وهي تمنع انعقاد الاجتماع إنما تقوم بدعاية مجانية له، ولجدول أعماله، ولكل التفاصيل المتضمنة فيه.

إننا نجد أنفسنا أمام لجنة تكشف دولة، هذا إذا جاز أن توصف إسرائيل بأنها دولة، بينما هي تتحلل على مرأى من العالم من أي مسؤولية تعرفها الدول وتلتزم بها. إن ما جرى ويجري في أرض القطاع يقول للعالم -وليس لنا وحدنا- إن مسمى الدولة الذي تقول به العلوم السياسية لا يعرف إسرائيل ولا هي تعرفه.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لجنة تكشف سذاجة دولة لجنة تكشف سذاجة دولة



GMT 19:39 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

«حزب الله» خسر الحرب ويريد الربح في السياسة!

GMT 19:38 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

«الست»

GMT 19:37 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

«الانتقالي» فتح عشَّ الانفصاليين

GMT 19:37 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

عذابات الملياردير الرقمي!

GMT 19:36 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

صهيونيّتان وإسرائيلان؟!

GMT 19:35 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

عن توقيت المعارك

GMT 19:34 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

السردية الإسرائيلية التي دحضها أحمد الأحمد

GMT 19:33 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

التجاهل والتعامي بوصفهما حرفةً

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 20:40 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

الفلفل الحار وتأثيره على صحة البروستاتا
 لبنان اليوم - الفلفل الحار وتأثيره على صحة البروستاتا

GMT 20:31 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

تسلا تكشف عن روبوتها الشبيه بالبشر اوبتيموس في برلين
 لبنان اليوم - تسلا تكشف عن روبوتها الشبيه بالبشر اوبتيموس في برلين

GMT 09:53 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

ديكورات تمنح منزلك الدفء وتجعله أكثر راحة

GMT 21:19 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة الطليعة" تعاقب اللاعبين بعد تدهور النتائج"

GMT 02:55 2016 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أندية الأردن في أزمة كبيرة بسبب ملاعب التدريب

GMT 07:25 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

توقعات برج العقرب لعام 2024 من ماغي فرح

GMT 17:55 2023 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

الباركيه في غرف النوم يمنحها الدفء والجاذبية

GMT 17:06 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

جنيفر ميتكالف ترتدي جاكت دون ملابس داخليه

GMT 15:16 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

قرداحي استقبل السفير التونسي وجرى البحث في الاوضاع العامة

GMT 17:29 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تصميمات Lanvin من وحي الخيال

GMT 11:27 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

جاستين بيبر يستقبل عام 2021 بتحوله لـ"ملاكم" في كليب "Anyone"

GMT 05:03 2016 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

"Roberto Cavalli" تطرح مجموعة من المجوهرات لعام 2017

GMT 06:30 2013 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

العمل مع "الزعيم" شرف كبير وأنا لست إعلاميًا

GMT 14:20 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

اجتماع لوزراء الصحة الأفارقة حول لقاح كوفيد ـ 19

GMT 14:47 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

النفط يبلغ أعلى مستوى منذ شهور وخام برنت 53.17 دولار للبرميل

GMT 03:53 2015 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

جزيرة فوليجاندروس أجمل مكان لمشاهدة غروب الشمس
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon