أميركا إغلاق مالي أم انسداد سياسي

أميركا... إغلاق مالي أم انسداد سياسي؟

أميركا... إغلاق مالي أم انسداد سياسي؟

 لبنان اليوم -

أميركا إغلاق مالي أم انسداد سياسي

بقلم : إميل أمين

عرف عالم السياسة والكتابات السياسية مصطلح «أحجار الدومينو»، أو تأثير «الدومينو»، والذي يُقصد به ردات الفعل المتتابعة لحدث كبير بعينه، تستتبعه أحداث متوالية متشابهة.

كان أهم وربما أكبر تمثيل حقيقي لهذه النظرية في القرن العشرين، ما جرى لدول «حلف وارسو»، حين بدأ المركز الرئيسي في روسيا يهتز، الأمر الذي تبعته سلسلة من السقوط المتوالي للدول الشيوعية في أوروبا الشرقية، وكثيراً ما تناولت الأقلام التحليلية الدور الأميركي وراء تلك التغيرات الجيوسياسية الجذرية، وتغيير شكل العالم من ثنائي القطبية إلى فكرة العالم ذي القطب الواحد، أو العالم الأميركي باقتدار.

اليوم يتساءل المراقبون: هل تعيش الولايات المتحدة الأميركية عصر «الدومينو» السياسي الداخلي، وبالتحديد على صعيد منافسي الرئيس ترمب وأعدائه السياسيين، لا سيما أولئك الذين ناصبوه أشكالاً من العداء وصلت إلى حد استدراجه إلى قاعات المحاكمات، في مشهد اعتبره البعض نوعاً من المهانة لمقام الرئاسة الأميركية، قبل أن يكون إذلالاً لشخص دونالد ترمب نفسه؟

المؤكد أن لائحة الاتهامات التي وُجهت في الأيام القليلة الماضية إلى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق جيمس كومي، تكاد تقطع بأن عالم أحجار «الدومينو» الترمبي قد بدأ في الداخل، وأن حركة «ماغا» تعيش الآن أول تجربة حقيقية للانتقام القانوني، وحكماً لن تكون الأخيرة.

الذين ناصروا ترمب من جماعة «جعل أميركا عظيمة ثانية»، وبعد ثمانية أشهر من وصول مرشحهم إلى البيت الأبيض، وإحكام قبضته على السياسة الداخلية والخارجية معاً، لا سيما بعد أن أظهر «العين الحمراء» لجنرالات «البنتاغون»، يقطعون بأن وقت محاسبة أولئك الذين ظلموا ترمب من أنصار الدولة الأميركية العميقة الشريرة، والتي لطالما ندد بها سيد البيت الأبيض، قد آن.

أحجار «الدومينو» بحسب ترمب تبدأ من عند كومي، الرجل الذي يعتبره ترمب وراء الاتهامات الظالمة بأنه كان وراء أعمال الشغب التي جرت في الكونغرس نهار السادس من يناير (كانون الثاني) 2021، بهدف إبطال فوز جو بايدن، وقد طلب ترمب بالفعل رسمياً من المدعية العامة للبلاد بام بوندي توجيه الاتهامات بالكذب لكومي، وللمدعية العامة لنيويورك ليتيتيا جيمس، وللسيناتور آدم شيف.

الرئيس الأميركي يرى أن هؤلاء الثلاثة مذنبون تماماً، ويربط الحاجة إلى ما يسميه العدالة السريعة بالأدوار التي لعبوها طوال السنوات الأربع التي غادر فيها البيت الأبيض، بعد أن تم تزوير انتخابات الرئاسة، عبر تحقيقات أجراها الكونغرس من ناحية، وتحقيقات قضائية جنائية من ناحية أخرى، وعبر دعاوى مدنية أرهقته نفسياً ومالياً لولا أنه رجل من صخر.

«كومي هو أول حجر دومينو يسقط... سقوطه يجب أن يعجّل بسقوط آخرين»، هكذا هتف الفريق السابق مايكل فلين، أحد كبار مساعدي ترمب في ولايته الأولى، والذي تمت محاكمته خلال التحقيق في إشكالية التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية في 2016، والتي طالت ترمب، ووُجد بعدها أنه بريء، وإن كان الديمقراطيون حتى الساعة يقسمون بأغلظ الأيمان إنه من تهمته ليس في أمان.

لا تبدو أحجار دومينو «ماغا» محدودة؛ ذلك أنه ما أصعب أن يعادي المرء حركة مؤدلجة، وقديماً قال أحد الأدباء إنه تحت جلد كل آيديولوجي، إرهابي فكري.

طوال أربع سنوات جو بايدن، أعدت «ماغا» قائمة طويلة من الأسماء التي اعتبرت أنه لا بد من محاسبتهم عما اقترفت أيديهم، وقد كان كومي أولهم.

يُدهش المرء من الأسماء؛ فهناك على سبيل المثال مدير وكالة المخابرات الأميركية السابق جون برينان، ومدير الاستخبارات الوطنية السابق جيمس كلابر، ومستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، وجلّهم يخضعون الآن للتحقيق من قبل وزارة العدل. لكن ماذا عن الصيد الكبير والخطير، والذي يمكن أن يكون الدور عليه في قادم الأيام؟

الحديث هنا عن الملياردير الشهير المجري الأصل جورج سوروس، والذي يعد في نظر الكثيرين في الداخل الأميركي وحتى خارج حدود البلاد، رقماً صعباً فاعلاً ومؤثراً، بل إن الكثيرين يرون أنه ضالع في ما جرى من أحداث في الشرق الأوسط، خلال حقبة ما عُرف بـ«الربيع العربي».

قبل نحو أسبوع أمر مسؤول كبير في وزارة العدل الأميركية المدّعين الفيدراليين بإعداد خطط تحقيق تستهدف الشبكة الخيرية لسوروس، بعد أن وصفه الرئيس ترمب بأنه «رجل سيئ» يجب سجنه، وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز».

هل تعيش الولايات المتحدة حالة من الإغلاق المالي أو أن الأمر أكبر وأخطر من ذلك، وموصول بانسداد سياسي تاريخي يعمّق حالة الأمة المنقسمة روحها في داخلها؟

نختلف مع أميركا، لكن نؤكد أن اضطرابها في الداخل يسبب اختلالاً للعالم في الخارج.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا إغلاق مالي أم انسداد سياسي أميركا إغلاق مالي أم انسداد سياسي



GMT 19:59 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

عودوا إلى دياركم

GMT 19:58 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

عفونة العقل حسب إيلون ماسك

GMT 19:57 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

المفتاح الأساسي لإنهاء حرب السودان

GMT 19:56 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

أميركا تناشد ‏الهند وباكستان تجنب «الانفجار المفاجئ»

GMT 19:55 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجيير الهزيمة

GMT 19:53 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا والخطر على الهوية الوطنية والسياسية

GMT 19:52 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

أميركا... «أطلس» يُحجّم ومونرو يُقدّم

GMT 19:51 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

الهجرة إلى التاريخ في زمن الهزائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 15:48 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف

GMT 09:49 2022 الجمعة ,11 آذار/ مارس

عطور تُناسب عروس موسم ربيع وصيف 2022

GMT 16:41 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لتناول غذاء صحي ومتوازن في أماكن العمل

GMT 03:47 2012 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

تأجيل الاتفاق على الرقابة المصرفية لمنطقة اليورو

GMT 05:56 2012 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية الأردني: سنعالج ملف العمالة الوافدة كلها

GMT 08:55 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد الفحم للشعر وطريقة عمل قناع منه

GMT 00:39 2019 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

نتائج مثيرة لما بحث عنه مستخدمو الإنترنت على "غوغل" في 2019

GMT 10:01 2022 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

أفكار في الديكور للجلسات الخارجّية الشتويّة

GMT 15:28 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

برج الحصان..ذكي وشعبي ويملك شخصية بعيدة تماما عن الصبر

GMT 18:44 2019 الخميس ,18 تموز / يوليو

إتيكيت وضع المكياج في الأماكن العامة

GMT 19:26 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

المصائب تتوالى على سان جيرمان أمام ليل
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon