«موجز القوة» ومستقبل العسكرية الأميركية

«موجز القوة» ومستقبل العسكرية الأميركية

«موجز القوة» ومستقبل العسكرية الأميركية

 لبنان اليوم -

«موجز القوة» ومستقبل العسكرية الأميركية

بقلم : إميل أمين

هل يمكن أن يتعرض الجيش الأميركي لهزيمة عسكرية على يد الصين؟

قبل أيام أماطت صحيفة «نيويورك تايمز» اللثام عن تقرير حمل عنوان «موجز القوة»، صادر عن مركز الأبحاث الداخلي التابع لوزارة الدفاع الأميركية، الذي يطلق عليه اسم مكتب التقييم الشبكي.

الوثيقة مثيرة وخطيرة، ذلك أنها تقلب موازين القوة المتعارف عليها، وتخلص إلى أن محاولة واشنطن التصدي للقوات الصينية التي تخطط لإعادة تايوان للحاضنة الصينية الأم، على حد وصف الزعيم الصيني شي جينبينغ، لن تكون في صالح أميركا بالمرة، وحتى لو قُدِّر لواشنطن تحقيق نصر مؤقت، فإن أكلافه ستكون عالية وغالية.

محتوى الوثيقة يقطع بأن الفكر الصيني العسكري لا يزال يمضي في سياقات إرث الخبير العسكري وفيلسوف الحرب الصيني الأشهر «صن تزو»... ما معنى ذلك؟

يقول راوي الوثيقة إن الصين في العقد الأخير قد طورت قدراتها العسكرية، بما يسمح لها بتحييد الأصول الأميركية الحيوية عند اشتعال أي شرارة صدام عسكري، وبما يجعل من القوة التقليدية الأميركية مثار ربما للسخرية.

تبدو الصين ذات دلالة على التاريخ، على العكس من الولايات المتحدة، التي وصفها وزير خارجية ألمانيا، يوشكا فيشر، ذات مرة بأنها تعيد أخطاء الماضي بشكل مأساوي.

من دروس التاريخ تعلّمت الصين ما جرى في سباق التسلح بين السوفيات والأميركيين خلال عقود الحرب الباردة، حين نجحت واشنطن في استنزاف موارد موسكو في سباق تسلح، قاد في نهاية الأمر لتفكيك أوصال كيان استمر سبعة عقود.

بكين اليوم تتجلى عسكرياً عبر الكيف وليس الكم، والدليل على ذلك، القليل الذي ظهر من أسلحة حديثة ومتقدمة في العرض العسكري الصيني نهار الثالث من سبتمبر (أيلول) الماضي، بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، لا سيما أسلحة الليزر المتقدمة للغاية، والمصممة خصيصاً لإسقاط الأقمار الاصطناعية، ناهيك من الكثير الذي يسمع عنه سماع الأذن ولم تره الأعين.

تقرير «موجز القوة» يؤكد أن الصين تستبق الخطط العسكرية الأميركية، وتتخذ تدابير مضادة لكل ابتكار أميركي.

خذ إليك على سبيل المثال لا الحصر، حاملة الطائرات الأميركية الأحدث «هنري فورد»، الكائنة اليوم في مياه «الكاريبي» منتظرة التدخل في فنزويلا.

«هنري فورد» التي كلفت الخزانة الأميركية قرابة 13 مليار دولار، يمكن للصينيين إغراقها بسهولة عبر صاروخ فرط صوتي لا يتجاوز ثمنه 700 ألف يوان أي نحو 99 ألف دولار.

تمتلك الصين اليوم قرابة 600 سلاح فرط صوتي، كفيلة بإحداث خسائر فادحة في القوات الأميركية، ما يضع «البنتاغون» أمام خيار «ديفكون»، أي الاستعداد لاستخدام الأسلحة النووية، وهو ما لا يمكن أن تقدم عليه أي إدارة أميركية حالية أو مستقبلية، لإدراكها أن الرد الصيني سيكون بالمثل.

نجحت الصين في البحر من خلال أسطولها المتنامي، وسفنها السطحية، وفي الفضاء الخارجي من خلال برامج باتت تسابق ما تبتكره وكالة «داربا» الأميركية، ضمن صراع القرون المقبلة بعد أن امتلأت الكرة الأرضية بالأضداد.

تقودنا وثيقة «موجز القوة» للتساؤل عن الابتكار في صفوف الجيش الأميركي، وهل استُهلك وقتاً طويلاً في معارك عدة على جبهات شتى، ما أضعف من حضوره، عطفاً على الصراعات الآيديولوجية، بين جماعة ترمب وجنرالات الأربع نجوم، وأركان المجمع الصناعي العسكري الضاربة جذوره في الحياة السياسية.

غالب الظن هناك أخطاء عديدة ارتكبت من قِبَل الجانب الأميركي، منها، على سبيل المثال، أنها استخدمت في حرب الاثني عشر يوماً بين إسرائيل وإيران ربع صواريخها الاعتراضية عالية الارتفاع.

أكثر من ذلك، لم تعد واشنطن تمتلك القدرة الصناعية على إنتاج الأسلحة والذخائر بالسرعة والنطاق المطلوبين لخوض صراع طويل الأمد مع قوة عظمى.

ومن جهة ثانية، تبدو واشنطن متخلفة عن ركب تطوير الأسلحة المتقدمة بسرعة، مقارنة ببكين وموسكو، انطلاقاً من اعتمادها بشكل مفرط على أسلحة باهظة الثمن، ثقيلة الحركة، تتجاوزها أزمنة حروب الذكاء الاصطناعي، وثورة أسلحة النانو تكنولوجي.

والشاهد أنه قبل أن تظهر وثيقة «موجز القوة» على سطح الأحداث، كانت هناك معضلة تاريخية تبدو حاضرة أمام قادة الأفرع العسكرية الأميركية، معضلة القوة الاستاتيكية غير الديناميكية.

كان تمترس فرنسا وراء خط ماجينو العسكري التقليدي عام 1940 كارثة انتهت بسقوط مدوٍ أمام جحافل النازية وأسلحتهم المتطورة، والأمر نفسه جرت به المقادير حين دمرت طائرات مسيّرة أوكرانية قاذفات روسيا الثقيلة في مطارتها على الأرض.

العسكرية المتفوقة هي العمود الفقري للازدهار والهيمنة الأميركيتين. أهو موعد الأفول الإمبراطوري أم زمن الابتكار والتجديد؟

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«موجز القوة» ومستقبل العسكرية الأميركية «موجز القوة» ومستقبل العسكرية الأميركية



GMT 18:25 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

نهاية حزينة لشارع الحمرا…

GMT 18:24 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

القلعة الجوفاء: بعدما هدأ غبار الهجوم على إيران

GMT 18:23 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

«الست» أيضاً

GMT 18:22 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

تغيير الحدود ومواعيد نتنياهو

GMT 18:21 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

هل «الموديل» الغربي مُقدّس؟

GMT 18:19 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

تعقيدات الهُويَّة وأنثروبولوجيا إسلام الخارج

GMT 18:16 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

تعقيدات الهُويَّة وأنثروبولوجيا إسلام الخارج

GMT 18:15 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

لبنان وغزة... إدارة النزاع بدل إنهائه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 16:44 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن تحييد "عنصرين" في "حزب الله" اللبناني
 لبنان اليوم - الجيش الإسرائيلي يعلن تحييد "عنصرين" في "حزب الله" اللبناني

GMT 17:29 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

إهمال صحة اللثة قد يُزيد خطر أمراض القلب والسكتات الدماغية
 لبنان اليوم - إهمال صحة اللثة قد يُزيد خطر أمراض القلب والسكتات الدماغية
 لبنان اليوم - تسلا تواجه انتقادات بعد وفيات ناجمة عن أعطال أبواب السيارات

GMT 17:50 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

نانسي بيلوسي تعتبر خطاب ترمب دليلا على عدم أهليته العقلية
 لبنان اليوم - نانسي بيلوسي تعتبر خطاب ترمب دليلا على عدم أهليته العقلية

GMT 15:01 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:56 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

سندس القطان بإطلالات مقلمة ناعمة ورائعة على انستقرام

GMT 17:43 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

لاعب كونغولي يخطف الأنظار في مونديال اليد

GMT 01:35 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

وفاة 4 لاعبين ورئيس ناد بطريقة مأساوية في البرازيل

GMT 17:45 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تنشر مشاهد لجمال لبنان وتعلق"خلينا ما بقى نسكت"

GMT 02:55 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

7 حيل تجعل عطركِ يدوم طويلًا مهما كان نوعه

GMT 01:56 2020 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

النساء يحقّقن اختراقات في انتخابات الكونغرس الأميركي

GMT 15:26 2020 الثلاثاء ,01 أيلول / سبتمبر

مقتل 3 أطفال وإصابة 4 بانفجار قارورة غاز في الهرمل

GMT 14:02 2019 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

قصة جديدة لفئة اليافعين بعنوان "لغز في المدينة"

GMT 18:16 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

أناقة زين مالك بعد أنفصاله عن جيجي حديد

GMT 14:09 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

رائدة ناسا "كيت روبينز" تحصد الفجل المزروع في الفضاء
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon