برّاك نفِّذوا ما عليكم تُنقذوا لبنان

برّاك: نفِّذوا ما عليكم تُنقذوا لبنان!

برّاك: نفِّذوا ما عليكم تُنقذوا لبنان!

 لبنان اليوم -

برّاك نفِّذوا ما عليكم تُنقذوا لبنان

بقلم:حنا صالح

الفشل هو العنوان الذي يلخص نتائج الزيارة الثالثة للموفد الرئاسي الأميركي توم براك. والفشل هنا لبناني بالتأكيد وليس أميركياً، والتعبير عنه اتخذ أكثر من شكل؛ إنْ بالمباحثات المقتضبة مع الرسميين أو في ملامح الإحباط التي رافقت إطلالته من السراي الحكومي: «نحن هنا لمحاولة التأثير وحل الأمور لكي يتم التوصل إلى النموذج الذي تريدون رؤيته لحياتكم ولأطفالكم وللسلام. نشعر بخيبة أمل»!

لم يُسمَع جديد يُنهي الأشهر الطويلة من الاستعصاء المتصل بنزع سلاح «حزب الله»؛ لا في لقاء القصر الجمهوري مع الرئيس جوزيف عون، ولا في لقاء السراي مع رئيس الحكومة نواف سلام. فحملت المذكرة التي تسلمها عناوين مكررة، غاب عنها جوهر الموضوع: برنامج زمني لجمع السلاح من كل لبنان، والالتزام بمُهل للتنفيذ. قبل اللقاءات الرسمية كانت لديه الصورة الكاملة: «حزب الله» متعنِّت، يضغط لتغييب فكرة نزع السلاح عن أي نقاش. والصفحات الخمس التي صاغها الفريق الاستشاري، بعيداً عن أي دور لمجلس الوزراء، الجهة المرجعية في القرار، فصَّلت المتعلق بجنوب الليطاني لجعله منطقة منزوعة السلاح، إلاّ من سلاح الدولة و«يونيفيل». أما في شمال الليطاني وكل لبنان، فالسلاح والبنى العسكرية سيخضعان لحوار داخلي(..) يقول «الحزب» إنه ينبغي تنفيذ إسرائيل انسحابها من النقاط الخمس، ووقف الاعتداءات وتسليم الأسرى، ثم يكون الحوار حول استراتيجية دفاعية تحمي لبنان!

وإلى طروحات عادت إلى المربع الأول ويُراد منها نسف اتفاق وقف النار، بتحريف مضمونه الذي وضع كل لبنان تحت أعين الرقابة الأميركية والدولية والإسرائيلية أيضاً، فإن ما زاد الطين بلّة، إحاطة برّاك علماً بأن جواب المذكرة الأميركية عند رئيس المجلس بري الذي يحمل موقف «حزب الله». أمر طرح السؤال المهم عمَّا إذا كانت السلطة تتحدث بلغة واحدة، وألا يعني تمايز موقف بري إضعافاً للموقف الرسمي؟ وألا يفتح ذلك باب تدخل ممانع إيراني يهمِّش دور السلطة؟ وهنا كان لافتاً أن برّاك وضع النقاط على حروف «الحزب»: «إنه منظمة إرهابية لا نتفاوض معها... لا ضمانات... ولا نرغم إسرائيل بأي شيء»!

في زيارته السابقة، رغم اللياقة الدبلوماسية قال برّاك: «السلاح مشكلتكم أنتم. ومن دون أمن واستقرار لن يحصل لبنان على أي دعم لانتشاله... ولن نكون هنا في العام القادم لنقاش القضايا نفسها». وفي الزيارة الأخيرة، عندما لم يعثر على أكثر من تلميح للجوهر، جدد الموقف الأميركي من سحب السلاح اللاشرعي غير القابل للمساومة: «إنه مسؤوليتكم، وإلّا فإن الولايات المتحدة ستسحب يدها من الملف اللبناني، وستعد هذا الأمر شأناً داخلياً، فتدبَّروا أموركم. وعندما تم تذكيره بمواقف أميركية سابقة حملت الحرص على لبنان، فاجأ محاوريه بإبلاغهم بأنه «ليس لدى الولايات المتحدة ما يجبرها على مساعدة لبنان في حال تخلفت السلطة عن القيام بالمطلوب منها»!

في زيارة السفير برّاك تأكد المؤكد: لا هدايا أميركية أو إسرائيلية لـ«حزب الله» مقابل التخلي عن السلاح. على السلطة أن تكون مبادرة ومقدامة في اختيارها استعادة السيادة كاملةً وعدم ترك مصير لبنان للآخرين. فبموازاة تمسك «الحزب» بالسلاح و«المقاومة» وخطر وضع البلد أمام مجهول يجدد نكبة الجنوب والكارثة التي يلوِّح بها العدو، آن أوان الانتقال من مرحلة الكلام المكرر والنيات الحسنة إلى الأفعال، لأن الفرصة ليست مفتوحة، وخطير جداً دفع واشنطن للتخلي عن دور الوسيط مع انعدام البدائل كليَّةً!

عند التبصر بالنتائج المتأتية عن السلاح اللاشرعي، يتأكد أن «حزب الله» مسؤول عن أخطار مميتة طالت كل لبنان، وعن كارثة تعاني منها البيئة الشيعية بزعم حمايتها. وهنا يكفي التوقف عند ما آل إليه هرم الأعمار في كل الجنوب مع الاختلال الكبير في أعداد الفئات الشابة. لذا تبدو عبثية المزاعم التي تروَّج بأن «السلاح صار ضرورة لمواجهة الخطر الوجودي، ومصدر طمأنينة» كما ادعى الشيخ نعيم قاسم، متجاهلاً أن سلاح «حزبه» استدرج الاحتلال مجدداً، وجعل البلد مستباحاً، وبات جنوب الليطاني غير قابل للعيش. وبالطبع تستند هذه المزاعم إلى التطورات الخطيرة التي شهدتها السويداء وجنوب سوريا بعد أحداث الساحل وجرمانيا.

هنا نفتح مزدوجين لكي نشير إلى أنه إثر انهيار النظام السوري، تم ملء الفراغ بالقوة الأكثر جاهزية التي اتخذت مبادرات أصابت وأخطأت، والعمل مطلوب بإلحاح لولوج زمن قيام دولة كل السوريين. أما في لبنان فالأمر مغاير بعد الخروج من الشغور الرئاسي ولإنهاء الفراغ في السلطة. هناك مؤسسات مقبولة يُستكمل ترميمها، والأكثرية الساحقة تحتضن القوى العسكرية التي يعوَّل عليها لبسط السيادة من دون شريك. وبوسع هذه الدولة التي أعلنت التزام الدستور وقرارات الشرعية الدولية حماية شعبها ودرء الأخطار عن وجودها ووجود كل الشرائح التي تكوِّن الاجتماع اللبناني. وعندها ستكون محتضَنة من أشقائها والأصدقاء في العالم... والشرط الشارط مغادرة حال المراوحة والتردد، لأن ذلك يهدد بعزل البلد، ودخول مرحلة تصريف أعمال جديدة، والبقاء في حلقة مفرغة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

برّاك نفِّذوا ما عليكم تُنقذوا لبنان برّاك نفِّذوا ما عليكم تُنقذوا لبنان



GMT 20:07 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

نظرية أردنية.. أكبر قضية تستغرق 24 ساعة ثم تختفي!

GMT 20:06 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

الكتاب اليتيم

GMT 20:05 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

ترمب و«الإخوان»... الداء والدواء

GMT 20:04 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

تراخٍ أميركي وتشدد أوروبي لإنهاء الحرب في أوكرانيا!

GMT 20:03 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

السودان... ماذا بقي من «ثورة ديسمبر»؟

GMT 20:02 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

العربية مشكلة سياسية

GMT 20:01 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

مُكْرَه أخاك في كييف... لا بطل

GMT 20:00 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

عانى منها أستاذ شهير

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:38 2020 الخميس ,23 إبريل / نيسان

بريشة: هارون

GMT 05:41 2021 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

كابيكا يكشف سر "رحلة الجنون"إلى أوروبا معلقا بعجلات طائرة

GMT 13:08 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

المريسل يوجه رسالة هامة لجماهير أهلي جدة

GMT 08:29 2020 السبت ,16 أيار / مايو

ومضات

GMT 18:59 2021 الثلاثاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

نفوق "توبي" أكبر وحيد قرن أبيض في العالم

GMT 17:18 2023 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

أزياء مبهجة تألقي بها في شم النسيم

GMT 14:47 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

أخطاء في الحياة الزوجية يجب تجنبها

GMT 13:19 2013 الجمعة ,05 تموز / يوليو

ممارسة الجنس المنتظم يجعلك تبدو أصغر عمرًا

GMT 10:54 2021 الأحد ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

معلم مصري يضرب طالباً بوحشية ويُثير موجة غضب

GMT 11:56 2012 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس مرسي يوقع مرسوم تنفيذ الدستور الجديد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon