العزلة تعيد الزمن الضائع

العزلة تعيد الزمن الضائع

العزلة تعيد الزمن الضائع

 لبنان اليوم -

العزلة تعيد الزمن الضائع

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

ربما هو، كما يقول معظم النقاد، أهم أديب في تاريخ فرنسا. وربما يكون صاحب أهم عمل روائي أُنجر في العزلة. وربما كان صاحب المدرسة الروائية الأكثر أثراً في الغرب. من وليم فوكنر في أميركا، إلى جيمس جويس في آيرلندا، إلى ماركيز في أميركا اللاتينية، ثمة مسحة من مارسيل بروست في كل عمل.

ليست «البحث عن الزمن الضائع» أو «البحث عن الزمن المفقود» رواية تماماً، أو سيرة ذاتية، أو تأملات في الزمن والحياة. أي ليست هذه فحسب، لكنها عمل ساحر كيميائي راح يستعيد تفاصيل حياته حتى عام الثامنة والثلاثين عندما دخل إلى غرفة معزولة الجدران بالفلين، خوفاً من تسرب الغبار إلى سرير المصاب بالربو. ولم يعد يخرج، إلى أن انتهى من استعادة «الزمن المفقود» حرفاً حرفاً ومشهداً بعد مشهد.
كان مصاباً بالوسواس الخنّاس، لا يقرب أحداً ولا يلمس شيئاً لمسه سواه، وكأنه يعيش في تعليمات «كورونا» اليوم. مثل أدباء كثيرين، لم نكتشف فرادته على الفور. ورفض أحد الناشرين الجزء الأول من «الزمن المفقود» على أنه حشو لا معنى له، فمن يكتب ثلاثين صفحة ليصف كيف نام على جانبه الأيمن، قبل أن ينقلب على الأيسر، ومن ثم ينتقل، صفحة بعد صفحة، إلى تأملاته الفلسفية في التاريخ والفن، بأسلوب شاعري، حزين أحياناً، مرح أحياناً، ساخر على الدوام. كل شيء يجب تدوينه. فنجان الشاي في الزيارات الاجتماعية والدراما والحزن. قيل إن بروست (1871 - 1922) عاش النصف الأول من حياته، من أجل أن يمضي النصف الثاني في الكتابة عنها. وكان شديد التعلق بأمه، لا يثق بأحد سواها. لكنه عثر في ماضيه على 2000 شخص يضمهم إلى الرواية. جميعهم خضعوا للقلم المحلل والمؤلف الذي لا يأمن ضعف الطبيعة البشرية. 2000 شخص في 8 ملايين كلمة من بديع النثر.
حتى الساعات الأخيرة في حياته كان لا يزال يصحح ويعيد كتابة ذلك النص الفريد. وعند وفاته قال جان كوكتو: «كان غائباً في حياته، أما الآن فهو حاضر مثل ساعة في معصم جندي قضى في المعركة وهي لا تزال تتحرك».
كان أديب فرنسا الآخر، أندريه جيد، هو من نصح الناشر غاليمار برفض الجزء الأول من رواية بروست، وسوف يقول فيما بعد «لقد كان ذلك أسوأ حكم أصدرته في حياتي».
هل تريد إضافة أخرى إلى المشابهات بين عزلة بروست وعزلة «كورونا» اليوم؟ لقد كان والده من أشهر الأطباء وعلماء الجراثيم في فرنسا!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العزلة تعيد الزمن الضائع العزلة تعيد الزمن الضائع



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 04:11 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

البرج الطالع وتأثيره على الشخصية والحياة

GMT 16:08 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الأمير فيصل بن فرحان يترأس وفد السعودية في قمة "بريكس بلس"

GMT 07:38 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل 10 عطور رقيقة للعروس

GMT 19:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الأردني محمد الدميري يتفوق على السوري عمر السومة

GMT 19:02 2022 الجمعة ,07 كانون الثاني / يناير

ساؤول يتطلع إلى استعادة أفضل مستوياته مع تشيلسي

GMT 20:30 2021 الإثنين ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أثيوبيا تنفي شنّ هجوم على السودان وتحمل متمرّدين المسؤولية

GMT 08:19 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

تغريم امرأة تركية خرقت "واجب الإخلاص" لطليقها وهربت مع صهره

GMT 23:04 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

إصابة تريزيجيه بفيروس كورونا وابتعاده عن مباريات أستون فيلا

GMT 06:35 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

التلميذ.. ونجاح الأستاذ
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon