وقف إطلاق النار سباق مع الوقت

وقف إطلاق النار... سباق مع الوقت

وقف إطلاق النار... سباق مع الوقت

 لبنان اليوم -

وقف إطلاق النار سباق مع الوقت

ناصيف حتّي
بقلم: الدكتور ناصيف حتّي*

تراجعت إسرائيل عن أهدافها ذات السقف المرتفع في غزة، من دون الإعلان عن ذلك رسمياً؛ الأمر الذي يظهر جلياً في تغيير الاستراتيجية الإسرائيلية من السيطرة الكاملة العسكرية والأمنية على القطاع إلى «الاكتفاء» بمقترح بعض القيادات العسكرية، منذ اليوم الأول، بالسيطرة الكلية على شمال القطاع «وتنظيفه» من السكان، وطردهم نحو جنوب القطاع، وجعله منطقة أمنية عازلة لإسرائيل تمنع حدوث «مفاجآت» تهدد الأمن الإسرائيلي، مثلما حصل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي. تراجعٌ في غزة يواكبه ازدياد الحرب على الجبهة الشمالية تصعيداً واتساعاً في الجغرافيا والأهداف، للتخلص كلياً من الخطر المتزايد الذي يمثله «حزب الله» في دوره، وكذلك في وزنه وعمقه الاستراتيجيين، وذلك في إطار المواجهة المتزايدة مع إيران، ولو بالوكالة حتى الآن. مواجهة كان عنوانها وحدة الساحات... عنوان بدأ بالخفوت على المستوى الواقعي مع قبول «حزب الله» الركن الأساسي في استراتيجية وحدة الساحات بوقف القتال على الجبهة اللبنانية، من دون الربط الذي كان قائماً بشكل واضح مع جبهة غزة. استمرار الحرب الإسرائيلية والتصعيد الذي تحمله وأزمة النزوح المتزايدة (نحو مليون ومائتي ألف نازح) على باب فصل الشتاء (وفي بلد يعيش أساساً أوضاعاً اقتصادية واجتماعية صعبة جداً) تعجل من مخاطر حدوث انهيار كبير. التضامن الوطني والإنساني مع النازحين أمر أكثر من ضروري، وهذا ما نشهده. ولكن مع ازدياد عدد النازحين في الحرب المفتوحة التي تشنها إسرائيل، فيما «المجتمع الدولي» في وضع المتفرِّج، فهنالك الخوف من حصول الانهيار الكبير، وما يحمله من تداعيات خطيرة على المجتمع وعلى الدولة. يحصل ذلك فيما تعمل إسرائيل على تهميش دور «اليونيفيل» ومحاصرته. رسالة إسرائيلية تهدف إلى تغيير «قواعد اللعبة» كافة في جنوب الليطاني، وذلك حسب الشروط التي تحاول فرضها عبر هذه الحرب.

الدعوات التي كانت تصدر لوقف إطلاق النار، ولو بشكل مؤقت، لم تودِ إلى نتيجة، رغم أن أطرافها الدولية تملك قدرة التأثير على إسرائيل، فيما لو أرادت ذلك.

نحن اليوم أمام مفترق طرق بين وقف القتال أو الانزلاق لحرب موسَّعة، إذا ما استمرت الحرب الدائرة. البيان الصادر عن القمة الخليجية - الأوروبية دعا إلى وقف القتال، وهذا موقف أوروبي جيد يجب ترجمته. وفي الرابع والعشرين من هذا الشهر تستضيف فرنسا مؤتمراً دولياً لدعم لبنان: لتوفير مساعدات إنسانية، وكذلك دعم الجيش اللبناني، حتى يستطيع أن يتحمل مسؤولياته بفعالية عند التوصل إلى وقف إطلاق النار، وكذلك العمل على حل دبلوماسي يسمح بعودة النازحين، وفقاً لقرار «مجلس الأمن 1701». القرار الذي استبدل تنفيذه الكامل، منذ اعتماده في عام 2006 بتفاهمات غير مباشرة سمحت بتوفير الاستقرار المطلوب، الذي سقط مع حرب غزة ووحدة الساحات. ومن المنتظر أن يصدر مؤتمر باريس موقفاً حازماً حول ضرورة وقف إطلاق النار.

خفض التوتر الذي تعمل عليه بعض العواصم الفاعلة ضروري، ولكنه غير كافٍ. الحل المطلوب والواقعي يبدأ بوقف إطلاق النار على الجبهتين اللبنانية والغزاوية، من دون الربط المباشر بينهما، رغم التأثير المتبادل بين الجبهتين على مستوى التهدئة الشاملة. التهدئة التي يُفترض أن توفر الشرط الضروري للعودة لإحياء عملية سلام فعلية ما زالت بعيدة جداً، وأمامها كثير من العوائق، ولكنها ضرورية لعدم الانزلاق مجدداً، تحت عناوين مختلفة ولمصالح وأهداف متعددة في حروب جديدة.

واشنطن لديها مسؤولية خاصة بسبب طبيعة علاقاتها مع إسرائيل للعمل الفعلي لوقف النار. ولا يكون ذلك إلا من خلال قرار يصدر عن مجلس الأمن في هذا الخصوص، وهي المسؤولية الأولى للمجلس على جدول مسؤولياته بشأن الأمن والسلم الدوليين.

وقف إطلاق النار شرط ضروري للبحث بشكل فعال في صيغ التفاوض، وفي المسارات المطلوبة لذلك. فلا يمكن أن تبقى إسرائيل تتمتع بحصانة دولية تسمح لها بانتهاك فاضح ومستمر لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة؛ لما لذلك من تداعيات خطيرة على الأمن والسلم في الشرق الأوسط وعلى مصالح الجميع، سواء أكانوا في الإقليم أو خارجه.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وقف إطلاق النار سباق مع الوقت وقف إطلاق النار سباق مع الوقت



GMT 17:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ميلاد مجيد محاصر بالتطرف

GMT 17:16 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكومة العالم

GMT 17:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

هل انتهى السلام وحان عصر الحرب؟!

GMT 17:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟

GMT 17:13 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مقتل الديموغرافيا

GMT 17:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مبدأ أثير لدى ساكن البيت الأبيض

GMT 17:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماذا تبقى من ذكرى الاستقلال في ليبيا؟

GMT 17:10 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظاهرة الأصولية وحالة «التأقلم الماكر»

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 17:52 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

دواء جديد يوقف تطور مرض ألزهايمر في مراحله المبكرة
 لبنان اليوم - دواء جديد يوقف تطور مرض ألزهايمر في مراحله المبكرة

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية

GMT 13:08 2019 الإثنين ,04 شباط / فبراير

أمير منطقة الرياض يرأس جلسة مجلس المنطقة

GMT 02:47 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طريقة إعداد وتحضير حلى التوفي البارد

GMT 11:29 2012 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

ضرائب متراكمة على النجمة باميلا أندرسون

GMT 13:54 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

المحرق ينظم مهرجانه الخامس عشر بمناسبة الأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon