تأبين العولمة وتوديع العالم القديم

تأبين العولمة وتوديع العالم القديم

تأبين العولمة وتوديع العالم القديم

 لبنان اليوم -

تأبين العولمة وتوديع العالم القديم

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

هل يمكن وضع القنبلة الاقتصادية السياسية التي فجّرها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، صانع الموجة الترمبية، بخصوص رفع التعريفات الجمركية على جملة من دول العالم، بوصفها قنبلة شاذّة دون وضعها في سياق من «القنابل» الأخرى؟!

نرجع قليلاً للوراء، فقد أعلنت إدارة ترمب وقف دعمها المالي، الأكبر، لمنظّمة الصحّة العالمية، كما نادى بعض النواب الجمهوريين في الوقت نفسه بالانسحاب من أكبر منظمة أممية «عولمية» عالمية، أعني الأمم المتحدة، وغير ذلك من مظاهر الانقضاض الأميركي الجديد على مؤسسات العالم الليبرالي العولمي القديم.

الأحد الماضي، اعتبر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن العولمة كما كانت معهودة قد «انتهت»، وقال في مقال نشرته صحيفة «التلغراف»: «العالم كما عرفناه قد انتهى... والعالم الجديد تحكمه بشكل أقل قواعد راسخة، وبشكل أكبر اتفاقات وتحالفات»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

والحال أن مناهضة العولمة الليبرالية الاقتصادية، وفكرة «أصولية السوق» الحرّة، التي حمتها مؤسسات مثل منظّمة التجارة العالمية، وصندوق النقد الدولي، هي مناهضة قديمة نسبياً من تيارات مختلفة، ودوماً يُذكر في هذا المعنى المظاهرات الحاشدة لمناهضي العولمة وحرية التجارة، و«تغوّل» الشركات العملاقة العابرة للحدود على حساب الاقتصادات المحلية، والعامل المحلي، المظاهرات التي جرت في (سياتل) الأميركية عام ‏1999‏ خلال اجتماعات منظمة التجارة العالمية، ‏والمظاهرات التي شهدتها قمة مجموعة الثماني في عام ‏2001.

من يظنُّ أن تصرف الرئيس ترمب هو مجرد «نزوة» عابرة، إنما يقنع نفسه بما يريد، لا نقول إن آيديولوجيا ترمب هي مثل عقائديات مناهضي العولمة، التي هي أيضاً مختلفة المنابع، لكن الأكيد أن أنصار اليمين والحمائية والآيديولوجيا الاقتصادية «الوطنية» في قلب هذه التيارات، ضمن مناهضات أخرى، غير اقتصادية، ضد العولمة، تأخذ الطابع الثقافي، والسياسي، وغيرهما.

بل إن مناهضة العولمة ليست حِكراً على بعض الأحزاب والجماعات شديدة الوطنية في الغرب والشرق، بل لها مظاهر دينية، وثقافية، وعلى سبيل المثال كان الفقيه والشيخ السعودي الشهير محمد بن عثيمين، توفي يناير (كانون الثاني) 2001، رحمه الله، يناهض هذه العولمة، وله فتوى معروفة بهذا المعنى قال فيها: «يجب على المسلمين -على الحكّام أولاً ثم على الشعوب ثانياً- أن يحاربوا العولمة».

ربما يرجع ترمب إلى العالم التجاري الحر القديم، ومؤسساته الحامية له، لكن الطلقة خرجت من البندقية، وتيارات مناهضة العولمة، وزخَم هذه التيارات وثقلها موجود في العالم الغربي الأول، ستكتسب قوة إضافية من وقْع قنبلة ترمب الكبرى.

هل يمكن استعادة الأمور العولمية، كما كانت وحسب قواعدها السابقة، وكأن شيئاً لم يكن؟!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تأبين العولمة وتوديع العالم القديم تأبين العولمة وتوديع العالم القديم



GMT 18:40 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أسقط الركن الثالث

GMT 18:39 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

بين القوانين والإعلانات والأخلاق

GMT 18:38 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

عام «سَوْقَنَة» القضايا

GMT 18:37 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتية الإيرانية في انتظار الاختبار الصعب

GMT 18:18 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

2026... عام التوضيحات؟

GMT 18:14 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

العراق ما بين تاريخين

GMT 18:13 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

يحمل اسم زويل

GMT 18:12 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

هند رستم.. الأنوثة قبل الإغراء دائمًا!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:24 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح
 لبنان اليوم - الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية

GMT 13:08 2019 الإثنين ,04 شباط / فبراير

أمير منطقة الرياض يرأس جلسة مجلس المنطقة

GMT 02:47 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طريقة إعداد وتحضير حلى التوفي البارد

GMT 11:29 2012 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

ضرائب متراكمة على النجمة باميلا أندرسون

GMT 13:54 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

المحرق ينظم مهرجانه الخامس عشر بمناسبة الأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon