أميركا معارك الرصاص لا الكلمات

أميركا... معارك الرصاص لا الكلمات

أميركا... معارك الرصاص لا الكلمات

 لبنان اليوم -

أميركا معارك الرصاص لا الكلمات

بقلم : إميل أمين

في مشهد يكاد يكون لقطة من عمل هوليوودي، قضى الشاب الأميركي تشارلي كيرك في ثوانٍ معدودات، بالضبط كما جرى مع جون وروبرت كيندي، ولاحقاً مارتن لوثر كينغ ومالكوم إكس... هل هي متلازمة العنف السياسي الكامنة تحت الجلد الأميركي منذ بدايات التأسيس وحتى الساعة؟

حين تتسع الرؤية تضيق العبارة، هكذا قال الإمام النفري، وهو ما ينسحب على المشهد الأميركي المثير والخطير في حاضر أيامنا، حيث الاستقطاب السياسي يكاد يشعل نيران الحرب الأهلية في الداخل الأميركي، وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز».

هذا هو الصيف الأميركي الثاني، الذي يُهز أميركا هزاً، حيث الوضع المظلم الجديد يخيم على الأرجاء، متخذاً الرصاص الحي أداة للمنافسة السياسية عوض الكلمات.

أميركا المتألمة تجتاحها ومنذ عام 2017 نوبات من الهلع السياسي العنيف، حيث القتل يحمل بصمات الحقد والكراهية المؤدلجين.

عبر التاريخ عرفت الدول الديمقراطية حالة الاختلاف في الآراء، غير أن أحداً لم يقر تحول المشهد إلى نهر من الدماء، كما رأينا في صورة المغدور كيرك.

قبل ثلاثة أشهر أطلق مسلح ملثم النار على اثنين من نواب ولاية مينيسوتا، مما أسفر عن مقتل أحدهما. بعد شهرين، أشعل مُشعل النار في قصر جوش شابيرو، حاكم ولاية بنسلفانيا بينما كان يغط في نومه مع عائلته في الداخل. ناهيك بتعرض الرئيس ترمب خلال حملته الانتخابية الرئاسية لمحاولتي اغتيال.

تبدو الولايات المتحدة الأميركية اليوم أمام نقطة افتراق، حيث تعيش لحظات سياسية تتسم بالأحادية الذهنية، ذات الملمح والملمس السام، والشعور المتزايد بفقدان الثقة في المؤسسات الحكومية.

الكارثة لا الحادثة، هي انتقال الجدل من مستوى القضايا السياسية ذات الأفق الآيديولوجي النسبي، إلى حد ما يعُرف بـ«موظفي الله»، حيث البعض يحاول أن يرسي دعائم حكم ثيولوجي، في دولة تتأرجح بين علمانية رسمية بحكم الدستور وإعلان الاستقلال، وإغراق في الهوى الديني منذ يوم التأسيس، وحتى تشارلي كيرك.

حكماً، بدا الشاب النابه ظاهرة سياسية مثيرة، فقد استطاع في سن الثامنة عشرة أن يشارك في بلورة توجه سياسي لأميركا البيضاء أحادية الرأي، ولا نغالي إن قلنا إنه أظهر وجهاً مخيفاً لأميركا الأنغلوساكسونية، غير المتجاوبة أو المتجانسة مع أميركا «بوتقة الانصهار».

أظهر كيرك مهارة فائقة خلال حملة انتخابات ترمب، وليس سراً أن هناك من استشرف مستقبلاً سياسياً واعداً له، عبر ثنائي غالب الظن كان سيجد طريقه إلى البيت الأبيض في انتخابات الرئاسة 2028 وربما قبلها، بوصفه نائباً لجي دي فانس، القادم بقوة، ليمثلا تياراً يمينياً في وجه الليبرالية واليسارية، مرة وإلى وقت طويل.

هل التساؤل المثير هو: مَن قتل كيرك؟

الجواب يأخذنا إلى مسارات أحاديث متنوعة، تبدأ من عند مستوى الإجراءات الأمنية الأميركية في الفترة الأخيرة، وتصل إلى حالة فراغ الأمن والأمان التي تعيشها البلاد، ما دفع ترمب إلى استقدام «الحرس الوطني» من كاليفورنيا إلى واشنطن، وربما شيكاغو عمّا قريب.

الأمر الآخر الذي يمثل في حقيقته متلازمة أشدّ فتكاً، حرية تداول السلاح، الحق الذي لا يمكن لأحد الاقتراب منه بفضل حماية الدستور.

ثالثاً، حالة التشظي الأميركي بين يمين متشدد ويسار متطرف، وعلى غير المصدق النظر إلى معركة زهران ممداني في نيويورك، وكيف تكتسي ثوباً عنيفاً مخيفاً.

لا تبدو هذه هي أميركا قلعة الحريات، خصوصاً في ظل احتقان مخيف مقبل، ذلك أنه ما من أحد قادر على التنبؤ بتبعات الاغتيال السياسي الأحدث.

حين تسيل الدماء تتعذر المصالحة، وفي الأثناء لا يدري المرء أي تبعات إشكالية سوف يجرها موت كيرك على أميركا، لا سيما أنه يطرح علامة استفهام مرعبة حول مستقبل أولئك المتقاعدين من القوات المسلحة الأميركية، وما يمكن أن يمثله بعضهم من مخاطر على الداخل الأميركي، حال ارتفع نهج الرصاص، عن ديالكتيك الكلمات، وتحولت المنابر إلى ميادين ضرب نار، وليس برلمانات للديمقراطية الأثينية، كما كانت الحال في البدايات البعيدة.

قد يكون الوقت مبكراً للتنبؤ، لكن ومن غير أدنى شك، سيضحى كيرك أيقونة للحرية اليمينية، وسيدفع الملايين من الأميركيين للسعي في طريقه، وإن بصورة متطرفة، لا من حيث رؤيته الإيمانية التي تجابه التطرف اليساري ومسارات الخلل الأخلاقي والإنساني.

هناك من يؤمن بفكر المؤامرة، ويعتقد أن قتل كيرك وعلى الهواء مباشرة، أمر المقصود منه انتصار أفكاره حتى لو كان الثمن حياته، ما يعني أن من قتل تشارلي كيرك أراد ذيوع وشيوع توجهاته السياسية وليس دفنها.

هل هذه هي أميركا العظيمة حقاً؟.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا معارك الرصاص لا الكلمات أميركا معارك الرصاص لا الكلمات



GMT 22:09 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

سنوات الهباء

GMT 21:09 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

حضرموت ومنطق الدولة

GMT 20:52 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

عن هجاء «النظام الطائفي» في لبنان

GMT 20:51 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

الغرب يعالج مشاكله... على حساب الآخرين!

GMT 20:50 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

المشهد البريطاني تحت قبضة «الإصلاح»

GMT 20:49 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

أفكار حول التطوّر التقني وحيرة الإنسان

GMT 20:48 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

بدور نسجت تاريخها

GMT 20:45 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

على وزن المطار السري

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم
 لبنان اليوم - الجزر وفيتامين A عنصران أساسيان لصحة العين وتحسين الرؤية

GMT 13:42 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 10:45 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:53 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

فساتين زفاف من جيني بايكهام لخريف 2021

GMT 16:44 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

تسريب صور مخلة للآداب للممثلة السورية لونا الحسن

GMT 21:23 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جبران باسيل يلتقي وكيل وزارة الخارجية الأميركية

GMT 16:36 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

النجمة يستعير لاعب الترجي التونسي شاونا

GMT 12:17 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

بوتين والسيسي يترأسان أول قمة روسية إفريقية

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 21
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon