بلاد الشام لكم وشتم وضرب

بلاد الشام... لكم وشتم وضرب

بلاد الشام... لكم وشتم وضرب

 لبنان اليوم -

بلاد الشام لكم وشتم وضرب

بقلم:سمير عطا الله

في مذكراته، يروي وزير خارجية لبنان السابق الدكتور إيلي سالم تفاصيل الموقعة مع نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام.

وقد عبر السفير بارتولوميو في نهاية المطاف عن الموقف الأميركي الراهن كالآتي: «إذا لم ينعقد مؤتمر الحوار الوطني ويتوصّل إلى نتيجة مرضية، وإذا لم تتشكّل حكومة وحدة وطنية تحظى بالإجماع، فإن الولايات المتحدة ستسحب فرقتها من القوّة المتعددة الجنسيات». كذلك تحدّث الفرنسيون عن نقل فرقتهم إلى سفن حربية، مقابل الساحل، وقالوا لنا بشكل سري إن الولايات المتحدة قرّرت فعلاً سحب قوتها من لبنان. أما الإيطاليون، فكانوا يخفّضون عدد فرقتهم، بذريعة خفض النفقات، في حين كان الوضع الأمني في بيروت يتدهور أكثر فأكثر، والميليشيات المعارضة تتحدّى الجيش في العاصمة.وانتظرنا، أنا والفيصل، في المطار إلى أن وصل خدّام، فاستقبلناه بحرارة، ولكنّه لم يبدُ على عادته، مرحاً، مرتاحاً، ركبنا سيارة الفيصل التي قادها بنفسه ومن دون حراسة أو مواكبة، وجلس خدّام إلى جانبه وجلستُ في المقعد الخلفي. ما إن تحرّكت السيارة، أخذ خدام يقول: «الكويت أوقفت دعمها المالي عن سوريا، الدولة الوحيدة في الخندق الأمامي مع العدوّ الإسرائيلي». لفظ كلامه بقوّة وجديّة، وغضب. وإذ بالأمير سعود ينظر من خلال المرآة ويغمز بعينه، ليبلغني أنّه فهم الرسالة، والإشارة أقوى من الكلام أحياناً. فتبيّن لي أنّ الجو ليس جو إنقاذ اتفاق، إنما لإعادة تمركز الأسد في دور عربي أوسع تحت عنوان مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. ثم استفاض بمهاجمة الجيش اللبناني، ووصفه بالميليشيا، واتّهمه بترقية سعد حداد، وزرع السيارات المفخّخة في وادي البقاع ضد الجيش السوري.

لقد بدا بوضوح أن الجو ملبّد، ولا يصلح للحوار. قلت لسعود الفيصل على انفراد إنني على استعداد للعودة إلى بيروت على الفور، دون أن أزيد الوضع تعقيداً، لكنه ألحّ عليّ بالبقاء، لنجتمع مع خدّام في دارته - الفيصل، خدّام، وأنا والحريري - وفي جو عائلي، آملاً في أن يوفر دفء بيته نجاح الاجتماع.

وصلتُ إلى بيت الأمير سعود في السادسة مساء. بدا الجو كأننا في جنازة، تخلّلها شيء من المرح. وكانت تلك الضحكة الوحيدة في ذلك اليوم. وما إن غابت البنات حتّى جلس خدّام على كرسي قبالتي، وأخذ ينظر إليّ بغضب، والكلمات النابية تتدفّق من فمه كما تتدفّق النار من قمم البراكين: «إنتو اللبنانيي جماعة كذب، تنصيب، عمالة، فساد، لؤم...»، وغيرها من الكلام المشابه، أمّا أنا، ومن عميق الوعي أو اللاوعي الذي نسمّيه نحن اللبنانيين الكرامة، فلم أتمكن من تركه يسترسل، وكنا لا نزال في البدايات، ولا أن أجيب عليه بالكلمات، ووجدت نفسي فوقه وأنا أنهال عليه بالضرب، هو يحاول أن يقف ليدافع عن نفسه، فأنهالُ عليه من فوق، بركاناً مثله متأججاً مرفقاً بأعمق الشتائم، وأوسعها، وأرذلها عليه، وعلى هذه الدبلوماسيّة الفريدة في الكون. وإذ برفيق الحريري وسعود الفيصل يفصلان بيننا، فيأخذ رفيق عبد الحليم إلى غرفة، وسعود يأخذني إلى غرفة أخرى، معتذراً منّي أشدّ الاعتذار، مؤكّداً لي أنه لو كان مكاني لفعل الشيء عينه تماماً. إذ كيف يمكن الردّ على مثل هذه التهجمات؟ وأضاف ممازحاً لتبريد الجو المحتدم والمكفهر: «أنا يا دكتور إيلي لستُ معجباً بردّة فعلك الجسدية، بل بعمق الشتائم، يا دكتور هذه المفردات ما عنّا مثلها في المملكة». فأجبتُه: «أخي سعود تعال إلى الكورة لأسبوع، فأعطيك شهادة في مفردات، ومحتويات، وتشابهات، يعجز عنها أولاد المدن». فضحكنا وبدأت أعصابي تهدأ.

كان سعود الفيصل رجلاً راقياً رائعاً، وصديقاً وفياً.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بلاد الشام لكم وشتم وضرب بلاد الشام لكم وشتم وضرب



GMT 18:40 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أسقط الركن الثالث

GMT 18:39 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

بين القوانين والإعلانات والأخلاق

GMT 18:38 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

عام «سَوْقَنَة» القضايا

GMT 18:37 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتية الإيرانية في انتظار الاختبار الصعب

GMT 18:18 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

2026... عام التوضيحات؟

GMT 18:14 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

العراق ما بين تاريخين

GMT 18:13 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

يحمل اسم زويل

GMT 18:12 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

هند رستم.. الأنوثة قبل الإغراء دائمًا!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:24 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح
 لبنان اليوم - الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية

GMT 13:08 2019 الإثنين ,04 شباط / فبراير

أمير منطقة الرياض يرأس جلسة مجلس المنطقة

GMT 02:47 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طريقة إعداد وتحضير حلى التوفي البارد

GMT 11:29 2012 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

ضرائب متراكمة على النجمة باميلا أندرسون

GMT 13:54 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

المحرق ينظم مهرجانه الخامس عشر بمناسبة الأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon