عن ثنائية نزع السلاح ومنطلق الإصلاح

عن ثنائية نزع السلاح ومنطلق الإصلاح

عن ثنائية نزع السلاح ومنطلق الإصلاح

 لبنان اليوم -

عن ثنائية نزع السلاح ومنطلق الإصلاح

بقلم:حنا صالح

حسمت المطالعة الدستورية لرئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام من عين التينة الجدل اللغوي الذي ارتبط بقرار مجلس الوزراء يوم 5 أيلول «الترحيب» بخطة الجيش لحصر السلاح بيد الدولة، وبسط السيادة بواسطة القوى الشرعية وحدها من دون أي شريك. كان لافتاً تأكيده أن المنطلق هو «اتفاق الطائف الذي تأخرنا عشرات السنين عن تطبيقه»... وأن مجلس الوزراء قرر «التعامل الإيجابي» مع خطة الجيش، و«أكيد لا تراجع» عن جمع السلاح... والأهم «ما في شي اسمه استراتيجية دفاعية... وما حدا يأخذنا على محلات ثانية».

بات جلياً أن الآلية التي وضعتها القيادة العسكرية تطلق يد الجيش في البحث والمداهمة ومنع حمل ونقل السلاح، على كافة الأراضي اللبنانية؛ ما يعني أن سلاح «الحزب» فقد غطاءً شرعياً فُرض قسراً على البلد، ولا مشروعية له أمام رفض بقائه من جانب الأغلبية العظمى من اللبنانيين. ومؤكد أن محاولات تبرير عدم تسليمه ستعمّق أزمة «حزب الله» وعزلته، ومع مرور الأيام لن تقبل «البيئة اللصيقة» وظيفة حماية السلاح واحتماء «الحزب» بها، بعد انهيار سرديات الردع والتوازن والحماية!

حماية المصالح الوطنية، وحماية المواطنين، وانتقال لبنان إلى طور جدي لتحرير الأرض، وفتح باب العودة المستدامة لعشرات ألوف الأسر المهجّرة التي مُسحت بلداتها من الخريطة... مهام تفترض جدية عالية في جمع السلاح، الذي هُزِمَ كدور في المواجهة مع العدو، فضلاً عن كونه منعدم التأثير في المواجهة مع أميركا دفاعاً عن إيران. أما «أفضال» هذا السلاح فهي علقم طال اللبنانيين عندما خنق لبنان وعزله، وفي دوره المحوري في تغطية الفساد وتكوين تحالف «مافياوي» ناهب أذلَّ المواطنين. لكن يبقى بين أخطر الأمور أن بقاء السلاح حتى الانتخابات سيتحول إلى ناخب أول للمضي بتزوير الإرادة الحرة للمقترعين، وهو رهان على خلق ظروفٍ تمكن «الحزب» من الانقلاب على القرارات التاريخية للحكومة، والتجربة شاهد على أن آخر همومه بقاء لبنان أرضاً مستباحة، وإخضاع اللبنانيين لعقاب جماعي عاشه البلد إبان دمار حرب «الإسناد».

هذا المنحى السيادي المنسجم مع الدستور والبيان الوزاري لا يمكن أن يُحمى إلّا إذا اكتمل بخطوات إصلاحية جدية تنتظرها غالبية تعرضت للإذلال وامتهان الكرامة. فالسيادة المالية والاقتصادية القائمة على الشفافية والعدالة صنوان مع بسط السيادة على كامل التراب اللبناني. وهذا المنحى هو ضمانة للعدالة الاجتماعية وقيام دولة راسخة الأركان. والمؤكد أنه مع بدء القضاء الفرنسي التحقيق بشبهات فساد وتبييض أموال، تعرف حكومة نواف سلام أنه ما من موقوف ولا متهم من المافيا التي نهبت المال العام وسطت على ودائع بينها حسابات تقل عن 100 ألف دولار تعود لنحو 800 ألف عائلة.

هنا أفتح مزدوجين للإشارة إلى أنه غداة «انتفاضة الاستقلال» عام 2005، ناقشت نخب «آذارية»، من بينها دكتور سلام، الخطوات الإصلاحية المفترضة لإنجاز «الاستقلال الثاني» بقيام الدولة القادرة والعادلة، ببرنامج يضمن الشفافية والمحاسبة لقيام عدالة اجتماعية، وفتح باب زمن المنافسة وتكافؤ الفرص وحماية الحريات، والتحذير من خطورة «الاتفاق الرباعي» على المسار اللاحق. وإن كان سمير قصير المبادر لهذا الطرح، فإن آخرين مدعومين من متزعمي الطوائف، نجحت طروحاتهم عن إمكانية لبننة «حزب الله»، وإلى اليوم «ينصح» بعضهم «الحزب» بالعودة إلى الدولة بشروطها (...)، وهو تنظيم ميليشياوي ذو آيديولوجيا مذهبية لا ولاء لبنانياً له. والبقية معروفة، فإن اقتصار البرنامج «الآذاري» على إخراج الجيش الأسدي، وهزِّ النظام الأمني اللبناني مرحلياً، وتغييب الإصلاح، أفضى لأخطر منهبة أخذت لبنان إلى الجحيم.

كبيرة هي مخاطر تغييب الإصلاح الحقيقي. واليوم بينما القضاء العالمي يتابع دعاوى تقدم بها عدد من المودعين، واعتبر السطو على الودائع «جريمة منظمة قامت بها جمعية أشرار»، يدور الحديث في بيروت عن «فجوة»، فهل انشقت الأرض وابتلعت 200 مليار دولار؟ الخطورة في المصطلح أنه يعفي مسبقاً الكارتل المصرفي الناهب من المسؤولية، ويتأكد ذلك بتداول طروحات عن شطب 34 مليار دولار من الودائع من دون الاستناد لأي تدقيق جنائي أو قضائي بهدف خفض الفاتورة... وإن أخذنا في الاعتبار طروحات الحاكم كريم سعيّد التي تقترح سداد الودائع حتى 100 ألف دولار بين 4 و6 سنوات إضافية (...)، وأن يكون استحقاق الودائع حتى مليون دولار بين 10 و20 سنة، فإن ما يجري يهدف إلى عدم محاسبة فئة «البنكرجية» والتستر على التحالف «المافياوي»، ومثل هذا المنحى سيطيح بالتأكيد بالحكومة السلامية!

وللإصلاح أكثر من منحى: كيف ترتضي الحكومة أن تقتصر الدراسة في المدرسة الرسمية على 4 أيام والساعة الدراسية أقل من 50 دقيقة، فيما التدريس في القطاع الخاص 5 أيام والساعة 55 دقيقة؟ فإلى أين يتم أخذ التعليم الرسمي الذي في زمن الحرب الأهلية استمر قيمة مضافة للبلد؟ وأين هي العدالة، وهي رسالة للداخل والخارج، مع ترقية ضابط أمني كبير، ثبت اتهامه بتلفيق ملفٍّ بالعمالة للعدو لفنان الشعب المسرحي زياد عيتاني، الذي أمضى أشهراً طويلة وراء القضبان قبل ثبوت براءته؟ ثم أين الإصلاحات الانتخابية؟

مرة أخرى نزع السلاح والإصلاح القائم على الشفافية والعدالة وجها ميدالية قيامة لبنان وتعافيه!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن ثنائية نزع السلاح ومنطلق الإصلاح عن ثنائية نزع السلاح ومنطلق الإصلاح



GMT 21:11 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

“حكومة التعريفة” ولغز النفط وتسعير مشتقاته

GMT 21:11 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

فستان الرَّئيس «السَّابق»

GMT 21:10 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

ذاكرة شفوية منقوشة في جدار الزمن

GMT 21:09 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

ذاكرة شفوية منقوشة في جدار الزمن

GMT 21:08 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قانون «الفجوة» ومرتكبو الجرائم المالية!

GMT 21:07 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

أهداف إسرائيل وحسابات سوريا الجديدة

GMT 21:06 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

تعقيدات المفاوضات الأوكرانية

GMT 21:05 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

تغيير الخطاب وتعديل المسار

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 20:43 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مأساة أم مصرية تشعل مواقع التواصل بعد عرض أطفالها للبيع
 لبنان اليوم - مأساة أم مصرية تشعل مواقع التواصل بعد عرض أطفالها للبيع

GMT 21:44 2017 الأحد ,10 أيلول / سبتمبر

كيف تتحكمين في صرخات طفلك المحرجة؟

GMT 22:16 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ألوان الموضة لخريف وشتاء 2026 توازن بين الأصالة والابتكار

GMT 14:56 2023 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

الطبابة في حوض الفولغا

GMT 09:27 2015 الثلاثاء ,14 إبريل / نيسان

موقع صحيفة "الحياة" يتعرض إلى القرصنة

GMT 12:39 2015 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الأخطبوط يلجأ إلى حيل مثيرة للدهشة للإيقاع بالفريسة

GMT 07:35 2020 الجمعة ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

توماس باخ يؤكد أنهم مستعدون لإقامة أولمبياد طوكيو

GMT 22:11 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

دليل تنظيف اللابتوب

GMT 22:18 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

فالنتينو تخطف الأنظار بمجموعتها لموسم 2018

GMT 09:01 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

ماجد المصري ينتهي من تصوير فيلم خمس جولات
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon