الإقرار بسقوط حل الدولتين هو بداية الحل للصراع مع إسرائيل

الإقرار بسقوط حل الدولتين هو بداية الحل للصراع مع إسرائيل

الإقرار بسقوط حل الدولتين هو بداية الحل للصراع مع إسرائيل

 لبنان اليوم -

الإقرار بسقوط حل الدولتين هو بداية الحل للصراع مع إسرائيل

محمد ياغي
بقلم : محمد ياغي

كل النقاش السياسي الذي يدور في العواصم العربية والعالمية فيما يتعلق بقضية ضم إسرائيل لمنطقة الأغوار والمستوطنات يتمحور حول مسألة واحدة:
تحذير إسرائيل من فرض قوانينها على مناطق «ج»، أو بشكل أدق على ما نسبته «30 بالمائة» من منطقة «ج» التي أعلنت حكومة تل أبيب بأنها ستقوم بضمها لإسرائيل في مطلع تموز القائم.
قبل الادعاء بأن كل هذا النقاش بلا جدوى لأن الواقع الفعلي يقول بأن كل منطقة جيم ونسبتها 62 بالمائة من مساحة الضفة هي فعلياً تحت السيطرة الإسرائيلية وتطبق عليها القوانين الإسرائيلية، لدي مشكلة في الأرقام التي يجري تغذيتها للإعلام.
من أين جاءت نسبة 30% وكيف تم حسابها؟ هل هي مبنية على الخارطة التي تضمنتها صفقة القرن والتي لم تتضمن أرقاماً؟ هل هذه النسبة هي ما سربته إسرائيل؟ هذه النسبة فيها اختزال لنسبة المساحة المتوقع أن تضمها إسرائيل.
مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الانسان في الأراضي المحتلة (بيتسيلم) يقول «تمتدّ منطقة الأغوار وشماليّ البحر الميت على مساحة 1.6 مليون دونم، وتشكّل ما يقارب 30% من مساحة الضفة الغربية. في العام 2016 سكن في المنطقة نحو (65.000) فلسطيني ونحو (11.000) مستوطن. ما يقارب 90% منها مصنّفة ضمن مناطق ج».
منطقة الأغوار بالتالي التي ستضمها إسرائيل إذا افترضنا أنها ستبقي 10% منها في يد الفلسطينيين - وهو افتراض غير واقعي لأن إسرائيل تعمل على تجريف أراضيهم ومنعهم من الوصول الى مزارعهم وتطردهم من مساكنهم - هي 27% من مساحة الضفة الغربية.
لكن هذه النسبة تصبح 37% إذا أضفنا لها المستوطنات في الضفة الغربية والتي ستقوم إسرائيل أيضاً بضمها. وفق الموقع نفسه، المستوطنات تحتل (538130) دونماً من أراضي الضفة، ما نسبته 10% من مساحة الضفة. هذا عدا عن سيطرة مجلس المستوطنات وبحسب الموقع نفسه على مساحة تزيد على المليون ونصف دونم أخرى من الأراضي والتي لا تعتبر جزءاً من أي مستوطنة.
إذا تجاهلنا الأرض التي يسيطر عليها مجلس المستوطنات وغير التابعة لأي مستوطنة، فإننا نتحدث عن نسبة في حدها الأدنى تصل الى 37% من أرض الضفة أعلنت إسرائيل أنها ستضمها رسمياً لها بعد أسابيع قليلة.
الأرقام مهمة وتداولها بشكل خاطئ من قبل رسميين فلسطينيين له دلالات ليست إيجابية، لأن الإعلام العالمي ينقل ما يقولونه وعليهم بالتالي أن يكونوا على الأقل دقيقين في توصيف ما يجري حتى تنقل الحقيقة كما هي دون تقليل أو تضخيم.
لكن المشكلة بالطبع أبعد من الأرقام. جوهر المشكلة هو أن إسرائيل فعلياً تمارس سلطتها بدون أي قيود على منطقة «ج» كلها والتي تصل مساحتها الى 62% من الضفة الغربية وهي فعليا ضمت القدس الشرقية منذ العام 1967 وأخذت مباركة أميركا على هذا الضم من الرئيس ترامب قبل ثلاث سنوات.
وحتى منافس ترامب من الحزب الديمقراطي، جو بايدن، والذي قد يصل للبيت الأبيض مطلع العام القادم، أعلن بأنه لن يتراجع عن قرار ترامب بنقل سفارة بلاده الى القدس، وهو بالتالي لن يتراجع عن اعتراف بلاده بأن القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، لأنه ووفق تعبيره هو «ما حصل قد حصل وليس من المناسب تغييره».
الواقع الفعلي، السيطرة الإسرائيلية المطلقة على مناطق «ج»، المباركة الأميركية بضم القدس من قبل الإدارة الحالية والقادمة، والصمت الذي يصل حد التواطؤ من قبل الأوروبيين مع إسرائيل، يعني فعلياً أن حل الدولتين قد سقط، قد انتهى، وهذا هو الشيء الذي يجب على السلطة وعلى قادة العمل الوطني الفلسطيني الاعتراف به والتصرف على أساسه.
ليس مفيداً الاستمرار بالحديث عن حل الدولتين. هذا ليس فقط مجرد «نفخ في قربة مثقوبة» كما يقال، ولكن فيه إهانة للعقل الفلسطيني وفيه بيع للوهم للفلسطينيين وهو بلا شك يمنع الفلسطينيين من طرح بديل حل الدولتين ألا وهو حل الدول الواحدة.
كل المسؤولين العرب والأوروبيين يحاولون إقناع الحكومة الإسرائيلية بعدم الإعلان عن قرار تطبيق السيادة الإسرائيلية على منطقة الأغوار والمستوطنات لسبب بسيط، وهو أن هذا الإعلان سيُسقط بشكل «رسمي» مقولة حل الدولتين وسيفرض عليهم بالتالي طرح بديل على الفلسطينيين.
البديل معروف، وهو حل الدولة الواحدة، لكن لا العرب ولا الأوروبيون يريدون الذهاب باتجاه ذلك الحل.
العرب لأنهم يعتبرون الحصول على الضفة الغربية حتى ولو كانت ناقصه عشرة او عشرين بالمائة من مساحتها أسهل بكثير من الحصول على حل الدولة الواحدة. وهم فوق ذلك، ليسوا في وارد تغيير قواعد علاقتهم مع إسرائيل التي أسس لها كامب ديفيد العام 1978 وأوسلو 1993.
الأوروبيون لا يريدون حل الدولة الواحدة لأن هذا الحل سيجبرهم إما للدفاع العلني عن التمييز العنصري الذي تمارسه إسرائيل بحق الفلسطينيين وإما اتخاذ موقف من هذا التمييز.
ولأنهم يريدون الاستمرار بالإيحاء بأنهم يمسكون العصا من الوسط - بينما هم حقيقة بمجرد مساواتهم بين الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال وبين من يحتلهم ينحازون للاحتلال – فهم لا يريدون لحل الدولتين أن يسقط رسمياً.
الحقيقة أن هذا الحل قد سقط منذ زمن، وسواء طبقت إسرائيل سيادتها قانوناً على الأرض أم لم تفعل ذلك، فهي تفعل بهذه الأرض ما تريد وهي لن تتخلى عنها طوعاً.
حل الدولتين أصبح من الماضي منذ زمن بعيد، والاستمرار بالحديث عنه والسعي له من خلال المفاوضات في ظل الواقع الدولي الداعم لإسرائيل مجرد وهم.
المطلوب الآن ليس انتظار تموز لمعرفة إن كان الضم القانوني سيحدث أم لا، لأن هذا الضم قد حصل فعلاً ومنذ زمن بعيد نسبياً.
المطلوب هو الإقرار بأن حل الدولتين قد سقط وأن مرحلة جديدة قد بدأت من الصراع مع إسرائيل لها قوانينها وشعاراتها وآلياتها التي تحكمها.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإقرار بسقوط حل الدولتين هو بداية الحل للصراع مع إسرائيل الإقرار بسقوط حل الدولتين هو بداية الحل للصراع مع إسرائيل



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 20:40 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

الفلفل الحار وتأثيره على صحة البروستاتا
 لبنان اليوم - الفلفل الحار وتأثيره على صحة البروستاتا

GMT 20:31 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

تسلا تكشف عن روبوتها الشبيه بالبشر اوبتيموس في برلين
 لبنان اليوم - تسلا تكشف عن روبوتها الشبيه بالبشر اوبتيموس في برلين

GMT 09:53 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

ديكورات تمنح منزلك الدفء وتجعله أكثر راحة

GMT 21:19 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة الطليعة" تعاقب اللاعبين بعد تدهور النتائج"

GMT 02:55 2016 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أندية الأردن في أزمة كبيرة بسبب ملاعب التدريب

GMT 07:25 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

توقعات برج العقرب لعام 2024 من ماغي فرح

GMT 17:55 2023 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

الباركيه في غرف النوم يمنحها الدفء والجاذبية

GMT 17:06 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

جنيفر ميتكالف ترتدي جاكت دون ملابس داخليه

GMT 15:16 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

قرداحي استقبل السفير التونسي وجرى البحث في الاوضاع العامة

GMT 17:29 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تصميمات Lanvin من وحي الخيال

GMT 11:27 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

جاستين بيبر يستقبل عام 2021 بتحوله لـ"ملاكم" في كليب "Anyone"

GMT 05:03 2016 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

"Roberto Cavalli" تطرح مجموعة من المجوهرات لعام 2017

GMT 06:30 2013 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

العمل مع "الزعيم" شرف كبير وأنا لست إعلاميًا

GMT 14:20 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

اجتماع لوزراء الصحة الأفارقة حول لقاح كوفيد ـ 19

GMT 14:47 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

النفط يبلغ أعلى مستوى منذ شهور وخام برنت 53.17 دولار للبرميل

GMT 03:53 2015 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

جزيرة فوليجاندروس أجمل مكان لمشاهدة غروب الشمس
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon