الثنائي الشيعي في لبنان ما له وما عليه

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

 لبنان اليوم -

الثنائي الشيعي في لبنان ما له وما عليه

إياد أبو شقرا
بقلم : إياد أبو شقرا

تأجَّل تشكيلُ الحكومة اللبنانية العتيدة أسبوعاً آخر، وسط ارتفاع منسوب القلق عند جهات عديدة كانت تتعجَّل «الفرَج»!

المؤشّرات كانت كثيرةً إلى قرب خروج لبنان من النفق الطويل. إلا أنَّ التفاؤل، الذي أبصر النور بعد انتهاء الفراغ الرئاسي بانتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية، وإلقاء عون خطاباً رئاسياً صريحاً وواضح الخيارات، أخذ يتبدّد مع ملامح «إبقاء القديم على قدمه» عند استحقاق التكليف الحكومي.

ثم تأكّد هذا الحال مع تجدّد ظهور مطالبات الكتل البرلمانية، وعلى رأسها «الثنائي الشيعي» المكوّن من «حزب الله» و«حركة أمل»، المتمسّك أولاً بحقيبة وزارة المالية... وثانياً بتشريع دور «المقاومة» - أي «حزب الله» - في بيان الحكومة العتيدة.

«خطاب القسم» الرئاسي كان قد حمل التزاماً قاطعاً بأسس السيادة وحصرية السلاح بيد الدولة. وعلى الرغم من محاولات البعض تعطيل تسمية التيارات السيادية مرشحها القاضي الدكتور نوّاف سلام لرئاسة الحكومة، سُمّي سلام.

غير أن الأمور لم تتسهل كما كان مأمولاً، وواكب التعطيل - حتى اللحظة - إصرار «الثنائي» على مطلبيه، من منطلق أن أي مطالبة له بالتخلي عن «حقه» السياسي تشكّل استغلالاً معادياً للمناخ العام الذي طغى على لبنان والمنطقة بعد «حرب غزة» ثم «حرب إسرائيل على (حزب الله)» في لبنان... ثم سقوط نظام الأسد في سوريا.

معلوم طبعاً، أن سرديات «حماس» و«حزب الله»، ناهيك من راعيهما الإقليمي إيران، تتكلم عن «انتصار محور المقاومة» رغم كل المآسي الإنسانية في غزة ولبنان، والنكسات الاستراتيجية التي مني بها «المحور». ومما لا شك فيه أن أحد أهم رهانات مدّعي «الانتصارات»، ومروّجي وهمها، يرتكز على أنه لا يوجد عربي وطني ومخلص تسعده هزائم أشقائه على أيدي عدوّه.

وبالتالي، لا مجال للشماتة ولا استغلال الكارثة...

مع هذا، تقضي الأخوّة الحقّة، كما يقضي الحرص على المصالح والغايات المشتركة، بالمصارحة من دون لوم، والنصح من دون استعلاء. وكاتب هذه السطور، على الرغم من مشاعر الألم التي تغمرني، لا أشمت ولا أتشفى... مع أنني، بكل صدق، أرجو من إخوتنا في «حماس» و«الحزب» التواضع قليلاً والنأي عن المكابرة.

نحن، باختصار، في قارب واحد... وأمامنا خطر مصيري مشترك، في عالم تتغير معالمه ومسلّماته السياسية بسرعة مذهلة.

وبما يخصّ «حزب الله»، وبالذات، وسط استمرار التأزيم الذي يهدّد إعادة انطلاقة لبنان الحرّ السيّد المستقل، أود قول ما يلي:

إن أياً من المنصفين المطلعين على تاريخ لبنان لا بد أن يعترف بكم ظلم هذا التاريخ اللبنانيين الشيعة.

حقاً، تعرّض الشيعة في لبنان للإجحاف على امتداد قرون، منذ أواخر عصر الدولة العباسية. ثم استمر الإجحاف وتفاقم في عصور الدول الأيوبية والمملوكية والعثمانية.

وحتى بعد نهاية الحرب العالمية الأولى التي أنهت عام 1920 الحكم العثماني للشرق الأدنى بما في ذلك لبنان، ظلم الانتداب الفرنسي المكوّن الشيعي داخل «لبنان الكبير». بل، وشارك أيضاً الإقطاع الشيعي غير المستنير في تهميش البيئة الشيعية الفلاحية في جنوب لبنان، كما أسهم النأي الحدودي والطبيعة الاجتماعية العشائرية الشيعية في منطقة البقاع بإبقاء معظم الشيعة على الهامش اجتماعياً وجغرافياً. وفيما بعد عانى شيعة الجنوب أكثر من باقي اللبنانيين بعد 1969 من تبعات «اتفاق القاهرة» الخاص بحرية العمل الفدائي الفلسطيني.

بالتالي، عندما يتوقع «شيعة لبنان 1920» من اللبنانيين اليوم «تعويضهم» عن التهميش والحرمان الطويلين... فهم على حق!

وعندما يطالبون «الدولة» بالعودة عن طمسها دورهم وحضورهم التاريخي في المناهج الدراسية، فإنهم لا يجافون الحقيقة أبداً...

ولكن المشكلة، أنه منذ عام 1990، مع «اتفاق الطائف»، بل قبله... نتيجة تصاعد هيمنة النظام السوري على لبنان، واستقوائه أكثر فأكثر بالثورة الخمينية في إيران، ثم منذ 2003، استعاد الشيعة اللبنانيون كل ما حرموا منه في الماضيين البعيد والقريب، ومن ثم تحوّلوا إلى القوة الدينية - المذهبية الأولى.

راهناً في لبنان، وحدهم الشيعة يحتكر تمثيلهم البرلماني حزبان - الأول ديني والثاني طائفي - متحالفان استراتيجياً في كتلة طائفية واحدة تتمتع حصراً بميزة حصر السلاح خارج سلطة الدولة (الذي كان دعامة هيمنتها على بيئتها)، وفي الوقت عينه تتشارك الطائفة الشيعية مواقع السلطة وحصصها مع باقي الطوائف.

ثم إن للشيعة اليوم رئاسة السلطة التشريعية (مجلس النواب). ومع هذا يصرّ «الثنائي» الشيعي على احتكار الشيعة رسمياً وزارة المالية - الذي لا بد من توقيعه على أي إنفاق حكومي - إلى جانب رئيس الجمهورية (مسيحي ماروني) والحكومة (مسلم سني). وهذا يعني أنه سيكون للشيعة وحدهم وزن حاسم في كلتا السلطتين التنفيذية (رئيسا الجمهورية والحكومة) والتشريعية (رئيس مجلس النواب)، ناهيك من انفرادهم دون سائر الطوائف بالسلاح غير الرسمي - كي لا نقول غير الشرعي - الذي بفضله أسّس «حزب الله» له «دولة داخل الدولة»!

بناءً عليه، لا بد من القول إن الأوطان لا تُبنى على الظلم، ولا يعوَّض الإجحاف بإجحاف مضاد، وكذلك أن مواجهة الأخطار المشتركة لا تتحقق في مجتمع منقسم على نفسه... يستحلّ بعضه لنفسه ما يحرمه على الآخرين...

إن حماية كل مكوّنات الوطن مسؤولية كل الوطن، وفي ظل دولة الوطن.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثنائي الشيعي في لبنان ما له وما عليه الثنائي الشيعي في لبنان ما له وما عليه



GMT 14:58 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

عقليّة الغلبة دمّرت لبنان

GMT 14:32 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

محارق

GMT 14:31 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

صورة المسلم بين عائلتين

GMT 14:30 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

حزب البعث اللبناني: أهمية ما ليس مهماً

GMT 14:29 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

جوع وصقيع وفزع

GMT 14:29 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

أبواب دمشق

GMT 14:28 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

«كايسيد»... الحوار هو الخيار

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا والحوار المهيكل

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 06:50 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال نيوزيلندا العنيف يتسبب في تحريك جزر رئيسية

GMT 22:25 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

3مستحضرات فقط تخفي علامات تعب وجهك نهائيا

GMT 18:35 2019 الخميس ,18 تموز / يوليو

5 أسرار لتطبيق المكياج من أجمل نساء بريطانيا

GMT 16:57 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"موريشيوس" ملاذ رومانسي ساحر لقضاء شهر العسل

GMT 13:05 2012 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

إضراب في مطار شرم الشيخ يتسبب في إغلاق جزئي أمام السياح

GMT 04:44 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

لاكوتريبيس يعلن اكتشاف حقل غاز على سواحل قبرص

GMT 18:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إتيكيت دفع فاتورة حساب المطعم

GMT 10:31 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 07:27 2014 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جائزة لـ«فقه العمران»

GMT 21:14 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

تعرف علي توقعات أحوال الطقس في لبنان الاربعاء

GMT 18:27 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

انفجار في مدينة بنش في ريف إدلب السورية

GMT 00:31 2021 السبت ,13 آذار/ مارس

تخفيض سعر تعرفة فحص الـPCR الى 100 الف ل.ل!
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon