«المنطقة الاقتصادية» لتثبيت المنطقة العازلة

«المنطقة الاقتصادية» لتثبيت المنطقة العازلة!

«المنطقة الاقتصادية» لتثبيت المنطقة العازلة!

 لبنان اليوم -

«المنطقة الاقتصادية» لتثبيت المنطقة العازلة

بقلم:حنا صالح

تتسارع مخاطر التغيير الجيوسياسي في المنطقة التي بدأت منذ اليوم التالي على «طوفان الأقصى»، مع انتقال إسرائيلي استراتيجي من نهج اعتماد الدفاع عن حدود ما قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إلى الهجوم المدمر لفرض مناطق عازلة تحت عنوان تأمين الحماية للكيان الصهيوني.

الدمار الممنهج لقطاع غزة واتساع قضم الضفة، وما حدث في لبنان وسوريا والحرب الخاطفة على إيران، لم تكن مجرد أحداثٍ عارضة تحتمل التعاطي معها وكأنها لم تحدث. فـتل أبيب التي تخوض أكثر حروبها توحشاً بوهم القدرة على إنهاء القضية الفلسطينية، ماضية في محاولة ترجمة انتصاراتها بتحولٍ جيوسياسي، سبق لبنيامين نتنياهو أن وصفه بـ«شرق أوسط جديد» على مقاس طموحات الكيان الصهيوني.

في الأسابيع الماضية، قبل زيارة الوفد الأميركي الموسع إلى بيروت وبعده، وعبر ما تخلل الزيارة وصولاً إلى ما سربته «الواشنطن بوست» عن خطة «الوصاية» الأميركية على غزة، تبدو المنطقة عشية تطورات دراماتيكية، تحمل في طياتها مخاطر النزوع إلى محاولة تغيير الخريطة الجيوسياسية في الإقليم. وبهذا السياق، ليست زلة لسان أن يكرر الموفد الرئاسي الأميركي توم برّاك الهجوم على حدود «سايكس بيكو»، ويعلن أن إسرائيل بوسعها الذهاب «إلى حيث تشاء» لتأمين أمنها وسلامة مواطنيها!

هنا يبدو مشروع «ريفييرا» غزة الأميركي، متقدماً على المخطط الصهيوني لمحاصرة أكثر من مليوني غزاوي في رقعة أرض لا تتجاوز الـ20 في المائة من مساحة القطاع، أي 73 كيلومتراً مربعاً. فوفق «الواشنطن بوست»، هناك إغراءات للجائعين بالسنتات لفرض تهجير «طوعي» (5 آلاف دولار وتأمين إيجار 4 سنوات وغذاء لمدة سنة)، ونقل الأعداد المتبقية إلى منطقة آمنة داخل القطاع (...) إنه مشروع يستنسخ نظام الفصل العنصري المقبور في جنوب أفريقيا الذي حدد ملكية الأكثرية السوداء بـ8 في المائة فقط!

في حين أن الطروحات الأميركية بالنسبة للبنان تتجاوز المطالب الإسرائيلية لجهة فرض منطقة عازلة خالية من أهاليها. ضرب الموفد الأميركي برّاك بعرض الحائط مصير عشرات ألوف الأسر عندما اختصرهم بالإعلان عن مشروع «تعويض» لمقاتلي «حزب الله» لدى تسليمهم سلاحهم؛ ظناً منه أنه بذلك يفتح الطريق لإقامة «المنطقة الاقتصادية». ولاقته منظومة الفساد، التي لم تحاسَب على دورها في المنهبة ولم تمس مصالحها مطلقاً، في الترويج عبر أبواقها، أنها ستكون منطقة جاذبة للاستثمارات، محمية ومضمونة أميركياً، كما تروّج أن لبنان، المنهوب الذي أُفقر عمداً، أمام فرصة لا تتكرر. وكان السناتور ليندسي غراهام قد ألمح لفكرة معاهدة دفاعية «لحماية التنوع الديني»!

من غزة إلى الجنوب يكشف الموفدون الأميركيون الخبراء في التطوير العقاري عن مشاريع صفقات عقارية، تحذف من قاموسها كل ما يتعلق بحياة الناس وأحلامهم وتاريخ البلد وإرثه الثقافي والتاريخي. فمشروع تحويل جنوب الجنوب «منطقة اقتصادية»، تقوم على أنقاض بلدات الحافة الأمامية التي مُنِع أهلها من العودة، يجسّد رغبات العدو في منطقة عازلة تهجر غالبية أبناء منطقة جنوب الليطاني، ولا يلتفت إلى مصير عشرات ألوف الأسر المقتلعة قسراً، ولا يقيم وزناً لأبعاد المخاطر المتأتية عن التغيير الديموغرافي الذي يتضمنه. وجلي أن هذا المشروع الخطير يكتمل مع خطوات الاحتلال المتسارعة في الجنوب السوري، فبعد استكمال السيطرة على الجولان والتمدد إلى قمة جبل الشيخ، تجاوزت تل أبيب كل الطروحات بشأن العودة لاتفاق فصل القوات عام 1974، أو الذهاب إلى معاهدة أمنية، بالإصرار على جعل جنوب سوريا منطقة عازلة تمتد من أطراف ريف دمشق والقنيطرة ودرعا وصولاً إلى السويداء والتنف!

لقد ثبت التخادم بين «حزب الله» وإسرائيل. فالتمسك بالسلاح اللاشرعي لأسباب ذاتية، أهمها أنه الناخب الأول الذي يحدد حجم «الحزب»، أو لأسباب إيرانية تخدم ملف التفاوض مع الأميركيين... يصبّ في طاحونة العدو الإسرائيلي الذي لم يعد يخفي مطامعه؛ ليستفيد من ذلك في توسيع الاعتداءات وتعميق التغيير في الجنوب لربطه بالجنوب السوري. أمام هذا الوضع، ماذا على لبنان أن يفعل؟ وما الخيارات المتبقية؟

اتبع رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام منطق منح الأولوية للتعافي، مشدداً على أن ذلك لا يكون إلا بسلاح شرعي واحد وبسط السيادة بالقوى الشرعية، ودولة قوية قادرة عادلة تستعيد الثقة والاحترام فيحتضن مواقفها الأشقاء والأصدقاء. تبعاً لذلك؛ فإن مجلس الوزراء، أعلى سلطة تنفيذية، بتّ مصير السلاح اللاشرعي، تنفيذاً للطائف والدستور وخطاب القسم والبيان الوزاري والقرار (1701)، كما اتفاق «ترتيبات وقف الأعمال العدائية»، الذي فاوض عليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بموافقة نعيم قاسم، وقضى بحصر السلاح في كل لبنان بيد القوى الشرعية. ومجلس الوزراء الذي سينعقد اليوم الجمعة لدرس وإقرار خطة الجيش، لجمع كل السلاح، لن يقبل عزل لبنان مجدداً ولا الانتحار السياسي، وخياره الوحيد المضي في تنفيذ القرارات التاريخية للحكومة؛ لأنها معبر وحيد لقيام الدولة القادرة على الدفاع عن البلد، وسواسية عن كل أبنائه، واستكمال تحريره، وفرض العودة الآمنة وإسقاط الاستباحة... وكم كان ذلك سيصبح سريعاً لو تمت المبادرة إلى خطوات ترسل إشارة جدية على اعتزام الدولة بسط سيادتها المالية والاقتصادية واستكمال استرجاع الثقة بإعادة الودائع لأصحابها ومحاسبة الفاسدين.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«المنطقة الاقتصادية» لتثبيت المنطقة العازلة «المنطقة الاقتصادية» لتثبيت المنطقة العازلة



GMT 21:11 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

“حكومة التعريفة” ولغز النفط وتسعير مشتقاته

GMT 21:11 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

فستان الرَّئيس «السَّابق»

GMT 21:10 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

ذاكرة شفوية منقوشة في جدار الزمن

GMT 21:09 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

ذاكرة شفوية منقوشة في جدار الزمن

GMT 21:08 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قانون «الفجوة» ومرتكبو الجرائم المالية!

GMT 21:07 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

أهداف إسرائيل وحسابات سوريا الجديدة

GMT 21:06 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

تعقيدات المفاوضات الأوكرانية

GMT 21:05 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

تغيير الخطاب وتعديل المسار

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 20:43 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مأساة أم مصرية تشعل مواقع التواصل بعد عرض أطفالها للبيع
 لبنان اليوم - مأساة أم مصرية تشعل مواقع التواصل بعد عرض أطفالها للبيع

GMT 21:44 2017 الأحد ,10 أيلول / سبتمبر

كيف تتحكمين في صرخات طفلك المحرجة؟

GMT 22:16 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ألوان الموضة لخريف وشتاء 2026 توازن بين الأصالة والابتكار

GMT 14:56 2023 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

الطبابة في حوض الفولغا

GMT 09:27 2015 الثلاثاء ,14 إبريل / نيسان

موقع صحيفة "الحياة" يتعرض إلى القرصنة

GMT 12:39 2015 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الأخطبوط يلجأ إلى حيل مثيرة للدهشة للإيقاع بالفريسة

GMT 07:35 2020 الجمعة ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

توماس باخ يؤكد أنهم مستعدون لإقامة أولمبياد طوكيو

GMT 22:11 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

دليل تنظيف اللابتوب

GMT 22:18 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

فالنتينو تخطف الأنظار بمجموعتها لموسم 2018

GMT 09:01 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

ماجد المصري ينتهي من تصوير فيلم خمس جولات
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon